رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المبالغة في تكاليف تمويل السيارات

تولي الأسر والأفراد اهتماما كبيرا بقرارات شراء السيارات، نظرا إلى ارتفاع تكاليفها وأهميتها لميزانياتهم، ويبذلون جهودا وأوقاتا في عمليات تسوقها. يركز المشترون في الأغلب على الأسعار ويحاولون جهدهم خفضها ولو بقدر بسيط. قد يحظى بعضهم بخفض محدود في عمليات التفاوض، لكن يغفل معظمهم عن التكاليف المخفية والإضافات غير الضرورية، التي يسعى البائعون من خلالها إلى جلب أكبر قدر من المال.
وتشمل ممارسات البيع وضع إضافات بسيطة على السيارات قد لا يحتاج إليها المشتري أو يمكنه الحصول عليها خارج الوكالات والمعارض بتكاليف أقل بكثير. يحاول كثير من بائعي السيارات الجديدة الحصول على مبالغ إضافية بالآلاف مقابل ضمانات إضافية مبالغ في تسعيرها لا يستفيد منها معظم المشترين، وقد تكون عديمة الجدوى في معظم الأحوال. لكن أكبر المكاسب التي يسعى بائعو السيارات إلى الحصول عليها قد تأتي من خلال عمليات التمويل. وبخلاف المصارف، ينشط بائعو السيارات من وكلاء ومعارض وبعض الأفراد في عمليات تمويل السيارات، كما ينشئون مؤسسات وشركات تمويل.
يحاول الممولون عموما إغراء المقترضين بطرق وأساليب شتى، أهمها إضافة أكبر قدر من التكاليف والإيهام بانخفاض نسب فوائد التمويلات، وذلك من خلال إعلان نسب الفائدة البسيطة وإخفاء المعدلات الفعلية قدر الإمكان. ويضيف الممولون إلى أصل المبلغ المقترض ما يسمى رسوم الإصدار أو التكاليف الإدارية، ويحاولون إضافة تكاليف أخرى قدر الإمكان لرفع أصل الدين والحصول على فوائد أكبر.
معدلات الفائدة المعلنة على قروض السيارات وبعض القروض الأخرى معدلات بسيطة وليست المعدلات الفعلية للفائدة. ولا تأخذ معدلات الفائدة البسيطة في الحسبان المبالغ المدفوعة لإطفاء الدين، بينما الفعلية تخفض الفائدة مع مرور الوقت. ويبدأ سداد أقساط السيارات خلال شهر أو أكثر بقليل، وعند شروع المقترض في سداد الأقساط، فإنه يدفع الفائدة الشهرية على أصل الدين كله وجزء من أصل الدين. ولو استخدمت طريقة إطفاء الدين لتراجعت الفائدة الشهرية الإجمالية، وتناقص أصل الدين في الدفعات التالية بسرعة أكبر من طريقة الفائدة البسيطة، وانخفض حجم الفوائد على قروض السيارات بنسبة كبيرة قد تصل إلى النصف. وبشكل إجمالي، فإن معدلات الفائدة الفعلية على قروض السيارات هي ضعف المعلن.
تستخدم المصارف بما فيها ما يتصف بالإسلامية الأسلوب نفسه في الإقراض، بل تزيد عليها المصارف الإسلامية أو القروض المتوافقة مع الشريعة بعدم منح أي حسومات عند السداد المبكر. وذكر لي أحد الأشخاص أنه تم حجز مكافأة نهاية الخدمة من قبل المصرف الذي منحه قرضا تبقت منه أقساط قليلة. وعند مراجعة المصرف لرفع الحجز عرض على المصرف دفع باقي القرض مقدما، لكنه فوجئ بأن عليه دفع مبلغ أعلى من إجمالي الأقساط.
عموما، تبالغ المصارف ومؤسسات التمويل في معدلات الفائدة على قروض السيارات، حتى إن المعدلات الفعلية قد تصل إلى 25 في المائة. طبعا لا أحد يعلن أن معدل الفائدة الفعلية 25 في المائة، لكن يتم الإعلان عن معدلات أقل. والهدف من ذلك إغراء المستهلكين بالشراء والاقتراض، ثم توريطهم بالدفعات. من جانب آخر، ونظرا إلى ارتفاع أسعار السيارات لجأ الممولون أخيرا إلى تأجيل دفع جزء كبير من القرض كدفعة أخيرة، وذلك لتأهيل أكبر عدد ممكن للحصول على قروض، ثم توريطهم مجددا في الحصول على تمويل لسداد الدفعة الأخيرة. وأعتقد أنها ليست ممارسة سليمة، ومن الأصوب تجنبها أو حتى منعها.
من الأمثال الحية على نسب الفائدة المرتفعة ما يعرضه أحد أكبر الممولين على الإنترنت في تمويل سيارة صغيرة يقل سعرها قليلا عن 50 ألف ريال، وعند إضافة ضريبة القيمة المضافة ورسوم المرور، يصبح السعر النهائي للسيارة نحو 57 ألف ريال. في حالة هذه السيارة تم تأخير ما يقارب 20 ألف ريال كدفعة أخيرة بعد انتهاء فترة سداد القرض. ولو حسبنا القيمة الحالية للدفعة الأخيرة على أساس الفائدة المعلنة 13 في المائة لكانت نحو 12100 ريال. أي أن أصل القرض المدفوع من خلال الدفعات الشهرية نحو 45 ألف ريال. طبعا تمت إضافة 570 ريالا "1 في المائة من القرض" إلى أصل القرض كتكاليف إدارية أو رسوم إصدار، وهي ممارسة الهدف منها تحصيل المزيد من المستهلك، كما أضيفت تسعة آلاف ريال بدلا من ثمانية آلاف ريال كضريبة قيمة مضافة ورسوم مرور. وباعتبار قيمة القسط وعدد الدفعات، فإن معدل الفائدة الفعلية على الدفعات الشهرية لهذه السيارة يصل إلى 22 في المائة لو حسبت نسبة فائدة 13 في المائة على الدفعة الأخيرة، أما إذا تم توحيد الفائدة على كل القرض، فإن معدل الفائدة الفعلي في حدود 20 في المائة. وهذا المعدل مرتفع جدا مقارنة بمعدلات الفائدة الأساسية والتضخم ويظهر تربحا مبالغا فيه، وينبغي النظر في آلياته.
تعلن للمستهلكين نسب الفائدة البسيطة في مختلف أرجاء العالم لجذب المستهلكين، ولخدمة ممولي ومستوردي وبائعي السيارات. وينشط وكلاء السيارات ومعارضها وبعض المتعاملين فيها في عمليات تمويل السيارات وينشئون مؤسسات مالية فيها لارتفاع العائد منها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي