البكتيريا تتلاعب بك
في كل مرة نبتعد عنها نعود إليها، نظن أننا أقوى منها ونستطيع القضاء عليها تارة بمناعة أجسادنا الطبيعية وأخرى بأدويتنا التي تحارب وجود تلك الكائنات المجهرية "البكتيريا" داخلنا، ورغم سيئاتها إلا أن لها فوائد جمة وعوالم سرية أقيمت لها المعاهد والمختبرات لاكتشافها وسبر أغوارها!
آخر أماكن هجومها سائل الحياة، دمك الساري في عروقك، لا تمرضه، لكنها تغيره، فكيف يحدث ذلك وما أهميته للبشر؟.
دمك يعد أهم مكونات جسمك وإحدى عجائب خلق الإنسان، حيث تختلف خلايا الدم الحمراء عن باقي الخلايا الأخرى الموجودة في جسم الإنسان بعدم احتوائها على نواة، ما يجعلها قادرة على التحرك داخل الجسم بسهولة شديدة، في رحلة تستمر لمدة 120 يوما وقاطعة مسافة تصل إلى تسعة آلاف كيلومتر يوميا عبر الأوعية الدموية المختلفة، التي يبلغ طولها نحو 600 ألف كيلو متر بعد ذلك تموت ويحل محلها خلايا جديدة من نخاع العظام.
تشكل عملية التبرع بالدم أمرا مهما للغاية في العالم كله، إذ يحتاج شخص كل ثانيتين إلى نقل دم. لتر واحد من الدم يستطيع أن ينقذ حياة ثلاثة أشخاص، ونقل الدم اليوم أنقذ حياة ملايين البشر أما قديما فكانت هناك احتمالية إما الشفاء وإما الموت.
وشكل ذلك لغزا حير العلماء لفترة طويلة إلى أن تمكن الطبيب النمساوي كارل لاندشتاينر في 1901 من اكتشاف فصائل الدم وحاز جائزة نوبل على ذلك الاكتشاف، من خلال تعرفه على نوعين من البروتينات "الأنتيجينات" ملتصقين على سطح الغشاء الخلوي لكرات الدم الحمراء.
صحيح أن كرات الدم الحمراء عند جميع البشر تتشابه شكلا ووظيفة، إلا أن وجود الأنتيجينات أو عدمها يعطي الصفات الفريدة للكرات الحمراء ويجعلها تصنف في أربع مجموعات "أيه، بي، أيه بي، أو" ونظام الجهاز المناعي في الجسم عجيب وفريد من نوعه فهو يكون أجساما مضادة لأي بروتين غريب يصل إلى الدم فيهاجمه ويقضي عليه، ما يفسر لنا عدم إمكانية نقل دم من فصيلة إلى أخرى لأنها قد تقتل الشخص ما عدا الـ"أو" لعدم امتلاكها الإنتيجين.
وأخيرا عثر علماء من جامعة كولومبيا البريطانية، على بكتيريا في قولون البشر تستطيع تغيير أي فصيلة الدم وتحويلها إلى أخرى لتكون مناسبة لأي شخص ولأي فصيلة دم أخرى، وبفضلها يمكن إنقاذ حياة عديد من الأشخاص، الذين يمتلكون فصيلة دم نادرة.