الحج .. منهج دولة متوارث

جندت المملكة العربية السعودية كوادرها، وإمكاناتها لتوفير سبل الراحة والسلامة، وتحقيق الأمن والأمان لحجاج بيت الله الحرام، وقاصديه من الزوار والمعتمرين منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله، وسخرت الدولة السعودية كل طاقاتها للقيام بهذا الواجب الإسلامي العظيم، وحرصت على أن تستند في كل توجهاتها إلى مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وتعاليمه السمحة، متخذة من القرآن الكريم، والسنة النبوية دستورا لها، لتطبيق العدل، ونشر الفضيلة، وخدمة المسلمين في كل مكان.
وظلت الدولة السعودية تطور خدمات الحج في كل موسم إلى أن دخلت خدمات البوابة الإلكترونية بشكل لافت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث طوعت جميع الإمكانات التقنية الحديثة من أجل راحة الحجاج من مغادرتهم دولهم حتى وصولهم إلى الأماكن المقدسة.
خطاب الملك سلمان بن عبدالعزيز للحجاج وضيوف السعودية، والمواطنين والمقيمين والمسلمين تضمن الإشارة إلى شرف خدمة الحرمين الشريفين، ورعاية ضيوف الرحمن، وهذا تأكيد بالغ على عظم هذا العمل، وما توليه الدولة من اهتمام كبير منذ تأسيسها.
بذلت السعودية جهودا كبيرة من خلال العمل على مشاريع توسعة الحرمين الشريفين لإتاحة فرصة زيارة الحرمين وإتمام فرض الحج وأداء العمرة بيسر وسهولة، وزيارة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وهذا الأمر يعد مشروعا يتصف بالاستدامة، فهو جهد مستمر منذ عهد الملك المؤسس رحمه الله، مرورا بعهد الملوك من أبنائه -رحمهم الله-، حتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
وقبل عدة أسابيع تم تجهيز التوسعة السعودية الثالثة في المسجد الحرام لاستقبال حجاج بيت الله لهذا العام، من خلال خطط منهجية، وكوادر بشرية من مهندسين، وفنيين، ومراقبين، وعمالة متنوعة، وتهيئة الساحات من جميع المحاور والممرات، واستحداث أفضل الأنظمة التقنية، والكهربائية، مع خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة تساعدهم على أداء الفريضة، إلى جانب التجهيزات الطبية والإسعافية، وفق أحدث المواصفات.
هذه المشاريع النوعية المتطورة تفخر بها القيادة والمواطنون، وهي تقوم على مبدأ تسهيل الخدمات للحجاج، وهذا منهج قامت عليه السعودية من أجل تحقيق شرف الخدمة للبيت الحرام وحجاجه.
أرض المشاعر شهدت عديدا من المشاريع التي تهدف إلى جعل الحج ميسرا وآمنا، حيث شيدت الجسور الضخمة على الجمرات، وأنشئت قطارات تفويج الحجاج، مع توفير الآلاف من رجال الأمن والجهات الحكومية المشاركة لدعم وضمان تدفق الخدمات الطبية كافة، والغذائية وجميع السلع، وبما يضمن سلامة الحجيج وصحتهم.
كلمة خادم الحرمين الشريفين هذا العام تضمنت اهتمام السعودية بجميع كوادرها البشرية المنتشرة في كل مواقع قدوم الحجاج وتجمعاتهم لتسهيل عودة الحجاج للمشاعر بهذه الأعداد، وذلك بفضله سبحانه، كما تضمنت الشكر والتقدير لكل العاملين في جميع القطاعات على ما قدموه، وهذا الشكر من خادم الحرمين الشريفين يسعى له كل العاملين في القطاعات الحكومية، وهو تتويج لهم في يوم العيد ووسام فخر، ودليل واضح على نجاح خطط الحج التي تضمنت تفويج الحجاج إلى منى يوم التروية، ثم إلى عرفات يوم التاسع من ذي الحجة، ثم الجهود الكبيرة للنفرة إلى مزدلفة، التي تمتد حتى رمي الجمرات يوم الحج الأكبر، فلا يتأخر حاج عن صعود عرفات، ولا يتعب في النفرة، ولا يجد زحاما عند الرمي، حتى المرضى من الحجاج يتم نقلهم لإتمام فرضهم مع عناية خاصة كاملة تضمن لهم السلامة، وأداء النسك.
السعودية نجحت في زيادة أعداد الحجاج خلال هذا الموسم بعد جائحة كورونا، حيث تم رفع عددهم ليصل إلى مليون حاج من الداخل، والخارج، وهذه كانت بشرى كبيرة للمسلمين الذين يتلهفون لزيارة البيت الحرام، وأداء مناسك الحج، بالنظر إلى أن العامين الماضيين شهدا انتشارا واسعا لمرض كورونا في كل أنحاء العالم وبما يهدد صحة الحجاج، ويعرضهم للخطر وهو الأمر الذي جعل المملكة تتخذ قرارا بتخفيض عدد الحجاج إلى نحو 60 ألف حاج في 2021 مع الأخذ بالإجراءات الاحترازية الوقائية، وهي القرارات التي تلقتها الأمة الإسلامية بالترحيب، وثمنت للسعودية جهودها في إقامة شعائر الحج، مع الحرص التام على سلامة الحجاج، والعناية بصحتهم.
هذا العام تمت زيادة الأعداد، لكن مع الالتزام أيضا بالإجراءات الاحترازية الصحية التي حددت الفئة العمرية، واستكمال التحصينات، واللقاحات، ولهذا شهد الحج هذا العام رفع جميع القيود على حركة الحجاج، فانطلقوا في رحاب المشاعر وسط أجواء مليئة بالأمن والأمان، تحيط بهم عناية الرحمن، ثم جميع التجهيزات التي أعدت لتضمن سلامتهم، ونقول كما قال خادم الحرمين الشريفين في كلمته: "اللهم تقبل من الحجاج حجهم، وبارك للمسلمين عيدهم".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي