رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أرض المبادرات ومنطلق الشراكات

لم تتوقف المملكة في أي وقت من الأوقات، عن حشد المجتمع الدولي والقوى المؤثرة فيه، من أجل مصلحة المنطقة وشعوب العالم أجمع، ولديها تجارب إيجابية متعددة متنوعة على المستويات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لتحقيق السلام والاستقرار. وتبث دوما من فترة وأخرى أن الرياض تعتمد في اتخاذ قراراتها على الحصافة وتحكيم صوت العقل من أجل المصلحة العامة. وتعمل القيادة السعودية، وبحكم الدور الريادي لبلادها، على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزيز المسارات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
السعودية تبادر إلى بناء شراكات استراتيجية متناغمة، وتدعم أخرى موجودة بالفعل، لخدمة المصالح المشتركة ودعم المواقف المهمة التي يستفيد منها ويستثمرها الاقتصاد العالمي، التي ترفد في النهاية الحراك الدولي بمزيد من الآليات لنشر الاستقرار والأمن والتنمية، وتعميق التفاهمات، وحل المشكلات بالوسائل السياسية، وفض النزاعات بأقل الأضرار الممكنة. إنها سياسة سعودية جامعة وثابتة منذ فترة طويلة من أجل الخير المستدام.
ومن هنا، تأتي أهمية قمة جدة للأمن والتنمية، ونلاحظ أن عنوانها يكتسب وضعا خاصا، إذ تحمل ضرورة قصوى ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع، وينظر إليها العالم بعيون تعكس أن لديها حلولا لمواجهة تحديات العالم اليوم من: جيوسياسية واقتصادية وغذائية وأمنية وبيئية ومناخية وصحية وغيرها، لمواصلة التعاون بما يحقق الأمن والرخاء والسلام والاستقرار والازدهار للعالم أجمع، خاصة في ظل ما يعانيه العالم من حرب لها تداعياتها السلبية.
إن قمة جدة بأصدائها العالمية تشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي بثقلها السياسي والاقتصادي، فهي تمثل كتلة قوية، وكل من مصر والأردن والعراق بأهميتها الاستراتيجية، إضافة إلى حضور الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، الذي أبدى اهتماما واضحا بهذه المشاركة، من منطلق أهمية مخرجات هذه القمة، وشارك فيها بوفد متنوع الاختصاصات، لتكريس هذه المخرجات.
المحادثات التي أجراها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس جوزيف بايدن، دعمت تلقائيا العلاقات التاريخية بين الرياض وواشنطن، ومهدت للقمة التي تمثل فصلا جديدا آخر في تاريخ المنطقة ككل، يأخذ في الحسبان المتغيرات والتطورات التي حدثت، وتلك المتجددة دائما، فالدور السعودي إقليميا وعالميا محوري، وهو في الواقع منطلق للأمن والتنمية في المنطقة والعالم، كما أنه دور جامع ومحوري تدعمه سلسلة من المبادرات والرؤى والقرارات المتجددة والمبتكرة أيضا، أظهرت مدى أهميتها وعمق تأثيرها.
استطاعت المملكة أن توظف قوتها وتأثيرها دائما في الاتجاه الذي يدعم الأمن والسلم العالميين، فضلا عن الجوانب المتعلقة بالتنمية والاستقرار الاقتصادي العالمي، بما في ذلك حراكها على ساحة "مجموعة العشرين"، التي كما هو معروف، أخذت زمام المبادرة الدولية منذ أكثر من عقد من الزمن. قمة جدة للأمن والتنمية، تصنع بالفعل تحولا جديدا، يقوم على ضمان المصالح المشتركة، مع دعم بلا حدود للتنمية والعالم، كما أنها تكرس حقيقة القوة التي تتمتع بها المنطقة، وتجمعها في مسار يحقق كل الأهداف السامية المعلنة. ولأنها صنعت تحولا جديدا، فهي قدمت ترتيبات جديدة، تواكب المرحلة ومتناغمة مع المتغيرات. وما كان هذا ليحدث، لولا التحرك السعودي الدؤوب على الساحتين الإقليمية والدولية، والمبادرات السعودية التي لا تحاكي عالما متغيرا فحسب، بل تختص أيضا بالمستقبل. فقد كرست جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المنطقة قبل القمة، نجاح هذه الأخيرة قبل أن تلتئم. فالجولة وضعت الأسس التي تضمن بناء شراكات استراتيجية جديدة، تأخذ في الحسبان المصالح الإقليمية والدولية، والاتصالات التي لم تتوقف مع الجانب الأمريكي، الذي عد بأنه ابتعد عن المنطقة في الأعوام الماضية، عززت فرص نجاح قمة محورية بهذه القوة.
وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان واضحا في كلمته أمام قمة جدة، عندما أكد أنها "تؤسس لعهد جديد من التعاون المشترك لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة الأمريكية"، لماذا؟ لـ"خدمة مصالحنا المشتركة وتعزيز الأمن والتنمية، في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع". إنها أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية وصحية والاهتمام بملف الطاقة واستقرار أسواقها، والنظر بعين ثاقبة للقضايا السياسية التي تهم من صراعات ونزاعات تكدر أسباب الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية والحساسة، وردع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة للحفاظ على أمنها.
ومن هذه النقاط الرئيسة التي تم ذكرها، فإن مخرجات قمة جدة تعد تاريخية بهذا الحجم. وبدا انعكاس هذا الموقف واضحا على كل القادة المشاركين، بمن فيهم الرئيس الأمريكي الذي قدم تعهدات تاريخية أيضا لأمن وسلامة المنطقة، مع احترام خصوصيات دولها.
من هنا، يمكن النظر إلى حرص السعودية على توظيف إمكاناتها وقدراتها للمصالح المشتركة المشار إليها، بما في ذلك بالطبع مصالح المنطقة التي تمثل النقطة الأهم لصانع القرار في المملكة. ولن تتوقف المبادرات السعودية لدعم كل ما يصب في مصلحة المجتمع الدولي عموما، ومصلحة المنطقة على وجه الخصوص. كما أنها لن توقف قدراتها الاستثنائية على أن تكون جهة جامعة من أجل الأمن والسلم والرخاء والاستقرار، ولصيانة وحماية القانون الدولي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي