حول الإجازة
قصر مدة إجازة المدارس هذا العام، يوجد فرصة حقيقية لإعادة النظر في كيفية قضاء الإجازة بما يعود بالنفع على الأبناء. من المهم أن نستوعب التحديات الجديدة التي تواجه الجيل القادم، فالتقنية تسيطر على الحياة وأهمية التميز تتنامى مع الوقت وتبقى فرص التفوق محدودة مع تطور أساليب التربية وتوغل الصغار في عالم الإنترنت الذي يمكنهم من تجاوز الآخرين بسرعة غير معقولة. يأتي في السياق كثير مما يتوصل إليه العلم من تعديلات وتطوير في أصول وأساليب التربية والإعداد البدني والذهني للمستقبل، وهو مجال تتنافس فيه الأسر مع تعلقها المتزايد بتفوق الأبناء والحرص غير المسبوق على ترك أثر في العالم، وهو أمر لم يكن من المهمات في الماضي.
يعني هذا أن يتحول البرنامج الأسري في المستقبل إلى إعادة صياغة لجداول الحياة وطرق التفاعل مع الإجازات الطويلة التي يرجى ألا تؤثر في التحصيل العلمي، وقاعدة المعلومات "إن صحت التسمية" التي يجمعها الطفل في فترة معينة. هذا الوضع الجديد ستخسر فيه عوائل كثيرة جعلت المتعة هدفا وحيدا، وأغلب الظن أن الخسائر ستزداد مع وصول الأبناء والبنات لمراحل التعليم الثانوية التي تطلب من الخريج مجموعة من المعارف قد لا تكون توافرت له من خلال التعليم العادي.
إذا فالأيام تتغير والأسر تتغير والمستقبل متطلب ومن يستطيع أن يجمع بين المتعة والمعرفة سيكون الفائز الحقيقي في هذه المرحلة بالذات. ولهذا فالحاجة ملحة اليوم إلى توفير مراكز الرعاية الشبابية التي ترعاها وزارة التعليم أو الثقافة أو الاتصالات أو كلها مجتمعة في فترة الصيف، لنبني مفاهيم مختلفة عن الإجازة التي تتحول إلى مجموعة من الأنشطة الممتعة والمفيدة في الوقت نفسه، وقد يكون التعامل مع المراكز العالمية المشهورة وسيلة لحرق المراحل بحيث نخرج بنتيجة تتجاوز الصعاب المحتملة عندما نبدأ من الصفر.
هناك مزيد من قلاع المعرفة التي يمكن أن تسهم في مجهود مهم كهذا ومنها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ومراكز مثل إثراء الذي يمكن أن يكون له دور تأسيسي بحكم ما حققه خلال الفترة الماضية من نجاحات في المجال.
المهم أن تتغير الثقافة السائدة التي تخصص الإجازة للكسل والنوم والسفر غير المجدي ومتابعة الغث والمسين في القنوات ووسائل التواصل.