البث المباشر .. ثورة التسوق المستقبلية

البث المباشر .. ثورة التسوق المستقبلية
البث المباشر .. ثورة التسوق المستقبلية

مانريكا كيرا تبث مباشرة بانتظام على منصة تيك توك لمتابعيها البالغ عددهم أكثر من نصف مليون شخص. حيث تستخدم منصة التواصل الاجتماعي لتوضح كيف تستعد ليومها في مقاطع فيديو توضيحية مبهجة، بينما تسوق لمنتجات تجميلية رخيصة أو بأسعار مخفضة.
في بث مباشر، حيث كانت تجرب بعض أجهزة تجعيد الشعر الساخنة التي أرسلت لها، أدركت أن خصل شعرها الداكنة تحترق وسرعان ما خرجت من روتينها المرح لتحذر المتابعين. تقول في مقابلة: "إذا وصل منتج وكان سيئا، فسأقول إنني لا أحبه، لا تقم بشرائه. أحتاج لبناء سمعة تقوم على الثقة".
نهج كيرا، إحدى المؤثرات في المملكة المتحدة، جعل منها واحدة من أفضل البائعين على متجر تيك توك شوب، خاصية التجارة الإلكترونية المباشرة عبر مقاطع الفيديو القصيرة، إذ تتيح الخاصية لجمهورها شراء المنتجات التي تروج لها بشكل مباشر على التطبيق، عبر سلة برتقالية اللون يمكن النقر عليها في أسفل الزاوية اليسرى من الشاشة.
إنه مشهد مألوف لأي شخص شاهد شبكة كيو في سي أو ما كانت تعرف سابقا بشبكة هوم شوبينق، باستثناء أن هذه النسخة تتضمن وضع مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي المنتجات في البث المباشر، المعروف باسم Lives، الذي يتضمن خصومات كبيرة، وتنزيلات محدودة المدة وهدايا في صناديق غامضة.
تراهن منصات وسائل التواصل الاجتماعي على هذا النموذج بصفته مستقبل التسوق، على أمل جني ثمار صناعة حققت نجاحا هائلا في الصين، إذ من المتوقع أن تصل مبيعات التجارة الإلكترونية عبر البث المباشر إلى 423 مليار دولار هذا العام، وفقا لما ذكرته شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية.
لكن الجهود المبذولة لتقديم هذا النموذج للمستهلكين الغربيين كان لها بداية مضطربة، مع أعداد مشاهدة منخفضة، ومبيعات قليلة، وتكنولوجيا قديمة وتحديات لوجستية. يقول كثير من الموظفين والأشخاص المقربين من الشركة إنه تم تعليق توسع خاصية تيك توك شوب في أوروبا والولايات المتحدة بعد الانتكاسات والجدل في المملكة المتحدة، على الرغم من أن متحدثا باسم تيك توك ينفي أن الشركة "أوقفت مؤقتا، أو أخرت أو سحبت طرح تيك توك شوب المخطط له في أي أسواق دولية أخرى".
في حين تقول تيك توك إنه ربما تمت مناقشة خطط للتوسع مع شركات، إلا أنها تقول إن تركيزها ينصب على إنجاح هذه الخاصية في المناطق التي تتوافر فيها بالفعل.
اللاعبون الرئيسون في القطاع– المؤثرون والعلامات التجارية والتجار– متشككون، لكن الاعتماد على شركات التكنولوجيا الكبرى لكسب عيشهم يعني أنهم مترددون في تفويت الفرصة، استسلم بعض المطلعين لفكرة أن عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي هم ببساطة أقوى من أن يسمحوا لغزوهم للتسوق المباشر بالفشل.
بالإضافة لتيك توك، تقوم جميع المنصات بما في ذلك أمازون ويوتيوب وفيسبوك وانستجرام بتجربة التجارة الإلكترونية المباشرة، التي تجمع بين الترفيه والتسوق بدعم من قوة جذب المؤثرين.
تقول شيمونا ميهتا، الرئيسة الأوروبية لـ "شوبيفاي"، التي توفر البرمجية التي تستخدمها شركات التواصل الاجتماعي لتمكين عمليات الشراء السريعة والتحديثات المباشرة على المخزون والشحن: "عندما وصلت الهواتف إلى أيدينا، تحولت ديناميكية القوة تماما".
تقول ميهتا، التي تعد منصات التواصل الاجتماعي مراكز التسوق الجديدة: "لم نعد نذهب للتسوق بعد الآن، إننا نتسوق طوال الوقت". أضافت: "بدلا من إبعاد المستهلكين عن المنصة التي يحاولون قضاء وقتهم في تصفحها، تسمح التجارة الإلكترونية المباشرة للمستهلكين بالانتقال من المنصة نفسها إلى ما يفعلونه دون عرقلة ما يلفت انتباههم في الوقت الحالي".
مرحلة تجريبية
التسوق القائم على وسائل التواصل الاجتماعي ليس بالأمر الجديد. نحو ثلثي المستهلكين يقولون إنهم اشتروا شيئا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لاستطلاع أجرته شركة أكسنتشر لأكثر من عشرة آلاف مستخدم عالمي.
تم النقر على هاشتاق TikTokMadeMeBuyIt# الشهير أكثر من 18.5 مليار مرة وزاد متوسط مقاطع الفيديو المحملة يوميا على منصة يوتيوب التي تضم كلمات "تسوق معي" أكثر من 60 في المائة في 2021، مقارنة بالعام السابق.
تاريخيا كان المستهلكون يتركون هذه المنصات لإتمام مشترياتهم، باستخدام روابط لمواقع الويب مثل أمازون، لكن الشبكات الاجتماعية تريد أن تتم المعاملة داخل التطبيق، حيث يمكنهم الحصول على جزء من الإيرادات. أما شركة أمازون، القوة المهيمنة في التجارة الإلكترونية، تتحدث الآن مع المؤثرين ذوي الأسماء الكبيرة للحصول على جزء من عملية التسوق المباشر.
يقول ديفيد كاتز، نائب الرئيس لإدارة المنتجات في خاصية يوتيوب شوبينق: "نرى منصة يوتيوب بشكل أساسي كمكان يحدث فيه نشاط التسوق منذ فترة طويلة، وهدفنا هو جعل نشاط التسوق هذا أكثر سلاسة وطبيعية".
تتوافر الخاصية التي تسمح للمستخدمين بالنقر على روابط المنتج أثناء مشاهدة البث المباشر على منصة يوتيوب في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث يعترف كاتز بأنها لا تزال في "المرحلة التجريبية". يتأخر التفاعل مع هذه الأدوات في بعض الدول عن غيرها من بينها كوريا الجنوبية، والبرازيل والهند.
يضيف: "لا يزال مبكرا جدا استخلاص النتائج. السلوك أكثر تقدما في بعض الأسواق (...) وسيتعين علينا معرفة ما إذا كانت هناك اختلافات جوهرية أو ما إذا كان الأمر يتعلق ببساطة بتطوير فهم المستخدم وحماسه".
أبرز حدث بث مباشر على منصة يوتيوب العام الماضي جوردون رامزي الذي كان يعرض للمشاهدين كيفية طهي عشاء احتفالي باستخدام "مجموعة المقالي المفضلة لديه"، التي يمكن للمستخدمين حينها شراؤها بالنقر على الروابط في الفيديو. حصد الحدث الذي استمر لمدة أسبوع مليوني مشاهدة مباشرة– نسبة ضئيلة من مستخدمي منصة يوتيوب البالغ عددهم ملياري مستخدم– يعد كاتز هذا الحدث ناجحا.
تقول كل من يوتيوب، وتيك توك وانستجرام إن التسوق المباشر خاصية حديثة النشأة ولم تقدم أي منها أرقاما عن المبيعات أو الإيرادات التي تم تحقيقها عبر البث المباشر.
تشير التقديرات من موظفي شركة تيك توك إلى أن الشركة كانت تدير الخاصية بسعر التكلفة، حيث إن عددا من عمليات البث المباشر أسفر عن مبيعات صفرية، بينما يقول شخص على دراية بتجربة شركة انستجرام إنها فشلت في تحقيق أي مبيعات ذات مغزى.
تقول آشلي يوكي، الرئيسة المشاركة للمنتجات في انستجرام: "أملنا هو أن تستمر التجارة في كونها فرصة لمنشئي المحتوى لكسب عيش مستدام– سواء أكان ذلك من خلال شراكات المحتوى المرتبط بعلامة تجارية أو خطوط الإنتاج الخاصة بهم".
شركة ميتا، التي ستوقف التسوق المباشر على منصتها فيسبوك بدءا من أكتوبر للتركيز على مقاطع الفيديو القصيرة، تروج بشدة للخاصية على منصة انستجرام. ينصب تركيزها على "جعل التجربة مثالية" في الولايات المتحدة قبل طرحها في الأسواق الأخرى، كما تقول يوكي.
كشفت سلسلة من تحقيقات "فاينانشيال تايمز" أن خاصية تيك توك شوب فشلت في اكتساب قوة جذب منذ إطلاقها في المملكة المتحدة العام الماضي، أول سوق تسوق مباشر لها خارج آسيا.
تحدث الموظفون عن صدام ثقافي مع الشركة الصينية المالكة، بايت دانس، في جهودها لجلب نموذج التجارة الإلكترونية– وممارسات العمل– إلى الأسواق الغربية. استقال الموظفون المقيمون في لندن، الذين اشتكوا من سوء الظروف والأهداف غير الواقعية، بأعداد كبيرة وتم استبدال رئيس القسم بعد أن قال لزملائه بأنه لا يؤمن بإجازة الأمومة.
تتناقض البداية البطيئة في سوق المملكة المتحدة بشكل صارخ مع التسوق المباشر في الصين، حيث يعد قطاعا متطورا وراسخا عبر منصات مثل "تاوباو" و"بيندودو" و"دوين". دوين، التطبيق الصيني الشقيق لتيك توك، حقق زيادة 300 في المائة في المبيعات على أساس سنوي، حيث اشترى المستخدمون أكثر من عشرة مليارات منتج– ما يثبت أنه يمكن أن يكون عملا مربحا إذا أنجزته بشكل صحيح.
مع ذلك، يتم دعم المنصات في الصين عبر نظام بيئي متطور للتجارة المباشرة يضم وكالات مواهب مخصصة، وأكاديميات تقدم دورات متخصصة لمقدمي البث المباشر، فضلا عن الاستوديوهات وشركات الإضاءة والإنتاج.
البيع المكثف
وراء كل بث مباشر ناجح يكمن الأشخاص الذين يقفون أمام الكاميرا. ويبيع أشهر المؤثرين في الصين، مثل أوستن لي، أكثر من مليار دولار من البضائع في بث واحد. ويحصل المؤثرون على عمولة تختلف حسب المنصة، وعدد متابعي المؤثر، وحجم المبيعات التي يحققونها.
يمكن أن يتم البث المباشر في منزل المؤثر أو في استوديو احترافي، غالبا مع إضاءة ساطعة، وخلفية جذابة ومجموعة متنوعة من المنتجات في الخلفية، التي يمكن للمؤثر سحبها والتفاعل معها.
أسلوب العرض حيوي ومكثف، مع سلسلة من الصفقات مثل حزم المنتجات، وصناديق الهدايا العشوائية والعطايا محدودة المدة لجذب المبيعات. يجيب المؤثرون على الأسئلة الواردة في التعليقات ويذكرون أسماء المستخدمين لشكر الناس على طلبياتهم.
يقول سكوت جوثري، رئيس الهيئة التجارية لتسويق المؤثرين، يتطلب من المؤثرين في التسوق المباشر مجموعة من مهارات معينة. فمثلا قد يكون المؤثر الذي يجيد ابتكار محتوى طموح مع تسويق المنتج في مقطع فيديو معدل، سيئا في المبيعات وجها لوجه.
يقول جوثري: "قد يكون شخص يعمل في شركة سيلفريدجز يبيع منتجات كلينك أفضل بكثير من أحد المؤثرين (...) لأنه معتاد على العمل مع جمهور، ومعتاد على التحدث مع شخص ما ومحاولة زيادة المبيعات. لكن لا يمكن للمؤثرين أن يستخدموا المهارات القديمة في النموذج الجديد".
اشتكى المؤثرون البريطانيون من أن البث المباشر على منصة تيك توك، والذي يمكن أن يستمر لساعات، متكرر، ومتعب ويصعب استضافته. توقف كثيرون بالكامل، إذ قالوا إن الوقت المستنفد لم يكن يستحق العمولة. في الوقت نفسه، البائعون مثل كيرا والشقيقتين المعروفتين باسم ماكلوجلين قيرلز، اللتين لديهن أكثر من 3.1 مليون متابع، حققن مبيعات بعشرات الآلاف من الجنيهات.
يقول لوك ويليامز، مؤسس موقع جست لوك، متجر بريطاني للمنتجات التجميلية بالتجزئة في المملكة المتحدة الذي كان يشارك في خاصية تيك توك شوب: "إذا اخترت المؤثر المناسب، فإن لديه وصول أكبر بكثير مما نملك نحن في منصتنا (...) إنهم القوى المحركة للأرباح". أضاف: "التسوق المباشر جديد ومثير للاهتمام لكن لا يزال في مرحلته الأولى. إنه أمر يستحق المشاهدة لكن لا يزال أمامه طريق طويل ليقطعه".
تتفق كيرا مع ذلك. تقول: "أعتقد أن البث المباشر هو السبيل للمضي قدما في بيع المنتجات، إنه استراتيجية تسويق جديدة تماما، نظرا لأن بعض الأشخاص يقضون معظم وقتهم على منصة تيك توك، فهذه طريقة للوجود أمام هؤلاء المستهلكين".
إن إطلاق شركة تيك توك في المملكة المتحدة يجسد أفضل المشكلات التي تواجه القطاع الناشئ. فالافتقار للبنية التحتية وموظفي الاستوديو ذوي الخبرة في بريطانيا يعني أن البث المباشر الخاص بتيك توك شوب قد ينتهي أحيانا بشكل مفاجئ بسبب مواطن الخلل التكنولوجية. يقول أحد المؤثرين إنهم وصلوا إلى استوديو ليجدوا الكاميرات والأضواء محطمة، لذلك قام مساعد دون خبرة بتصويرهم باستخدام جهاز حاسوب مقلوب على جانبه، لمحاكاة صيغة فيديو تيك توك بالطول. تقول تيك توك إن طاقم الاستوديو الخاص بها يتمتع بمستويات واسعة من التجربة والخبرة وليس لديه سجل لهذه الحالة بالذات.
يقول بعض التجار إن تكلفة البث المباشر في الاستوديوهات، إلى جانب دفع أجور المؤثرين وطاقم العمل، لا تستحق عائد الاستثمار.
تقول إحدى العلامات التجارية الفاخرة، التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها: "أردنا أن نكون أول المتبنين لكن شركة تيك توك قللت من تقدير حجم التكنولوجيا التي تحتاج إليها الشركات. لا يقتصر الأمر على تحميل مقاطع الفيديو لمنتجاتك فحسب، بل تحتاج لبنية تحتية ضخمة".
ردا على ذلك، تقول شركة تيك توك إنها تعمل على تحسين الأمور بالنسبة للتجار، لكنها تعتقد أنه من الممكن أن تنجح دون بنية تحتية ضخمة.
كما اشتكى عملاء خاصية تيك توك شوب من التأخير في تسلم الأشياء التي يشترونها، وأحيانا لا يتسلمونها على الإطلاق، ومن المشكلات مع البائعين غير المستجيبين عند طلب استرداد الأموال. تتلقى المنصة نحو 200 شكوى من العملاء في المملكة المتحدة كل يوم، كثير منها يتعلق بباعة محتالين، وفقا لشخص يعمل في الشركة.
هناك أيضا مشكلة تتعلق بالمنتجات المقلدة المتوافرة على المنصة، الأمر الذي يؤدي إلى شكاوى من العلامات التجارية من بينها دايسون ولوريال. توصي خوارزمية المنصة بعمليات البث المباشر هذه ويمكن العثور عليها بسهولة في غضون ثوان من تسجيل الدخول إلى التطبيق.
يقول باتريك نومينسن، المدير الأول لعمليات التجارة الإلكترونية في تيك توك: "عندما يتعلق الأمر بالمنتجات المزورة، فإن النسخ المزيفة أو غير المصرح بها للمنتجات الأصلية ممنوعة في متجر تيك توك. إننا نجعل هذا واضحا تماما في سياساتنا (...) ونزيل هذه الفيديوهات عند العثور عليها".
يقول عديد من التجار إن نموذج التجارة الإلكترونية المباشرة في الصين كان بمنزلة "سباق نحو القاع"، فيما يتعلق بالأسعار، الأمر الذي قلل من قيمة منتجاتهم، وجعل من الصعب المنافسة مع الجهات الفاعلة السيئة التي تبيع سلعا مقلدة أو رخيصة الثمن.
يقول أحد التجار في متجر تيك توك: "إن محاولة نقل النموذج الصيني كما هو إلى الأسواق الغربية ليست الطريقة الناجحة على المدى الطويل".
أكبر من أن تفشل
يتوقع أولي لويس من "ذا فيفث"، وهي وكالة للمبدعين المؤثرين، أن تنمو التجارة الإلكترونية الاجتماعية في المملكة المتحدة من 4.2 مليار جنيه استرليني في 2021 إلى نحو 6.1 مليار جنيه استرليني في العام المقبل، مع زيادة حصة التسوق المباشر من 29 في المائة إلى 45 في المائة. لكنه يقول إن القطاع لن يتغير كثيرا في الأشهر الـ12 المقبلة، واصفا إياه بـ"لعبة طويلة المدى".
أضاف: "إن بعض التكنولوجيا عديمة الجدوى، والشركاء الذين يوفرون الخدمات اللوجستية لتلبية الطلبيات غير متوفرين. لكن المشكلة الرئيسة هي رغبة المستهلك في الشراء بنقرة واحدة".
تعد سهولة الشراء أمرا أساسيا لإنجاح عملية التسوق عبر البث المباشر، ينبغي أن يكون المستخدمون قادرين على مشاهدة محتوى شيء مميز وشرائه على الفور، ما يوجد التجربة "السلسة" التي تسعى الصناعة جاهدة لتحقيقها.
في تصميم الويب، توجد "قاعدة النقرات الثلاث" الثابتة، التي تعني أنه ما لم يتمكن المستخدم من العثور على المعلومات التي يريدها في غضون ثلاث نقرات بالفأرة "الماوس"، فسيغادر الموقع. تم إحداث ثورة في هذه القاعدة عبر مواقع التجارة الإلكترونية مثل أمازون، الأمر الذي قلل ذلك إلى نقرة واحدة. بالنسبة للشركات التي تدخل في لعبة التجارة الإلكترونية، هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تعزز فكرة أنه كلما قل عدد النقرات اللازمة لإتمام عملية الشراء، زادت احتمالية إكمال العميل للعملية.
إن العلامات التجارية وتجار التجزئة الذين كانوا بطيئين في التكيف مع طفرة التسوق عبر الإنترنت من خلال إطلاق مواقعهم الخاصة على شبكة الإنترنت قلقون بشأن تفويت الفرصة مرة ثانية. إذ لديهم الآن تضارب حول ما إذا كانوا يريدون القفز إلى التجارة الإلكترونية المباشرة، فهم يريدون أن يكونوا مرئيين على المنصات الشائعة لدى الشباب، لكنهم لا يرون المبيعات الموعودة.
تأخذ المنصات أيضا جزءا من أي مبيعات يتم إجراؤها. يرفض يوتيوب الكشف عن رسومه، لكن تيك توك وميتا مالكة فيسبوك وانستجرام، تحصلان على 5 في المائة من كل عملية بيع يتم إجراؤها على المنصة.
يشعر التجار بالقلق من أنهم لا يحصلون على نسبة النقرات على مواقع الويب الخاصة بهم، ما يعني أن بيانات المستهلكين التي نجمت عن النقر تنتمي إلى منصة الشبكات الاجتماعية. طول المدة التي تحوم فيها فأرة العميل على فستان ما، أو زوج الأحذية المضاف إلى السلة قبل تسجيل الخروج، هي معلومات لا ترغب العلامات التجارية في خسارتها.
إن التخصيص هو عصب الحياة لمنصات التواصل الاجتماعية، التي يمكن لخوارزمياتها القوية أن تتنبأ بالمحتوى الذي يرجح أن تتفاعل معه، ما يجعلها مثالية للتوصية بالأشياء التي يمكن إضافتها إلى قائمة التسوق الخاصة بشخص ما وإنشاء إعلانات مستهدفة.
منذ أن قدمت أبل برنامجا يسمح للأشخاص بإلغاء خاصية استخدام البيانات الموجودة على هواتفهم لبيع الإعلانات المخصصة، تلقت هذه الشركات ضربة كبيرة في مصدرها الأساسي من الإيرادات. تقدر ميتا أنه سينتج عن ذلك انخفاض قدره عشرة مليارات دولار في نمو الإعلانات هذا العام.
خاصية التسوق في وسائل التواصل الاجتماعي توفر القدرة على إنشاء مصدر إيرادات مربح لتلك المنصات التي توفر الوصول إلى بيانات المستهلك، التي يمكن استخدامها ليس فقط لبيع المنتجات، بل أيضا للإعلان.
تقول يوكي من انستجرام إن ميزات التسوق يمكن أن توفر معلومات "لتخصيص تجربة المستخدم" على المنصة، بما فيها الإعلانات. أضافت: "قد يؤثر نشاطك، بما في ذلك عمليات الشراء، على ما تراه. فمثلا، إذا نظرت في مجموعات من الدراجات في المتاجر على انستجرام، فقد ترى مزيدا من المحتوى حول الدراجات على منتجات فيسبوك الأخرى".
على الرغم من البداية الصعبة، لا تزال المنصات تواصل الاعتماد على هذه الميزات، على أمل أن تؤتي تجربة البث المباشر ثمارها في النهاية.
تقول إحدى العلامات التجارية، التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها، خوفا من شعبيتها لدى شركات وسائل التواصل الاجتماعي: "هذه الطفرة ستتغير بسرعة خلال الأعوام القليلة القادمة. بصفتك علامة تجارية، عليك أن تواكب التوجه، فهذه المنصات كبيرة جدا وستجعل الأمور تنجح".

الأكثر قراءة