العودة إلى المنزل

شاهدت مقطع لوالدة أحد الأطفال وهي ترافق ابنها في زيارة لإحدى الدول العربية لمقابلة صديق له يمارس معه إحدى الألعاب الإلكترونية، ودفعت الأم من أجل اللقاء مبالغ باهظة. في التوجه نفسه تنتشر مقاطع أخرى لمقابلات بين أشخاص تربطهم علاقات "سايبرية" مدتها تتجاوز الأعوام وهي حالة تنتشر ويستمر انتشارها في كل دول العالم، أصل لها الفيلم الأمريكي sleepless in Seattle "سهران في سياتل" الذي أنتج في 1994، وهو يحكي قصة صديقين كل منهما في ولاية مختلفة ويجتمعان عبر أحد برامج التخاطب في الإنترنت ويتقابلان في نهاية الفيلم.
دعا صاحب مقطع آخر الناس إلى العودة للمنازل للتعرف عن قرب على الأهل وتعميق العلاقة داخل المنزل والابتعاد عن "الهجولة" وهي كثرة الخروج دونما حاجة ماسة. والواقع أن أيام الصيف التي تلزمنا بالبقاء في المنازل طلبا لاعتدال الحرارة ، تؤكد أن هناك كثيرا مما يمكن عمله عند البقاء في المنازل خصوصا مع توافر وسائل أداء المهام التقنية.
لكن كيف نقضي هذه الأوقات ونستثمرها في تحسين عناصر حياتنا المختلفة وأهمها الصحية والنفسية والاجتماعية. يرى أغلبنا حالة الانفرادية التي تسيطر من حولنا. حيث يبقى كل شخص في غرفته وينهي متطلباته منها ويتجهز بكل ما يحتاج إليه عند رغبته في التوجه خارج المنزل. تبقى الصالات ومواقع تجمع العائلة مهجورة إلا من كبار السن الذين يبحثون عن التسلية والمتعة في التواصل الشخصي، لكنهم لا يجدونها عند الشباب المشغولين بعلاقات خارج الأسوار، وقد تكون خارج البلاد.
يمكن أن نضع المسؤولية الأولى في إيجاد البيئة الجاذبة على الأم بشكل أكبر والأب بعدها، وهما ينشآن أطفالهما. فالسائد اليوم هو ترك الأطفال يعبثون بأجهزة الآيباد والجوال ويشاهدون فيهما ما يريدون دون رقابة أو متابعة ، ليزداد التصاقهم بهذه البيئة التي لا يمكن أن نعدها آمنة أو صحية. هذا الانشغال يجب أن يلغى من البيوت ويحل بدلا عنه حالة من العناية الشخصية بالطفل، ومحاولة تلبية طلباته ومناقشة ما يريد حتى المشاركة في مشاهدة ما يحب بمرافقته حتى إن استخدمنا أجهزة التلفزيون الذكية ليصبح ما نباشره من المقاطع والعروض والأفلام مفتوحا للجميع. من هنا نبدأ، وهناك مزيد من الخطوات المهمة في مسيرة الأبناء والبنات لنستعيدهم إلى المنزل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي