قراءات
أنت تشرق .. أنت تضيء
رواية لرشا عدلي، بقدر ما لها صلة بالماضي بقدر ما تشكل إضافة جديدة للحاضر حيث يتحول البحث في تاريخ مصر القديم، واستعادة ذاكرتها، والسعي إلى البوح بأسرار أماكنها، وملامسة آثارها، وإقامة حوار معها، لتدون محكية تتوسل كل الإمكانات التعبيرية للفن الروائي بغرض التأمل في مسارات تاريخية غامضة. من سحر الفيوم وفنون العمارة فيها وآثارها الضاربة في عمق التاريخ، ومن حضارة روما ومتاحفها العريقة تستوحي الكاتبة روايتها هذه وترسم ملامح المشهد السردي، وأبعاده، ووظيفته الأيديولوجية، من خلال حكايتين اثنتين أساسيتين تسردهما الرواية وتقارن بينهما. الحكاية الأولى تعود إلى القرن الأول بعد الميلاد، والثانية إلى أواخر القرن الـ20 وصولا إلى القرن الـ21. وعلى هذا التباعد في الزمن الروائي فإن ثمة تقاطعا في الأمكنة الروائية. ذلك أن شخصيات الحكايتين قد تجوب الأماكن عينها في لقاء مستحيل.
سوسيولوجيا الهوية
يفكك كتاب "سوسيولوجيا الهوية: جدليات الوعي، والتفكك وإعادة البناء" للباحث اللبناني عبدالغني عماد سؤال الهوية والثقافة الذي شغل السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين والفلاسفة ولا يزال، حيث "لا تتشكل الهويات من العدم أو الفراغ"، بل إنها "سيرورة انبنائية باحثة عن التجانس والاندماج في إطار الجماعة، وهي إذ تنضج وتستكمل تشكلها، تستقر في الوعي الاجتماعي حاملة السمات الأساسية التي تميز الجماعة عن غيرها، وهي سمات تتحدد ضمن علاقات التماثل والاختلاف وتعكس ارتباط الإنسان بالآخرين وتميزه عنهم في الوقت نفسه". كما يطرح الكتاب، الصادر عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، رؤية مؤلفه لما آلت إليه الهوية والثقافة في عالم يزداد تعولما وتفككا، وهو ما يتجلى في أكثر من مكان، وعلى نحو كارثي في الوطن العربي حيث انفجرت عصبيات، وتضخمت هويات طائفية ومذهبية وإثنية، وتحولت إلى ما يشبه "الوعي القطيعي"، حتى بدأت تتحول إلى سياج لا يسمح "للعقل" بأن يخترقها، ولا "للجماعة" بأن تخرج عن طوقه.
بيت بلا جذور
صدرت حديثا عن سلسلة إبداعات عالمية، التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، الترجمة العربية لرواية الكاتبة الفرنسية مصرية الأصل أندريه شديد، بعنوان "بيت بلا جذور"، من ترجمة الشاعر المغربي نجيب مبارك، ومراجعة الأكاديمي منتجب صقر. رواية "بيت بلا جذور" هي الرواية الأولى لأندريه شديد عن مأساة الحرب الأهلية اللبنانية، التي تفجرت في منتصف السبعينيات واستمرت إلى 1990. حيث تجري أحداثها على مستويين مختلفين، وفترتين تاريخيتين متباعدتين، تحيل كل واحدة منهما على الأخرى، لبنان السعيد في 1932، ولبنان الممزق في 1975. الرواية تحكي قصة عائلية حقيقية استنادا إلى فكرة اختلاف الأجيال، تناقش من خلالها ثيمات وأسئلة جوهرية مرتبطة بالدين، والحرب، والحياة، والموت والتمرد والتسامح وغيرها، وترسم بدقة أجواء بيروت وأحوال سكانها، وبقية التفاصيل النفسية والفكرية، المؤثرة في شخوصها، خلال تلك الأيام العصيبة والمفصلية من تاريخ لبنان.