اختبار يلوح في أفق معركة مكافحة الاحتكار التكنولوجية

اختبار يلوح في أفق معركة مكافحة الاحتكار التكنولوجية

إن الفكرة التي تدعي أن المكنسة الآلية يمكنها جمع بيانات عن منزلك وترسلها إلى شركة أمازون قد تصيب بعض الناس بالخوف. إذا حدث ذلك، هل ستقترح أليكسا عليك حينها أن تشتري سجادة جديدة بعد أن تبلى سجادتك القديمة، أو أن تقترح طريقة أفضل لترتيب أثاثك؟
لكن ما إذا كان هذا الأمر سيشكل أيضا تهديدا على المنافسة في سوق أتمتة المنازل الناشئة، فذلك سؤال مختلف تماما. أصبح الفصل بين هاتين المسألتين أمرا بالغ الأهمية بينما تشق الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة طريقا جديدا في إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار، مع تركيزها على البيانات بشكل واسع.
إن اتفاقية استحواذ أمازون على "آي روبوت"، الشركة المصنعة لمكنسة رومبا الآلية، مقابل 1.7 مليار دولار، تعد بجعل شركة التجارة الإلكترونية جزءا ثابتا في منازل عملائها. ستضيف بذلك جهازا آخر إلى مجموعة من منتجات أتمتة المنزل، التي تشمل مكبرات الصوت الذكية، التي تعمل باستخدام أليكسا، وأجراس الباب رينج، كذلك روبوت أسترو، الذي يسير على عجلات، ويبلغ طوله 17 بوصة.
مع ذلك، لا يغيب عن ذهن أي شخص، حقيقة أن لينا خان، التي تترأس لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية منذ 14 شهرا، قد صنعت لنفسها اسما في دوائر مكافحة الاحتكار بعد أن نشرت بحثا في 2017 تطالب فيه بنهج أكثر شمولا لإنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار في سبيل مواجهة قوة أمازون.
أساس حجتها هو الحاجة للعمل بقوة أكبر في مواجهة التكامل الرأسي– وهي الصفقات التي تجمع بين الشركات في نواح مختلفة من سلسلة القيمة، مثل شراء أمازون لشركة آي روبوت. جادلت خان أن الصفقات الرأسية تعد مشكلة خاصة في الأسواق الرقمية، نظرا لأن شركات التكنولوجيا الكبرى تتمتع بالقدرة على حجب التطبيقات المنافسة، التي تعتمد على الوصول إلى منصاتها. كما حذرت من أن البيانات، التي يتم الحصول عليها في سوق ما يمكن أن تستخدمها هذه الشركات ضد المنافسين في مجالات أخرى.
فتحت لجنة التجارة الفيدرالية التي ترأسها خان آفاقا جديدة بالفعل في التعامل مع الصفقات الرأسية في قطاع التكنولوجيا، حيث رفعت دعوى قضائية ضد ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، الشهر الماضي لمنعها من شراء تطبيق سوبرناتشورال الشهير للتمارين الرياضية في الواقع الافتراضي.
يبدو أن كل ذلك وضع صفقة الاستحواذ على "آي روبوت" في بؤرة اهتمام لجنة التجارة الفيدرالية. أتمتة المنزل، مثل الواقع الافتراضي، تعد سوقا جديدة جذبت انتباه عمالقة التكنولوجيا. تزعم أمازون أنها من أوائل الشركات الرائدة في مجال قد يهيمن عليه عدد قليل من الشركات في المستقبل.
لكن بينما سارع الناشطون في مجال الخصوصية وغيرهم إلى الشكوى من ذلك، من غير الواضح أن ملكية أمازون لبيانات "آي روبوت" ستؤدي وحدها إلى قلب ميزان التنافس.
من الصعب التنبؤ بالاستدلالات التي سيتمكن الذكاء الاصطناعي من استخلاصها من معلومة معينة، ولا سيما أنها مدمجة مع بيانات أخرى. لكن في ظاهر الأمر، معرفة أبعاد الغرفة أو مكان قطعة أثاث، لا يبدو أنها ستمنح أمازون ميزة غير منصفة في المجالات الأخرى، سواء في أتمتة المنزل أو في أجزاء أخرى من أعمالها في التجارة الإلكترونية.
حتى لو كانت للبيانات قيمة تنافسية، فهل تعد موردا نادرا؟ كثيرا ما يقال عن البيانات إنها النفط الذي يغذي الاقتصاد الرقمي، لكن على عكس النفط، لا يوجد حد لحجم المعلومات الرقمية التي يمكن استحداثها. يمكن أن تصبح أي أداة جديدة شائعة، أو تطبيق جديد جذاب، مصدرا فوريا تتدفق منه أفكار قيمة لمن يملكه.
من المؤكد أن استنساخ بعض مجموعات البيانات يعد أكثر صعوبة من غيره. عندما اشترت "مايكروسوفت" منصة "لينكد إن" في 2016، اشتكت شركة سايلز فورس للجهات التنظيمية بأن شبكة تواصل المستخدمين المهنيين كانت أصلا فريدا. لكن في كثير من المجالات، تعد البيانات نتيجة ثانوية تلقائية لبعض الإجراءات الأخرى، مثل رسم خريطة للمنزل أثناء تنظيفه بالمكنسة الآلية.
إذا كان احتمال حصول أمازون على البيانات من مكنسة رومبا الآلية لا يثير مخاوف واضحة مرتبطة بمكافحة الاحتكار، فهذا لا يعني أن الصفقة لن تواجه تحديا من لجنة التجارة الفيدرالية. كانت خان صريحة بشأن محاولتها منع المنصات المهيمنة من اتخاذ مراكز في الأسواق الرقمية الجديدة، حتى قبل أن يتضح بالضبط الشكل الذي ستتخذه هذه الأسواق أو من ستكون الشركات المهيمنة فيها. من المرجح أن يجعل ذلك شراء أمازون للشركات التي تمتلك "التطبيقات" الأكثر أهمية في أتمتة المنزل أمرا مقلقا للمنظمين مثل استحواذ "ميتا" على التطبيقات الرائدة في الواقع الافتراضي.
قد يشير المؤيدون لخان إلى شراء جوجل لموقع يوتيوب في 2006 واستحواذ فيسبوك على انستجرام في 2012 قبل وقت طويل من انطلاقة أسواق مشاركة الصور والفيديو عبر الإنترنت، لكن إقناع المحكمة بأن تكون تطلعية سيكون تحديا، خاصة في ظل عدم وجود أي ضرر واضح في الوقت الحالي على المستهلكين.

الأكثر قراءة