شركات التكنولوجيا تدخل الميتافيرس بحذر
الميتافيريس؟ أي ميتافيرس؟ أي شخص تابع الخطاب الرئيس في مؤتمر المطورين السنوي لشركة أبل الأسبوع الماضي وتوقع لمحة أكثر شمولا عن العالم الرقمي ثلاثي الأبعاد سيكون قد أصيب بخيبة أمل شديدة.
على نقيض التوقعات المنتشرة على نطاق واسع، لم يكن هناك أي ذكر لأي من سماعة أبل للواقع المعزز التي طال انتظارها، أو أيه آر كيت ARKit، منصة البرمجيات التي ستتيح للمطورين إنشاء تطبيقات لتعمل على السماعة.
عانى الميتافيرس عدم الاهتمام المفاجئ نفسه في منتديات المطورين التي نظمتها شركتا جوجل ومايكروسوفت خلال الشهر الماضي. أيا كانت الخطط التي كانت الشركتان تضعانها لما يمكن أن يتحول إلى أهم تقدم في مجال الحوسبة منذ الهاتف الذكي، فلم تكن أمرا هما على استعداد للإعلان عنه.
تعد مؤتمرات المطورين السنوية لحظة مهمة لشركات التكنولوجيا الرائدة لتحفيز مطوري البرمجيات من جميع أنحاء العالم على ابتكار تطبيقات قادرة على جذب مليارات الأشخاص إلى منصاتها. بعد كل الترقب، كان حذرهم المشترك تجاه الميتافيرس ملحوظا.
ترك هذا الصمت انطباعا حتميا مفاده أن الشركات لا تزال تعتقد أن من المبكر للغاية جلب مثل هذه التكنولوجيا لسوق شاملة - أو، على الأقل، لم تتوصل إلى معرفة كيفية ملاءمتها لأعمالها الخاصة. فقط شركة ميتا، التي تبحث عن مستقبل جديد أبعد من شبكتها للتواصل الاجتماعي، فيسبوك، كانت تدفع بشدة باتجاه هذه الفكرة.
يشير الحذر الأخير إلى أن الصناعة لا تزال تتصارع مع مشكلتين تخيمان على مشروع الميتافيرس. تتمثل إحداهما في صعوبة ابتكار سماعة رأس يرغب عدد كبير من الناس في استخدامها لفترات طويلة من الوقت.
مر عقد من الزمان منذ أن كشفت شركة جوجل عن نظارات جلاس، التي هي محاولة للحصول على جهاز واقع معزز خفيف الوزن. ومرت أيضا ثمانية أعوام منذ أن اشترت فيسبوك شركة العالم الافتراضي، أوكولوس. وسبعة أعوام منذ عرضت شركة مايكروسوفت هولولنز، نظارة الواقع المعزز التي تشبه نظارات التزلج.
مع ذلك، لا يزال من غير الواضح أين يكمن المستقبل، في واقع افتراضي ضخم وغامر بالكامل؟ أم نظارات مجردة؟ أم شيء بينهما؟ مثل عالم الهاتف الذكي قبل وصول آيفون، لا تزال صناعة التكنولوجيا تنتظر الجهاز الذي سيرشد إلى الطريق الذي يقود إلى مستقبل الحوسبة المرئية.
السبب الثاني للحذر من جانب معظم شركات التكنولوجيا الكبرى هو أن الميتافيرس لا يزال خارج نطاق التعريف الواضح. من السهل فهم عوالم الواقع الافتراضي بشكل كامل. لكن من الصعب كثيرا توقع أساليب أقل غمرا لدمج ما هو افتراضي مع ما هو حقيقي. هل سيتضمن لصق معلومات رقمية على العالم المادي، مثل شاشات العرض للطيارين المقاتلين؟ أم الاستمتاع أمام المكافئ الرقمي لشاشة آي ماكس العملاقة؟ أو التفاعل مع صور رمزية لأشخاص آخرين تبدو حقيقية؟
قد يؤدي دفع المطورين في وقت مبكر جدا نحو رؤية نصف مكتملة إلى نتائج عكسية، كما اكتشفت شركة جوجل في 2012، عندما كشفت عن نظارات جلاس. كما أدت الدعوة المفتوحة للمطورين لبدء الابتكار إلى بذل كثير من الجهود الضائعة التي لم تقترب من الكشف عن مستقبل الواقع المعزز.
تروج شركة ميتا للانغماس الكامل في الواقع الافتراضي. لكن المستخدم العادي قد لا يجد كثيرا من هذا مقنعا، يخاطر اجتماع العمل في الواقع الافتراضي للأشخاص الذين يظهرون كصور رمزية دون أرجل - شيء أظهرته قبل ثلاثة أعوام - أن يبدو معدوم الشأن ومروعا.
من المرجح أن تكون هناك استخدامات أكثر وضوحا عندما يتعلق الأمر بتطبيقات محددة للشركات. فقد ضغطت شركة مايكروسوفت، مثلا، بشدة على فكرة ابتكار الشركات "توأما رقميا" لمبنى مكاتبها أو عملياتها التصنيعية، حتى تتمكن من صنع نماذج لكيفية تأثير التغييرات في أعمالها.
لكن بالنسبة إلى معظم الناس، من غير الواضح ما التطبيقات التي ستبدو مهمة بشكل كاف يجعلها تستحق أن يرتدي لها المرء سماعة رأس خاصة. كانت النتيجة نهجا حذرا بشكل مدهش من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى.
جاءت إشارة جوجل الوحيدة للواقع المعزز في حدثها هذا العام مع عرض توضيحي لتطبيق ترجمة بسيط، يجعل من الممكن لشخص يرتدي زوجا من النظارات الذكية رؤية الترجمة أثناء مشاهدة شخص ما يتحدث بلغة مختلفة. وكان التناقض مع التقديم المبهرج لنظارات جلاس منذ عقد مضى واضحا.
في الوقت الحالي، الحذر منطقي. تفيد تقارير بأن شركة أبل تعمل على عدد قليل من المشاريع التوضيحية التي ستعرض نظاراتها للواقع المعزز بالكامل. ولا يزال من الممكن أن تكشف عن سماعة الرأس التي طال انتظارها في وقت لاحق من هذا العام.
معظم شركات التكنولوجيا الكبرى تتجه بحذر نحو الميتافيرس. لكن لا تسيئ الفهم، عندما تنطلق شارة البدء أخيرا، سيكون السباق للسيطرة على منصة الحوسبة في السوق الشاملة التالية شرسا.