كوفمان صاحب الـ 94 عاما .. على باول أن "يصدم السوق"
في مثل هذا الأسبوع قبل 40 عاما، ساعد هنري كوفمان، الاقتصادي السابق في شركة سالومون براذرز، على بدء أحد أعظم الأسواق الصاعدة في التاريخ.
كوفمان، الذي كان يعرف آنذاك باسم "دكتور دوم" (شخصية خيالية في كتب مارفيل المصورة) جراء آرائه المتشائمة، أثار المستثمرين من خلال تغيير موقفه والتنبؤ بهبوط أسعار الفائدة بعد حملة قوية للاحتياطي الفيدرالي هدفها السيطرة على التضخم.
حتى الآن، وفي عمر يناهز 94 عاما، لا يزال كوفمان يركز على الشؤون المالية. في مقابلة أجريت معه أخيرا، كان الشغف يملؤه أثناء حديثه المسهب عن كتابه الذي صدر العام الماضي، "يوم زمجرت الأسواق"، الذي يروي قراره المصيري في 17 آب (أغسطس) 1982. وعندما سئل عن حاله، أجاب بطريقة مراوغة: "أنا جيد جدا حتى الآن".
كانت وجهة نظره بشأن السياسة النقدية الأمريكية أقل تفاؤلا. فهو الآن يخشى أن يفشل بنك الاحتياطي الفيدرالي، برئاسة جاي باول، في مكافحة التضخم بالعزيمة التي بدت من بول فولكر، الذي رفع أسعار الفائدة بقوة عندما كان يرأس البنك المركزي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
قال كوفمان عن باول: "ما زلت أنتظر منه أن يتصرف بجرأة – وتعني كلمة جرأة أن عليه أن يصدم السوق. إذا كنت ترغب في تغيير وجهة نظر شخص ما، وإذا كنت تريد تغيير تصرف شخص ما، فلا يمكنك صفعه على يده، بل عليك أن تصفعه على الوجه".
يرى كوفمان أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي أخطأ بعد اتخاذه موقفا بشأن التضخم في نوفمبر الماضي. مرت، كما قال، أشهر بين الوقت الذي حذر فيه باول من "ارتفاع معدلات التضخم باستمرار" وبدء الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في مارس. أضاف: "لقد كانت توقعاته صحيحة، بينما كان مخطئا في تقاعسه".
نتيجة لذلك، تواجه الأسواق وضعا مختلفا تماما عما واجهته عندما نشر كوفمان مذكرته الأسطورية، حين كان يعمل في شركة سالومون براذرز، التي توقع فيها أن تتجه أسعار الفائدة نحو الانخفاض.
قال: "اليوم معدل التضخم أعلى من معدلات الفائدة. في ذلك الوقت، كانت أسعار الفائدة أعلى من معدلات التضخم. هذا التقارب مدهش. أمامنا طريق طويل لنقطعها. يجب أن ينخفض التضخم وإلا فسترتفع أسعار الفائدة أكثر".
كانت أسعار الفائدة قد بدأت بالفعل في الانخفاض قبل أن ينشر كوفمان توقعاته الشهيرة في 1982، لكن توقعاته بحدوث انخفاض مستمر هي التي حركت الأسواق. جاء تأثيره بسبب مكانته في أواخر القرن الـ20 التي تشبه المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا الحاضر. وقد اشتهر بتشاؤمه لدرجة أنه بمجرد أن علم المستثمرون برأيه الجديد، حدث ارتفاع في قيمة الأسهم.
وبعد أن وصل مؤشر داو جونز الصناعي إلى قاع دوري قبل أيام فقط، ارتفع 38.81 نقطة، 4.9 في المائة، إلى 831.24، وهو أكبر ارتفاع نقطي للمؤشر في التاريخ في ذلك الوقت. تبع ذلك السوق الصاعدة في الثمانينيات - مع عديد من الانقطاعات الملحوظة - وارتفعت الأسهم أكثر في العقود التي تلت ذلك. أغلق مؤشر داو جونز الثلاثاء عند 34152.01.
قال كوفمان: "كانت آرائي متشائمة لفترة طويلة (...) عندما غيرت رأيي، تسبب ذلك في ردة فعل"، مضيفا أن من الصعب تخيل أن يكون لمتنبئ من القطاع الخاص مثل هذا التأثير اليوم. قال: "لم يكن هناك الكثير من الاقتصاديين. وقد منحني ذلك ميزة استثنائية".
وعندما ينظر كوفمان إلى المستقبل، فإن مخاوفه من التضخم تجعل من الصعب عليه أن يكون على يقين كما كان في أغسطس 1982.
أضاف: "لن أقول إنني متشائم"، مشيرا إلى أن أسعار الأسهم الأمريكية "ليست بعيدة حقا" عن ذروتها في العام الماضي ويمكن أن تصبح مدعومة بمزيد من التقدم في المعركة العالمية ضد كوفيد - 19. بدلا من ذلك، يرى أن من الصعب التنبؤ في الظروف الحالية.
قال: "السياسة النقدية اليوم خلف المنحنى إلى حد ما. لكن في ذلك الوقت كانت السياسة النقدية في عهد بول فولكر متقدمة على المنحنى (...) لقد كان بصدد قلب توقعات السوق".