انتعاش غير مسبوق في سوق السندات المحفوفة بالمخاطر
حقق واحد من أكثر الأركان المحفوفة بالمخاطر في الأسواق المالية انتعاشا غير مسبوق في الشهر الماضي، مع ارتداد أسعار السندات غير المرغوب فيها مدفوعة برهان المستثمرين على أن جهود "الاحتياطي الفيدرالي" لترويض التضخم ستتجنب إحداث ركود عميق.
حجم السندات الأمريكية التي يتم تداولها عند مستويات تشير إلى وجود مخاوف كبيرة لدى المستثمرين انخفض بشكل سريع خلال الأسابيع الخمسة الماضية، عاكسا تفاؤل المستثمرين المتزايد بشأن حالة الاقتصاد الأمريكي.
يجري الآن تداول 6.2 في المائة فقط من السندات ذات العائد المرتفع عند مستويات ضعيفة، مقارنة بـ11.6 في المائة في الخامس من تموز (يوليو)، وفقا لتحليل أعده مارتي فريدسون، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ليمان ليفيان فريدسون أدفايزرز.
تراجع المستثمرون عن ديون الشركات الأمريكية ذات العائد المرتفع في وقت سابق من هذا العام، خوفا من أن تؤدي ارتفاعات قاسية في أسعار الفائدة من قبل "الاحتياطي الفيدرالي" إلى دفع أكبر اقتصاد في العالم إلى الدخول في تباطؤ طويل الأمد، ما ألحق أكبر ضرر بالشركات الضعيفة.
لكن الإشارات على أن وتيرة نمو الأسعار قد تكون ثابتة – مع قدوم بيانات التضخم الأسبوع الماضي بشكل منخفض أكثر من المتوقع – أسهمت في انتعاش أسعار تلك الأصول.
قال فريدسون، "خلال فترة زمنية قصيرة على نحو لافت للنظر، توصل المستثمرون ذوو العائد المرتفع إلى الاعتقاد بأن التضخم تحت السيطرة بما فيه الكفاية بحيث لن يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير بما يكفي لإحداث ركود عميق". أضاف، "سيحدد الوقت ما إذا كانوا على صواب في تغيير وجهات نظرهم بشأن هذه المسألة".
أدى نقص في الطلب قبل انتعاش أسعار السندات غير المرغوب فيها إلى رفع العلاوة التي حصل عليها المستثمرون مقابل الاحتفاظ بالسندات ذات العائد المرتفع، مقارنة بالسندات الحكومية ـ العلاوة تعرف أيضا باسم الفارق. حجم السندات التي تتداول بفارق عشر نقاط مئوية أو أكثر ـ في إشارة إلى أنها مأزومة ـ ارتفع أكثر من الضعف خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى أيار (مايو).
قال مايكل هارتنت، كبير استراتيجيي الاستثمار في إدارة البحوث العالمية في بنك أوف أمريكا، "الائتمان، مثل الأسهم (...) مع ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أرباح الشركات، كانت الأشهر الستة الأولى من هذا العام بيئة اتسعت فيها الفروق بشكل كبير".
دفعت الظروف الصعبة بعض الشركات إلى تأجيل عمليات الاقتراض المخطط لها، بعدما سحبت البنوك المركزية دعمها لأسواق الدين وأدى التضخم إلى تراجع الطلب.
لكن كثيرا من البيانات المنشورة أشار إلى أن التضخم استقر في الاقتصاد الأمريكي، ما يعني أن التوقعات بأن يعلن "الاحتياطي الفيدرالي" ارتفاعا ثالثا على التوالي في سعر الفائدة بواقع 0.75 نقطة مئوية في أيلول (سبتمبر) قد خفت.
أدى الشعور المتجدد بالتفاؤل بشأن التوقعات الاقتصادية إلى عودة المتداولين إلى أسواق الديون. وتم ضخ الأموال في صناديق الاستثمار ذات العائد المرتفع وصناديق ديون الأسواق الناشئة في الأسابيع الأخيرة، بعد تدفقات خارجة مستمرة منذ يناير، وفقا لشركة آي بي إف آر.
مع تأجيل البنوك مبيعات السندات غير المرغوب فيها، المخطط لها، إلى ما بعد عطلة الصيف في الولايات المتحدة، اضطر المستثمرون الحريصون على زيادة حيازاتهم، بدلا من ذلك، إلى التقاط الديون المتاحة بسرعة. وانخفضت عوائد سندات الشركات الأمريكية المصنفة على أنها غير مرغوب فيها من متوسط 8.94 في المائة في نهاية حزيران (يونيو) إلى 7.45 في المائة الجمعة.
كان هذا الانخفاض مدفوعا إلى حد كبير بانخفاض طلب المستثمرين المتميزين على إقراض الشركات ذات التصنيف المنخفض مقارنة بتكاليف الاقتراض التي تضمنها الحكومة الأمريكية، بدلا من الانخفاض الأوسع في العوائد. تقلص الفارق من 5.99 نقطة مئوية في الخامس من يوليو إلى 4.25 نقطة مئوية الجمعة.
قال فريدسون إن الأكثر لفتا للنظر هو وتيرة هذا التحول "الاستثنائي". لقد استغرق الأمر في السابق أربعة أشهر على الأقل لتحرك الفارق في مؤشر أيس داتا سيرفيز ذي العائد المرتفع، من ست نقاط مئوية إلى المستوى الحالي البالغ أربع نقاط مئوية. واستغرق الانخفاض الأخير ما يزيد قليلا على شهر، بحسب بيانات فريدسون.
أضاف، "دون شعور بحتمية حدوث ركود في المدى القريب، يميل المستثمرون إلى اتخاذ وجهة نظر متفائلة بشأن أي أخبار جيدة"، على الرغم من أن بعض المتداولين لا يزالون مترددين.
جابرييل فوا، مدير محفظة في شركة ألجبريس إنفستمنتس، يرى أن ظروف سوق سندات الشركات من المرجح أن تتحسن بشكل أكبر. قال، "هذه قمة ما يمكن أن يفعله الائتمان (...) كانت المستويات جنونية وتم تسعيرها لعاصفة كبيرة. الآن، لا يتم تسعيرها لعاصفة كبيرة جدا لكنها لا تزال رخيصة جدا".
لكن آدم عباس، الرئيس المشارك للدخل الثابت في شركة هاريس أسوسيتس، حذر من أنه عندما يتسارع إصدار الديون في وقت لاحق من هذا العام، يمكن أن يتراكم الضغط مرة أخرى على السندات غير المرغوب فيها في الوقت الذي يواجه فيه المستثمرون بيانات اقتصادية ضعيفة.
سيتم نشر مزيد من بيانات التضخم والوظائف قبل قرار "الاحتياطي الفيدرالي" بشأن سعر الفائدة الشهر المقبل. والإشارات التي تدل على أن التضخم يرتفع مرة أخرى أو على أن هناك رفعا أكبر من المتوقع لسعر الفائدة قد تدفع مزيدا من السندات إلى منطقة متعثرة.
تعني الآفاق في المدى الطويل أن المحللين حذرون من توقع سوق صاعدة جديدة للائتمان. قال هارتنيت، "إذا كنت تعتقد أن أرباح الشركات سترتفع وأن أسعار الفائدة ستنخفض، فلنحتفل بالانتصار. وإذا كنت، مثلي، تعتقد أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فإن العوائد المتوقعة لا تبدو جذابة".