رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السعودية .. مواجهة آثار التضخم

بادرت الدولة - أيدها الله - بالتزامن مع بدء ارتفاع تكاليف بعض الاحتياجات الأساسية، ومراعاة لآثارها على كاهل المواطنين الأكثر حاجة، بإقرار عديد من التدابير الوقائية اللازمة، وتخصيص دعم مالي سخي وصل إلى 20 مليار ريال، مستهدفة احتواء التداعيات المحتملة لارتفاع الأسعار عالميا، التي تشهد خلال الفترة الراهنة موجة من التضخم هي الأعلى في منظور أكثر من أربعة عقود مضت.
حيث أصدر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أمرا ملكيا كريما بالموافقة على تخصيص دعم مالي بمبلغ 20 مليار ريال، لمواجهة تلك التداعيات المعيشية، الذي جاء انطلاقا من حرصه واهتمامه بالمواطنين والمواطنات، وبهدف حماية الأسر المستحقة من تداعيات الآثار المترتبة على الارتفاعات القياسية التي تشهدها الأسعار العالمية، وبناء على ما رفعه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية - حفظه الله -.
وتم التوجيه بتوزيع ذلك المبلغ المالي على النحو الآتي، بإجمالي 10.4 مليار ريال على هيئة تحويلات نقدية مباشرة، يتم توزيعها بتخصيص نحو 2.0 مليار ريال لدعم مستفيدي الضمان الاجتماعي، وتخصيص نحو 8.0 مليار ريال كدعم مالي إضافي للمستفيدين من برنامج حساب المواطن، وتخصيص 408 ملايين ريال كدعم مالي لمستفيدي برنامج صغار مربي الماشية، فيما سيخصص المتبقي من مبلغ الدعم المقرر البالغ 9.6 مليار ريال، لأجل زيادة المخزونات الاستراتيجية من المواد الأساسية، والتأكد من استمرار توافرها في الأسواق المحلية دون انقطاع أو تأخير.
وتأكيدا على الأهمية العالية للإجراءات المباركة أعلاه، فقد أكد ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، مراعاة المواطنين الأكثر حاجة في مواجهة التطورات الدولية التي نتج عنها ارتفاع في تكاليف بعض الاحتياجات الأساسية، وشدد - حفظه الله - على الأدوار المهمة للوزارات والأجهزة الحكومية ذات الصلة بمراقبة التطورات الدولية بما في ذلك المتعلقة بسلاسل الإمداد، ومتابعة الأسواق ووفرة المنتجات ومستويات الأسعار، وحماية المنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية التي تؤثر في المنافسة المشروعة أو في مصلحة المستهلك.
كما يأتي إقرار تلك الإجراءات المباركة في وقت مبكر واستباقي، لما بدأت تشهده مستويات الأسعار محليا من ارتفاع، على الرغم من ارتفاع معدل التضخم بنحو 2.24 في المائة بنهاية أيار (مايو) الماضي من العام الجاري، إلا أنه تضمن ارتفاع عديد من البنود المكونة للتضخم، التي شكلت في مجموعها النسبي نحو 40.3 في المائة من إجمالي مجموع بنود التضخم، تمثلت في أربع فئات إنفاق رئيسة: أولا، فئة الإنفاق على التعليم، بارتفاع سنوي بلغ 6.2 في المائة. ثانيا، فئة الإنفاق على الأغذية والمشروبات، بارتفاع سنوي بلغ 4.3 في المائة. ثالثا، فئة الإنفاق على المطاعم والفنادق، بارتفاع سنوي بلغ 4.1 في المائة. رابعا، فئة الإنفاق على النقل، بارتفاع سنوي بلغ 4.1 في المائة. وعلى الرغم من أن ارتفاعاتها السنوية لا تقارن بما حدث ويحدث خارجيا وفي مناطق واسعة من دول العالم، إلا أن الارتفاع الذي سجله الرقم القياسي لأسعار الجملة بنهاية أيار (مايو) من العام الجاري البالغ 10.2 في المائة، كمؤشر يعكس الارتفاع المحمول مع أغلب الواردات السلعية من خارج الحدود، ويتوقع انعكاسه على مستويات الأسعار محليا في منظور الأشهر المقبلة، لا شك أنه مما أخذ بعين الاعتبار من قبل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وبناء عليه بدأ التحرك استباقيا برفع توصياته للمقام السامي، مؤيدا بحرص واهتمام ولي العهد الأمين - حفظه الله -.
إن من أهم وأبرز ما يعزز من فاعلية وكفاءة أي سياسات أو مبادرات اقتصادية ومالية، أن تتسم بالأسبقية وسرعة اتخاذ القرار، وهو الأمر الذي أصبح معتادا بوجود مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وكان إحدى أهم ركائز نجاح البرامج والمبادرات الحكومية طوال الأعوام الماضية، وشواهد ذلك كثيرة جدا ومعروفة، ليس ما تم اتخاذه مع أولى بوادر تفشي أزمة الجائحة العالمية لكوفيد - 19 إلا أحد أبرز شواهدها، التي حظيت - بحمد الله - بأعلى درجات النجاح على المستويات كافة، وبفضلها - بعد توفيق الله - تمكن الاقتصاد الوطني من تجاوز تداعياتها الهائلة على الاقتصاد العالمي.
والشيء بالشيء يذكر، فإن الإنسان مواطنا أو مقيما على أرض المملكة، دائما ما تأتي أولويات ضمان صحته وسلامة أوضاعه المعيشية في مقدمة اهتمامات القيادة الرشيدة لبلادنا - حماها الله -، وما صدور الأمر الملكي الكريم في هذا الشأن الأخير، إلا استمرارا راسخا على هذا الطريق التنموي، يستهدف أعلى درجات المحافظة على الأمان المالي والاجتماعي للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وبدرجة أعلى الشرائح الأكثر حاجة من المواطنين أفرادا وأسرا.
ختاما، إن مما يدعو إلى مزيد من الثقة العالية والمضادة لأي مخاوف من التحديات التي يمر بها الاقتصاد العالمي خلال الفترة الراهنة، التي بدأ عديد من الدول حول العالم يقاسي تداعياتها الموجعة، أن بلادنا بفضل من الله وكرم منه، ثم بكفاءة أجهزة الدولة - أيدها الله - وبما حباها الله من إمكانات وموارد كافية جدا، تمتلك القدرة اللازمة للتعامل مع أي مستوى قد ترتفع إليه تلك التحديات، وهو ما أكده الأمر الملكي الكريم أعلاه، الذي خصص نحو نصف الدعم المعلن "20 مليار ريال"، أي ما يبلغ حجمه نحو 9.6 مليار ريال، لأجل زيادة المخزونات الاستراتيجية من المواد الأساسية، والتأكد من استمرار توافرها في الأسواق المحلية دون انقطاع أو تأخير، وهو ما يمثل الاستعداد اللازم لأي تداعيات عكسية محتملة في المستقبل، وبما يؤكد أيضا أن مراقبة ومتابعة كل ما يجري من متغيرات عالمية وإقليمية، قائمة على قدم وساق وبصورة لصيقة، وأنه على الفور سيتم اتخاذ القرارات والتدابير اللازمة للتعامل معها كما يجب، وبما يقلص بأكبر قدر ممكن من أي آثار عكسية على الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء، والوصول بالجميع إلى بر الأمان في خضم ما يمر به العالم اليوم من منعطفات وأزمات بالغة التعقيد، سائلين الله - العلي القدير - أن يجنب بلادنا وأهلها آثارها وتداعياتها، وجميع دول ومجتمعات العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي