المستثمرون يراهنون ضد الجنيه الاسترليني .. آفاقه الاقتصادية كئيبة

المستثمرون يراهنون ضد الجنيه الاسترليني .. آفاقه الاقتصادية كئيبة

يراهن المستثمرون على أن الجنيه الاسترليني سينخفض أكثر بعد بداية صعبة في 2022، لأن مزيجا "رهيبا" من التضخم الشاهق وتباطؤ النمو يجعل التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة قاتمة.
الرهانات على انخفاض الجنيه قريبة من أعلى مستوياتها في ثلاثة أعوام تقريبا، وفقا لبيانات لجنة تداول السلع الآجلة، التي تتعقب كيفية اتخاذ المستثمرين المضاربين مراكزهم في العقود الآجلة، التي تمثل وكيلا للمشاعر في سوق العملات الأجنبية التي يبلغ حجمها 6.6 تريليون دولار يوميا.
حتى بعد أن نجا بوريس جونسون من تصويت على سحب الثقة في البرلمان الأسبوع الماضي - ما يؤدي إلى تفادي فترة من الاضطراب السياسي - تركز الأسواق على الخلفية الاقتصادية القاتمة، كما يقول محللون، ما يعني أن فوز رئيس الوزراء البريطاني من غير المرجح أن يؤدي إلى تغيير مسار العملة.
تذبذب الجنيه حول اقتراع يوم الإثنين، لكن تم تداوله الخميس بالقرب من المستوى الذي كان عليه مقابل الدولار الأمريكي قبل أسبوع، عند 1.254 دولار. تراجع 7 في المائة هذا العام مقابل الدولار.
يقول متداولو العملات إن نتائج فوز جونسون تشوبها حالة من عدم اليقين بشأن من يحتمل أن يحل محله. في الوقت نفسه، تظل التقلبات والانعطافات السياسية إلى حد كبير عرضا جانبيا لسوق الصرف الأجنبي التي تركز على احتمال حدوث ركود في المملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا العام، ما قد يوقف جهود بنك إنجلترا لترويض التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة.
قال سام لينتون براون، رئيس استراتيجية الأسواق المتقدمة في بنك بي إن بي باريبا: "السوق هبوطية للغاية بالنسبة للجنيه الاسترليني. لم يكن عدم اليقين السياسي المحلي دافعا كبيرا للعملة. لذا، حتى لو خففت حدته (عدم اليقين)، يجب ألا تتوقع أن يتعافى الجنيه. ما زلنا نعتقد أنه يمكن أن يضعف أكثر".
رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة أربع مرات منذ أن بدأ في تشديد السياسة النقدية في كانون الأول (ديسمبر) - متقدما على نظرائه مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي. مع ذلك، فقد الجنيه الاسترليني قوته مقابل اليورو والدولار هذا العام وبدأ المستثمرون في التساؤل عن المدة التي يمكن أن تستمر فيها تكاليف الاقتراض في الارتفاع مع مواجهة المستهلكين أزمة تكلفة معيشية حادة.
قالت جين فولي، رئيسة استراتيجية العملة في رابو بانك: "بحلول الوقت الذي نصل فيه إلى الخريف في المملكة المتحدة، سيكون تأثير التضخم في دخل الأسرة، وفي المعدلات المرتفعة، ملحوظا لدرجة أن نافذة الفرصة أمام بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة ستغلق".
مشكلة كيفية كبح جماح التضخم دون خنق النمو ليست مشكلة فريدة بالنسبة إلى بنك إنجلترا. لكن بعض المستثمرين يخشون أن تكون معضلة المملكة المتحدة أكثر حدة من تلك التي تواجهها الاقتصادات المتقدمة الكبيرة الأخرى. توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأربعاء أن يفقد الاقتصاد البريطاني قوة الدفع تدريجيا قبل أن يتوقف تماما في العام المقبل، وستكون روسيا المتأثرة بالعقوبات هي الدولة الوحيدة الأخرى بين مجموعة العشرين التي سيكون أداؤها سيئا.
قال مارك داودينج، كبير مسؤولي الاستثمار في "بلو باي مانجمنت أسيت": "حتى مع عودة التضخم إلى الانخفاض في الاقتصادات الكبرى الأخرى، من المحتمل أن نواجه مشكلة أكثر إلحاحا في المملكة المتحدة". أضاف، واصفا مزيجا مؤلفا من ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو: "بيئة التضخم المصحوب بالركود ستكون قاسية للغاية بالنسبة إلى جميع الأصول البريطانية وللجنيه الاسترليني. يمكن أن ينتهي بنا الأمر مع سيناريو حيث يكون الجنيه في طريقه إلى التكافؤ مع كل من اليورو والدولار".
وفقا لداودينج، التصريحات لمحافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، بأن البنك "عاجز" عن محاربة التضخم لم تساعد. قال: "حتى لو كانوا يعتقدون ذلك - لا ينبغي أن يخبروا الجميع. هذا لن يؤدي إلا إلى رفع توقعات التضخم أكثر".
قال لينتون براون إن التضخم المرتفع بعناد سيضر بالطلب الأجنبي على ديون الحكومة البريطانية، التي يتم تداولها عند بعض أدنى العوائد المعدلة حسب التضخم في العالم. ومن دون استمرار التدفقات الداخلة إلى السندات الحكومية المضمونة لتمويل عجز الحساب الجاري في المملكة المتحدة، فإن سعر الصرف سيتعين تعديله إلى الأدنى.
بالنسبة إلى بعض المحللين، الكآبة التي تحيط بالجنيه الاسترليني يمكن أن تكون في الواقع مصدر مرونة على المدى القصير.
من المرجح أن يؤدي الانتعاش العالمي في أسواق الأسهم إلى تعزيز الجنيه، الذي يميل إلى مجاراة الأصول ذات المخاطر العالية، ويخرج المستثمرون المتشائمون من مراكزهم المكشوفة، وفقا لجوردان روتشستر، من شركة نومورا.
قال إن المستثمرين قد يتبنون أيضا تهديدا متجددا لموقف جونسون، ويراهنون على أن خليفته سيكون أقل احتمالا لتأجيج التوترات التجارية مع الاتحاد الأوروبي من خلال التخلي عن اتفاق التجارة الخاص بأيرلندا الشمالية.
أضاف روتشستر: "لقد أصبحت السوق سلبية للغاية فيما يتعلق بالسياسة في المملكة المتحدة لدرجة أنها تميل نحو الإيجابية إذا كان هناك أي وعد بالتغيير. لكن عليك أن تكون حذرا لأننا لا نعرف ماذا يعني تغيير القيادة بالنسبة للسياسة أو الإنفاق أو الإصلاح، لأننا لا نعرف من سيأتي بعد ذلك". أردف قائلا: "قد لا يكون زعيم حزب المحافظين التالي في سباق لتمزيق بروتوكول أيرلندا الشمالية، لكن يمكنك أيضا الحصول على خروج أصعب من الاتحاد الأوروبي".

الأكثر قراءة