دعوة للحذر .. فجر كاذب في سوق الأسهم الأمريكية
ينبغي للمستثمرين الذين شجعهم تعافي أسواق الأسهم الأمريكية هذا الصيف ألا يتعجلوا في التخلي عن حذرهم، لأن المخاوف بشأن ديون الشركات من المحتمل أن تؤدي إلى انكماش آخر في نهاية العام، بحسب أحد المختصين البارزين في التقلبات.
فبينما عكس الانخفاض الحاد في أسعار الأسهم في النصف الأول من العام مخاوف بشأن الأرباح المستقبلية ناتجة عن التضخم، لم يأخذ المستثمرون في حسبانهم حتى الآن آثار ارتفاع أسعار الفائدة على الشركات المثقلة بالديون، حسبما قال بول بريتون، مؤسس شركة كابستون إنفستمنت أدفايزرز، لفاينانشيال تايمز.
حذر بريتون من أن أخبار شركات معينة تكافح من أجل إعادة تمويل ديونها بأسعار معقولة ستفزع الأسواق مرة أخرى، ربما في الربع الرابع من هذا العام أو أوائل 2023.
قال: "إننا نقترب من نهاية المرحلة الأولى، وهي إعادة تخمين قيم نمو الاستثمارات. المرحلة الثانية أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لي. إنها أكثر من دورة ائتمانية. الناس مستاؤون لأنهم خسروا أموالهم، لكن لا يوجد سبب للخوف".
أضاف: "ستكون العناوين الرئيسة في الربعين الرابع من هذا العام والأول من العام المقبل عن الأشخاص الذين يواجهون مشكلات في إعادة التمويل، وسيبدأ المستثمرون القلقون في البيع. وبحلول الربع الرابع أو الربع الأول سيتحول القلق إلى خوف".
فمع استغلال كثير من الشركات معدلات الفائدة المنخفضة للغاية في عامي 2020 و2021 لإعادة تمويل ديونها لفترات طويلة جدا من الزمن، بدأت علامات التوتر تظهر في أسواق الديون.
في الشهر الماضي أجل مصرفيون تمويل عملية حجمها 16.5 مليار دولار تستهدف استحواذ قبل فيستا إيكويتي بارتنرز وإليوت مانيجمنت على شركة البرمجيات سيتركس، بعدما واجهوا صعوبة في العثور على مقرضين راغبين في ذلك. وعندما تمضي الشركات قدما، فإن عليها في كثير من الأحيان قبول شروط أكثر إرهاقا مما كان عليه الحال في الـ18 شهرا الماضية. ويعود ذلك إلى أن البنوك، التي التزمت في البداية بتمويل هذه الصفقات، ومن ضمنها بانك أوف أمريكا وجولدمان ساكس، تركت لمداواة خسائرها.
شركة كابستون، التي كان لديها 9.1 مليار دولار من الأصول الخاضعة للإدارة حتى أول يوليو، تجني أرباحا من الأسواق المتقلبة. فهي لا تدير فقط أحد أكبر صناديق التحوط المتخصصة في التقلبات في العالم، بل تساعد أيضا العملاء من المؤسسات والأثرياء على حماية محافظهم من المخاطر العالية.
ارتفع الصندوق العالمي للمجموعة الاستثمارية 0.8 في المائة في النصف الأول، وزاد احتمال جني العوائد على الاستثمارات 14 في المائة، وفقا لشخص اطلع على النتائج.
لقد تأرجحت الأسواق المالية العالمية بشكل كبير في النصف الأول حين دخل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 سوق هابطة وسط مخاوف من ركود يلوح في الأفق، إضافة إلى تشديد السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
لكن مع استعادة سوق الأسهم ثقتها أخيرا استقرت مقاييس التقلب، كمؤشر التقلبات في بورصة مجلس شيكاغو للخيارات Cboe’s Vix . وفي وقت سابق من هذا الأسبوع أغلق Vix بمتوسط أقل من متوسطه طويل المدى البالغ 20، وذلك للمرة الأولى منذ أبريل.
وتشهد السوق انقساما في الرأي حول ما إذا كان انتعاش الأسهم الأمريكية سيستمر، خاصة إذا رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة، أو أسرع مما يراهن عليه المستثمرون.
بريتون، وهو متداول سابق لحسابه الخاص استفاد من التقلبات في أواخر التسعينيات، الناشئة عن الأزمتين الآسيوية والروسية، لكنه تكبد خسائر في الأزمة المالية 2008، لا يتوقع أن يكون عدد حالات إفلاس الشركات أعلى مما كان عليه في فترات الركود السابقة، ويرجح أن تتركز المشكلات بين الشركات المصنفة دون الدرجة الاستثمارية.
قال: "قروض الرفع المالي على رأس قائمتي. كذلك الديون ذات العائد المرتفع من أي شركة ليس لديها تدفق نقدي".
أشار أيضا إلى أن مشكلات إعادة التمويل سيكون لها أثر كبير في معنويات السوق، لأن المستثمرين أصبحوا راضين للغاية عن أن محافظي البنوك المركزية سيسعون لإنقاذهم بأسعار فائدة منخفضة. وتوقع هذه المرة أن يلتزم محافظو الاحتياطي الفيدرالي بشعارهم الخاص بكسر التضخم ويحافظوا على أسعار الفائدة العالية.
قال: "إنهم لا يريدون الآن إعادة ما فعلوه. أي تدخل من جانبهم لتحقيق الاستقرار في الأسواق سيكون أصغر كثيرا من الجهود السابقة وستصاب السوق بخيبة أمل كبيرة. سيكون الاحتياطي الفيدرالي ومحافظو البنوك المركزية الآخرون متوترين بشكل كبير".
في الواقع، حذرت ماري دالي، رئيسة فرع الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، هذا الأسبوع من أنه من السابق لأوانه "إعلان النصر" في معركة البنك المركزي ضد التضخم المرتفع.
من جانبه، أعرب بريتون عن شكه في قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تجنب الركود، مشيرا إلى أن ذلك قد يدفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.5 في المائة من مستواه الحالي البالغ 3.5 في المائة.
قال: "في نهاية المطاف، يواجه الاحتياطي الفيدرالي مهمة صعبة جدا"، واصفا الاقتصاد بأنه "طائرة كبيرة للغاية يحاولون الهبوط بها على مدرج قصير جدا وضيق جدا. يمكنهم تنفيذ هبوط ناعم. إنني فقط أعتقد أنه سيكون صعبا".