السيارات الذكية بحاجة إلى تنظيم ذكي
قبل بضعة أعوام قيل لنا إن السيارات ذاتية القيادة قريبة جدا وستقف قريبا على جوانب الطرقات. بعد ذلك، عندما أصبحت التعقيدات غير السارة لتطوير ونشر التكنولوجيا أكثر وضوحا، اكتشفنا أنها عالقة في أزمة سير خانقة على بعد عديد من البنايات. لكن سيكون من الخطأ استنتاج أن المركبات ذاتية القيادة بالكامل لن تصل أبدا - كما لو أنها ستلغي موعدها معنا كبعض سائقي أوبر المحبطين. فبينما لا تزال التحديات هائلة، يتم إحراز تقدم مطرد.
هذا الأسبوع، مثلا، أعلنت شركة بايدو الصينية للتكنولوجيا أنها حصلت على موافقة على تشغيل سيارات الأجرة الآلية من دون سائق بالكامل في تشونجتشينج وفي ووهان على أساس تجاري. وستختبر خمس مركبات في كل مدينة في مناطق خاضعة للمراقبة خلال أوقات محدودة. سيارات الأجرة التجريبية لشركة بايدو التي تقودها الروبوتات، مع وجود شخص في مقعد الراكب كعامل أمان، ظلت تسير في بعض أكبر مدن الصين لعدة أشهر. وحتى الآن، جمعت 32 مليون كيلو متر من بيانات القيادة في العالم الحقيقي لتغذية خوارزميات بايدو التي تتحسن باستمرار.
في الشهر الماضي، كشفت بايدو النقاب عن الجيل السادس من سيارات الأجرة الآلية، أبوللو أر تي 6 التي تأتي مع 38 مستشعرا، بما فيها ثمانية أنظمة ليدار و12 كاميرا. وتسعى الشركة إلى نشر ما يصل إلى 100 ألف من هذه السيارات اعتبارا من العام المقبل. قالت إنها خفضت تكلفة الإنتاج إلى 37 ألف دولار، ما دفع التكنولوجيا نحو الجدوى التجارية. روبن لي، الشريك المؤسس لشركة بايدو، قال: "إننا نتجه نحو مستقبل يكلف فيه ركوب سيارات الأجرة الآلية نصف ما يكلفه ركوب سيارات الأجرة اليوم".
في الولايات المتحدة تعكف شركة ويمو للمركبات ذاتية القيادة، المملوكة لشركة ألفابت، على اختبار سياراتها في مدينة فينيكس في ولاية أريزونا منذ عام 2020. أعلنت الشركة أخيرا أنها جمعت ما يكفي من المعلومات لسحب مشغلي السلامة البشرية من سياراتها وتوسيع نطاق خدمتها في وسط المدينة. وفي حزيران (يونيو) أصبحت كروز، وحدة السيارات المستقلة التابعة لشركة جنرال موتورز، أول شركة في الولايات المتحدة تقدم خدمة ركوب سيارات الأجرة التجارية في سان فرانسيسكو. لكنها عانت انتكاسة محرجة عندما أغلق أكثر من ست من مركبات الأجرة الآلية، غير المتحركة من نوع كروز، تقاطعا لبضع ساعات قبل أن تتم إزالتها يدويا.
وبشكل مقلق، فتحت الإدارة الوطنية الأمريكية للسلامة المرورية على الطرق السريعة هذا العام، تحقيقا في وظيفة القبطان الآلي المثبتة على نحو 830 ألف سيارة تسلا بعد سلسلة من الحوادث، أحدها قاتل. ويركز المحققون على ما إذا كانت أنظمة مساعدة السائق في سيارات تسلا قد قوضت "فاعلية إشراف السائق".
في الولايات المتحدة، حيث تتزايد الشكوك حول التنظيم الحكومي، هناك اعتقاد بأن برمجيات "هايف مايند" hive mind المتطورة بشكل متزايد، التي تدير أساطيل من السيارات ذاتية القيادة، ستتغلب في النهاية على جميع العقبات - حتى لو كان صبر المستثمرين ينفد بشأن المدة التي يستغرقها ذلك.
شركات السيارات ذاتية القيادة في الصين، ومن ضمنها بايدو، تستفيد من الخطة الخمسية الـ14 للحزب الشيوعي الصيني التي تتضمن الترويج للقيادة الذاتية كأولوية وطنية. تم تصنيف ووهان منطقة تطوير تكنولوجي ذات اختصاص لتسريع نشر السيارات ذاتية القيادة. فقد شيدت المدينة 321 كيلو مترا من "الطرق الذكية" للاختبار، ثلثها يتمتع بتغطية كاملة لشبكات الجيل الخامس من الإنترنت. وبشكل مشابه في تشونجتشينج، تم إنشاء البنية التحتية الرقمية الداعمة على أكثر من 30 طريق اختبار لتسهيل الاتصال في الوقت الفعلي من المركبة إلى الطريق.
يجادل بعض قادة الصناعة بأنه من المحتمل إحراز تقدم أسرع في "مجالات التصميم التشغيلي" - البيئات التي يتم التحكم فيها بعيدا عن حركة المرور العادية. فلأعوام كانت الشاحنات ذاتية القيادة تعمل في مناجم مكشوفة ويتم استخدامها بشكل متزايد في مجمعات الشركات والمطارات. وتعد هذه المواقع البعيدة عن الطرق أماكن رائعة للانتشار بوتيرة كبيرة وعلى نطاق واسع، كما يقول بول نيومان، مؤسس شركة أوكسبوتكا للبرمجيات التي تتخذ من أكسفورد مقرا لها، وكبير مسؤولي التكنولوجيا فيها.
على الرغم من أنه "متأكد على نحو مَرَضي" فيما يتعلق بالتقدم التكنولوجي للصناعة، إلا أن نيومان يقول إن شركات السيارات المستقلة لا تزال تواجه تحديات مزدوجة متمثلة في الطمأنينة والتأمين. ويمكن أن يساعد برنامج ميتا درايفر، من شركة أوكسبوتكا، الذي يدير عمليات محاكاة اصطناعية للمفاجآت الخطرة التي يمكن أن تنصب الكمائن للسائقين، والمستمدة من بيانات العالم الحقيقي، في طمأنة المستخدمين والمشغلين بأن التكنولوجيا آمنة. لكن شركات التأمين تريد مزيدا من الوضوح حول المسؤولية التشغيلية والالتزامات القانونية - على النحو المبين في تقرير صدر أخيرا عن لجنة القانون في المملكة المتحدة. يقول نيومان: "إننا بحاجة إلى الانتقال إلى الأنظمة التي تضع أولوية للتصميم الهندسي على الهوس الخوارزمي. وعلينا أن ننظر إلى المنظمين باعتبارهم مؤسسين مشاركين".
القليل من رواد الأعمال سريعي البديهة يستمتعون بالمحادثات المكثفة مع البيروقراطيين البطيئين. لكن الافتقار إلى القبول العام واليقين القانوني قد يثبتان أنهما أكبر عقبة أمام هذه الصناعة. فعندما يتعلق الأمر بالسيارات ذاتية القيادة، يتعين على المبتكرين والمنظمين العمل كأصدقاء في الظاهر وأعداء في الباطن.