بعد انتهاء العهد الذهبي للاستدانة الرخيصة .. أولويات الخليجيين في إغلاقات الصكوك والسندات تتغير
تحث المصارف الدولية عملاءها الخليجيين المترددين، على إصدار سنداتهم، وذلك بعد انقضاء "العهد الذهبي" للاستدانة الرخيصة. غير أن اضطرابات السوق الثانوية لأدوات الدين المدرجة تجعل المستثمرين الأجانب يطالبون بعلاوة سعرية لتعويض انخفاض قيمة استثماراتهم بالسندات الجديدة بعد التداول عليها.
ولاحظت "الاقتصادية" أنه بعد اضطراب الأسواق خلال النصف الأول، قام المستثمرون المؤسسيون الخليجيون المتعطشون إلى الصكوك بملء "الفراغ المؤقت" لنظرائهم الآسيويين والأوروبيين، عبر دعمهم إصدارات المنطقة، الأمر الذي جعل جهات الإصدار الخليجية ترفع حصص التخصيص للمستثمرين الشرق أوسطيين من 40 في المائة إلى 82 في المائة في بعض الحالات.
وعلمت "الاقتصادية" بأن أولويات بعض المصدرين الخليجيين قد تغيرت نحو إغلاق صفقات الصكوك والسندات بنجاح، حتى لو تطلب الأمر دفع علاوة سعرية.
وذلك بخلاف ما كان قبل عام، حيث كانوا يتذمرون من دفع علاوة سعرية من خانتين قبل أن تغير ظروف السوق الحالية أولوياتهم.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى منصة "ريد"، أن عديدا من جهات الإصدار الخليجية المترددة في الذهاب إلى سوق الدين لم تقبل بعد "بالواقع الجديد" ولا تزال تعيش في "الزمن القديم"، في الوقت الذي تقود فيه تغطية الإصدار بأكثر من ثلاث مرات إلى عدم دفع علاوة سعرية.
ومنصة "ريد"، التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة في متابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
وأسهمت حالة التردد تلك في جعل البنوك الاستثمارية قلقة من انخفاض أرباح ترتيب إصدارات السندات الخليجية خلال العام الجاري وما يحمله من تسريحات للمصرفيين العاملين في المنطقة، ولا سيما من البنوك الدولية. مع العلم بأن الإصدارات الدولية المؤجلة تعود إلى أواخر 2021.
واضطر أحد المصدرين الخليجيين من ذوي التصنيفات الائتمانية القوية، الذي تقبل الواقع الجديد، إلى دفع تكلفة تمويل مرتفعة، في ظل بيئة الفائدة المرتفعة.
وأسهم ارتفاع أسعار النفط في جعل الجهات السيادية الخليجية تتريث مع أي خطط مطروحة سابقا نحو الاستدانة الدولية.
وهذه الاستراتيجية الجديدة تكمن في الانتظار لما تبقى من هذا العام حتى تصبح "سوق الدخل الثابتة" أكثر تقبلا للإصدارات الجديدة بعد هدوء اضطراباتها خلال النصف الثاني من العام.
ترقب لمزاد الصكوك السعودية
يترقب مستثمرو الدخل الثابت غدا مزاد الصكوك الادخارية للحكومة السعودية، وسط تداول عائد سندات الخزانة الأمريكية عند 2.9 في المائة، وذلك بعد أن كان العائد يتداول خلال النصف الأول من آب (أغسطس) ما بين 2.60 في المائة إلى 2.87 في المائة. وتحتفظ جهة الإصدار السيادية بخيار الطرح من عدمه.
وتطرح الحكومة مزادا شهريا من الصكوك الادخارية الخاص بآب (أغسطس)، الذي تبدأ فيه استقبال طلبات المستثمرين، الذين يبحثون عن الاستثمار الآمن والتوزيعات الدورية المضمونة، بأدوات الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة.
وستتم تسوية الإصدار المحلي في حال إتمام عملية الإصدار الخميس من الأسبوع الحالي، علما بأن هذا المزاد الشهري يعد الثامن لهذا العام.
ويستطيع المستثمرون الاطلاع على مواعيد الطرح المحدثة عبر صفحة مخصصة في منصة "بلومبيرج"، تعرف اختصارا بـ DMSA. وتتناسب تلك التعديلات مع أيام عمل السوق الدولية فيما يتعلق بإعلانات الإصدار ومواعيد التسوية.
ويحتاج العاملون في إدارات الخزانة للبنوك وكذلك المؤسسات الاستثمارية إلى معرفة مبكرة بموعد الطرح من أجل تخصيص المبالغ المطلوبة في ظل تدني نسبة التخصيص واشتداد المنافسة بين المستثمرين على الإصدارات الحكومية.
وبخصوص الطرح المقوم بالريال، فإنه لا يعرف حتى الآن فيما إذا كانت جهة الإصدار السيادية تنوي إعادة فتح إصدار سابق أو طرح إصدار جديد بالكامل أو مزيج بين المنهجيتين. مع العلم بأن جهة الإصدار تملك خيار عدم التخصيص للمستثمرين بعد تسلم طلباتهم كما فعلت في كانون الأول (ديسمبر) 2020، حيث يعد خيار عدم التخصيص أمرا طبيعيا ومتعارفا عليه في السوق المالية.
ويأتي الطرح المحلي بعد موافقة المقام السامي في آذار (مارس) 2020 على زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 في المائة كسقف إلى 50 في المائة، حيث تتوقع وزارة المالية ألا يتم تجاوز تلك النسبة من الآن حتى نهاية 2022.
خيار المضي في الطرح المحلي
بخلاف خيار المضي في الطرح، فإن جهة الإصدار "الحكومة السعودية" قد تستخدم المزاد لتحديث أسعار بعض آجال الاستحقاق.
وخلص رصد "الاقتصادية" إلى أن اكتمال عمليات سداد مستحقات أصل الدين مبكرا "في مايو"، وقبل نهاية العام، قد وضعت المملكة في موقف أفضل للتعامل مع تحديات ارتفاع أسعار الفائدة المتوقعة، مع خيار انتهاز أي فرصة تمويلية تقدمها الأسواق، التي يقابلها احتياج تمويلي لمشاريع تنموية.
وبعد جمع ما يقارب 43 مليار ريال، حسب الاحتياجات التمويلية لـ2022، وذلك بغرض سداد مستحقات أصل الدين، فإن مستثمري الدخل الثابت بدأوا يتساءلون عما إذا كان الباب لا يزال مفتوحا للسعودية من أجل طرح إصدار دولي خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتميز سوق الدين المحلية وازدياد عوائد النفط؟
عائد سندات الخزانة وارتباطه بالسعودية
بحسب التقويم الرسمي لإصدارات الصكوك المحلية للمملكة، تشرع السعودية غدا في عقد مزاد خاص بصكوك مقومة بالريال. مع العلم بأن جهة الإصدار السيادية تملك خيار المضي قدما من عدمه مع الإصدارات الشهرية، بعد اكتمال سداد مستحقات أصل الدين حسب الاحتياجات التمويلية لـ2022.
وتراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية خلال تعاملات الأسبوعين الأوليين لأغسطس، بعد بيانات أظهرت انكماش الاقتصاد في الربع الثاني من العام الجاري. وفضل المستثمرون الاتجاه إلى حيازة سندات الخزانة الأمريكية، بعد انكماش الاقتصاد الأمريكي 0.9 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري، مع تراجع الإنفاق الاستهلاكي وسط تسارع التضخم.
ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للاجتماع الثاني على التوالي، في حين ذكر رئيس البنك "جيروم باول" أنه قد يكون من المناسب زيادة الفائدة بالقدر نفسه في سبتمبر.
وصعد عائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام إلى 3.49 في المائة، خلال يونيو وهي مستويات تتم مشاهدتها للمرة الأولى هذا العام.
ومن شأن ذلك الصعود في عوائد الخزانة أن يصعد بتكلفة التمويل لجهات الإصدار التي تعتمد على الدولار أو العملات المحلية المرتبطه به. وتأتي تلك التطورات وسط توقعات بشأن تشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات رفع الفائدة، بالتزامن مع ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية.
حيث يسترشد المتعاملون بأسواق الدين بالسعودية بحركة عوائد آجال الاستحقاق المتباينة لسندات الخزانة، خلال تقييمهم لأسعار شرائح الصكوك المطروحة خلال المزاد الشهري.
وأظهر رصد "الاقتصادية" أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية يعيش حاليا فترات تشهد تقلبات يومية كبيرة وتأرجحا واضحا في العائد.
3 تحديات تواجه سوق الصكوك
شهدت معظم الدول الأساسية للتمويل الإسلامي خلال النصف الأول من 2022 تراجعا في الإصدارات، مع استثناءات قليلة فقط - مثل تركيا والبحرين والإمارات - حيث شهدت ارتفاعا طفيفا في الإصدارات، كما انخفضت الإصدارات بالعملة الأجنبية.
ولذلك قامت وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" بخفض توقعاتها لإصدار الصكوك لـ2022 إلى نحو 130 مليار دولار، بعد أن توقعت سابقا أن يراوح حجم الإصدارات ما بين 145 و150 مليار دولار، وترى الوكالة مزيدا من التحديات فيما يتعلق بحجم الإصدارات.
وهناك ثلاثة عوامل تفسر هذا التوجه السلبي، أولها انخفاض وارتفاع تكلفة السيولة العالمية، فقد دفعت المستويات المرتفعة للتضخم تاريخيا البنوك المركزية الرئيسة إلى تغيير سياستها وتسريع زيادة أسعار الفائدة، ما أدى إلى انخفاض السيولة العالمية وزيادة تكلفتها.
كما زاد ذلك من إحجام المستثمرين عن المخاطرة، حيث شهدت قطاعات رئيسة من أسواق رأس المال - على سبيل المثال المصدرون الحاصلون على تصنيف من فئة المضاربة - تراجعا ملحوظا في نشاطها في النصف الأول من 2022 مقارنة بـ2021. ولذلك فسوق الصكوك، باعتبارها أحد مكونات سوق رأس المال العالمي، ليست محصنة من التوجهات العالمية.
أما السبب الثاني فيعود إلى انخفاض الاحتياجات التمويلية للمصدرين، فقد أدى ارتفاع أسعار النفط منذ 2021 إلى تعزيز الميزانيات العمومية لدى عديد من المصدرين في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي. لذلك لم يكن مفاجئا انخفاض الإصدارات في النصف الأول من 2022.
ومع ذلك، تلاحظ الوكالة زيادة حجم الإصدارات بالعملة المحلية في السعودية لأن الحكومة تسعى إلى تطوير سوق رأس المال المحلي. كما دفعت تداعيات الجائحة وعدم اليقين فيما يتعلق بالبيئة التمويلية عديدا من الشركات إلى الحد من استثمارات النمو، أو اللجوء إلى البنوك للحصول على تمويل، أو البدء في تقليص المديونية.
أما السبب الثالث بحسب وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" فيكمن في أن تعقيدات الإصدار لا تزال تشكل عقبة. حيث يدرك المصدرون بشكل متزايد أن إجراءات إصدار الصكوك أكثر تعقيدا وتستغرق وقتا أطول من السندات التقليدية.
ورغم ذلك يلجأ بعض المصدرين إلى الصكوك لأنهم يتوقعون تنويع قاعدة المستثمرين لديهم. والخبر السار هو أن السوق يبدو أنها قد تتغلب على التحديات المتعلقة بتطبيق المعيار 59 الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
ومع ذلك، وفي حال دفع فقهاء المصارف باتجاه تخفيف التوثيق القانوني، وفقدت الصكوك خصائص أدوات الدخل الثابت مع إضافة مخاطر كبيرة مقارنة بالسندات التقليدية، فإن جاذبية الصكوك وآفاق السوق ستتراجع على الأرجح.
اكتمال عمليات التمويل
بحسب بيان الميزانية الرسمي لـ2022، فمن المتوقع ثبات حجم الدين العام عند 938 مليار ريال بنهاية 2022. وعليه، من المتوقع أن تشكل الاحتياجات التمويلية لـ2022 ما يقارب 43 مليار ريال لسداد مستحقات أصل الدين، إضافة إلى إمكانية النظر في عمليات تمويلية استباقية بحسب أوضاع السوق. يذكر أن توقعات استقرار محفظة الدين هي بحسب نهاية العام، حيث تتم عمليات التمويل للعام بأشهر مختلفة عن سداد أصل الدين المستحق خلال العام.
وفي 26 مايو، أعلن المركز الوطني لإدارة الدين انتهاءه من ترتيب عدد من الإصدارات ضمن برنامج صكوك المملكة المحلية بالريال السعودي لسداد مستحقات أصل الدين حسب الاحتياجات التمويلية لـ2022، بحجم تمويل يقارب 43 مليار ريال.
وأوضح المركز أنه سيستمر - وفقا لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة - في النظر في إمكانية الدخول في عمليات تمويلية إضافية بشكل استباقي وحسب أوضاع السوق عبر القنوات التمويلية المتاحة سواء محليا أو دوليا من خلال أسواق الدين والتمويل الحكومي البديل وذلك لتعزيز وجود المملكة في أسواق الدين وإدارة مستحقات أصل الدين للأعوام المقبلة، إضافة إلى تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية التي من شأنها الإسهام في تعزيز النمو الاقتصادي مع الأخذ في الحسبان حركة الأسواق وإدارة المخاطر في محفظة الدين الحكومي.
وشملت تلك الإصدارات عمليات تمويل استباقية كان منها الشراء المبكر لعدد من الإصدارات الحكومية المحلية وعمليات تمويل أخرى لاستحقاقات ستكون في 2023، 2024، و2026.
وتستهدف السعودية استقرار الدين العام خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بدءا من ميزانية العام الجاري 2022، وذلك استكمالا لجهود الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقق مستهدفات الانضباط المالي.
وارتفع الدين العام للسعودية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري بنحو 0.8 في المائة إلى 966.5 مليار ريال، مقارنة بنحو 958.64 مليار ريال بنهاية الربع السابق "الربع الأول".
وبلغت نفقات التمويل في ميزانية الربع الثاني نحو 7.59 مليار ريال بارتفاع 2 في المائة على أساس سنوي.
وعرفت وزارة المالية "نفقات التمويل" بأنها المبالغ التي يجب على الحكومة دفعها للدائن مقابل أصل الدين القائم كسندات الخزانة، والصكوك الحكومية، والقروض، والحسابات المدينة.
ورجحت الوزارة استقرار حجم الدين العام لميزانية 2022 و2023 و2024 عند 938 مليار ريال، مقارنة بتقديرات سابقة عند 989 مليار ريال للأعوام الثلاثة. في حين سجل الدين نموا بنحو 9.8 في المائة لـ2021 بحسب الأرقام الفعلية للميزانية، وهي أقل معدلات النمو في آخر سبعة أعوام.
ويأتي استقرار الدين للأعوام الثلاثة المقبلة بعد نموه لسبعة أعوام متتالية، أي منذ 2015، حيث سجل حينها أول نمو بعد أعوام عدة عاشتها الميزانية في تقليص الدين العام. وبنهاية الربع الثاني، شكل الدين الداخلي نحو 63 في المائة من إجمالي الدين العام، بقيمة تبلغ 604.8 مليار ريال، بينما بلغ نصيب الدين الخارجي نحو 37 في المائة عند مستوى 361.8 مليار ريال.
والمركز مستمر في العمل على توسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز قنوات التواصل معهم، والوصول إلى مناطق جغرافية جديدة، إضافة إلى استقطاب مؤسسات مالية دولية إلى برنامج المتعاملين الأوليين وجذب رؤوس الأموال للاستفادة من الفرص المتاحة في أدوات الدين التي يرتب المركز إصدارها.
البنية التحتية للتداول
من ناحية أخرى، نجحت الجهات السعودية في تطوير البنية التحتية للتداول الإلكتروني "الخاصة بأسواق الدين"، الأمر الذي يتيح أتمتة الأسعار المدرجة على منصة "تداول" للمتعاملين الأوليين.
وأبرزت وثيقة الملامح العامة لخطة الاقتراض السنوية الصادرة من المركز الوطني لإدارة الدين في 2020 تلك الخطوة كإحدى مبادرات تطوير أسواق الدين المحلية.
وتطرقت الوثيقة الرسمية كذلك لمبادرة تعزيز تسوية السوق الأولية المحلية من خلال السماح بتسويات التسليم مقابل الدفع للمتعاملين الأوليين التي من شأنها أن تحد من مخاطر التسوية على المتعاملين الأوليين.
وبالعودة إلى المبادرة الأولى فإن السعودية بذلك تنجح في تعميق السوق الثانوية لأدوات الدين بحيث تكون مماثلة لسوق الأسهم في سهولة التداول. وعن التفاصيل الفنية لهذه المبادرة، فإن نظام التداول يعمل على تمكين أتمتة تسعير صانع السوق لأدوات الدين المدرجة من خلال السماح بإرسال زوج من الأوامر "شراء وبيع" بشكل مستمر ومؤتمت، وذلك للحفاظ على التزامات الفارق السعري للورقة المالية.
وتم تطوير هذه الخدمة - والحديث لتلك المصادر - لحماية صناع السوق من الأخطاء البشرية ولتفعيل محركات التسعير المسؤولة عن مراقبة سعر الورقة المالية.
تسوية السندات الحكومية
منذ منتصف يونيو من 2021، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، في ربط سوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع"، المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية المسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية.
وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية المقومة بالريال السعودي.
يمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة إلى تقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم".
ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.
خطة الاقتراض السنوية
صادق مجلس إدارة المركز الوطني لإدارة الدين في يناير على خطة الاقتراض السنوية لـ2022. حيث اشتملت على توقعات ثبات حجم الدين، بحسب بيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022، إضافة إلى مواصلة المركز الوطني لإدارة الدين مراقبة السوق واغتنام الفرص بشكل استباقي لتعزيز جودة محفظة الدين مع الأخذ في الحسبان التغير المتوقع في أسعار الفائدة.
وتضمنت الخطة توقعات بثبات حجم الدين العام عند مستوى 938 مليار ريال - وفق إعلان الميزانية العامة - مع التوجه نحو اقتراض ما يقارب 43 مليار ريال، لسداد مستحقات أصل الدين. إضافة إلى إمكانية النظر في عمليات تمويلية إضافية بشكل استباقي من خلال القنوات التمويلية المتاحة، سواء محليا أو دوليا بما في ذلك أسواق الدين والتمويل الحكومي البديل لتمويل الفرص التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية. إضافة إلى بقاء استراتيجية الدين التي يعمل بها المركز على وضعها الحالي.
والمركز أعلن في ديسمبر الماضي اكتمال خطة الاقتراض لـ2021 بقيمة وصلت إلى 125 مليار ريال، كانت نسبة التمويل المحلي منها 60.5 في المائة فيما بلغت نسبة التمويل الدولي 39.5 في المائة من إجمالي الخطة، حيث تضمنت إصدار سندات سيادية بقيمة مليار ونصف يورو بأكبر شريحة عائد سلبي على الإطلاق خارج دول الاتحاد الأوروبي حيث بلغ إجمالي الإصدار 1.5 مليار يورو وبلغت نسبة تغطيتها 3.3 مرة "بما يقارب خمسة مليارات يورو"، وغيرها من المصادر التمويلية الأخرى.
استحقاقات 2022
بحسب بيانات منصة "فاكتست" للخدمات المالية ، فالسعودية لديها 11 إصدارا يحين أجل استحقاقها في 2023، من ضمنها إصدار دولاري بقيمة ثلاثة مليارات دولار يحين أجله في أوائل مارس. والإصدارات المحلية تلك قد تم إصدارها ما بين 2016 إلى 2018، وهي تتنوع ما بين الفائدة المتغيرة إلى الثابتة. وجميع تلك الإصدارات هي إصدارات عامة وليست خاصة.
وأعلنت السعودية، ممثلة بوزارة المالية في أواخر أكتوبر 2021 اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر من 2022 بقيمة إجمالية وصلت إلى 32.9 مليار ريال، حيث تمكنت السعودية خلال تلك الفترة من إعادة تمويل 43.5 في المائة من ديونها التي يحين موعد سدادها في 2022.
ويحل في 2022 أجل استحقاق لديون "محلية" تقدر بـ57.4 مليار ريال، غير أن جهة الإصدار السيادية فضلت انتهاز ظروف السوق الموائمة في 2021 وقررت إعادة تمويل 32.9 مليار ريال من مبلغ الـ57.4 مليار ريال.
وأظهر رصد "الاقتصادية"، أن الديون المحلية التي يحين أجل استحقاقها في 2022 قد انخفضت بعد عملية الشراء المبكر الثانية من 57.4 مليار ريال إلى 24.4 مليار ريال.
واستندت "الاقتصادية" إلى البيانات التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" FactSet للخدمات المالية. يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
ويهدف المركز الوطني لإدارة الدين إلى الإسهام في وضع سياسة الدين العام للمملكة وتطويرها، وتأمين احتياجات المملكة من التمويل على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وكذلك ضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر. فضلا عن متابعة شؤون التصنيف الائتماني للمملكة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وتقديم خدمات استشارية واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والشركات التي تمتلك فيها الدولة ما يزيد على 50 في المائة من رأس مالها والمؤسسات العامة في مجال اختصاص المركز، بما في ذلك تجميع بيانات الدين العام المباشر وغير المباشر ومعالجتها ومتابعتها، والتفاوض حول إعادة هيكلة الديون أو إعادة تسعيرها أو إعادة التعاقد عليها، أو خدمات تتعلق بسياسات التحوط، أو إدارة علاقات المستثمرين في أدوات الدين العام، أو شؤون التصنيف الائتماني، أو غيرها من الخدمات ذات العلاقة.
عن المؤشرات
معلوم أن شركة السوق المالية السعودية "تداول" أطلقت خلال النصف الأول من 2020 بصفة رسمية ثمانية مؤشرات "فرعية" لقياس أداء أدوات الدين السيادية من السندات الإسلامية، ولتلحق تلك المؤشرات الفرعية بالمؤشر الرئيس المعروف باسم "مؤشر ايبوكس تداول صكوك حكومية بالريال السعودي".
وتبع ذلك إطلاق المؤشر العاشر الذي يغطي السندات المعروف باسم "مؤشر ايبوكس تداول للسندات والصكوك الحكومية".
ومن أجل توفير خيارات متعددة للمستثمرين، تم إيجاد نسختين للمؤشرات العشرة تلك لتشمل الفئة الأولى "مؤشر السعر الخالي من العوائد المستحقة CPI" والفئة الثانية "مؤشر العائد الإجمالي، الذي يتضمن الأرباح المستحقة TRI". أي أن الفئة الأولى من المؤشر تعني أن أداء المؤشر لن يأخذ في الحسبان التوزيعات الدورية التي سيتسلمها المستثمرون من توزيعات أدوات الدخل الثابت التي سيستخدمونها لأغراض أخرى. في حين تأخذ الفئة الثانية في الحسبان إعادة استثمار التوزيعات الدورية بسعر المؤشر.
وينتظر لمديري الصناديق الاستثمارية الذين يستثمرون ما بين 25 في المائة إلى 90 في المائة من قيمة أصول تلك الصناديق في الصكوك المقومة بالريال، أن تستفيدوا من تلك المؤشرات العشرة من أجل قياس أداء تلك الصناديق مقارنة بأحد تلك المؤشرات ذات الصلة.
وتم تقسيم سلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول للصكوك الحكومية بالريال السعودي" إلى عدة مؤشرات استحقاق فرعية، ما يساعد على تتبع أداء الصكوك الحكومية قصيرة وطويلة الأجل "من أقل من عام إلى أكثر من عشرة أعوام".
وحدة التقارير الاقتصادية