هل سيكون جهاز الواقع الافتراضي منتج أبل الثوري التالي؟
أراد "العالم المجنون"، كما يسمي نفسه، برتراند نيبفيو أن يأخذ رشفة من العصير لكنه لم يستطع رؤية الزجاجة أثناء ارتداء جهاز الواقع الافتراضي (سماعة رأس مصممة بنظارة) من شركته الناشئة.
لذلك بحث المهندس ذو الشعر المجدل عن حل لعدم قدرته على رؤية الأشياء الحقيقية أثناء الانغماس في العالم الافتراضي. أعادت شركته فرفانا توظيف الكاميرات في أنموذجها الأولي توتم، الذي تم تصميمه لاستشعار موقع المستخدم، للسماح للمستخدمين أيضا بمشاهدة محيطهم.
أدى هذا الانجاز إلى استحواذ شركة أبل على "فرفانا" مقابل 30 مليون دولار في 2017. هذا الاستحواذ هو مجرد واحد من عشرات عمليات الشراء في مجالات الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي قامت بها صانعة جهاز آيفون على مدار الأعوام الستة الماضية.
يتجه جهاز الرأس من صنع أبل، وهو قمة طال انتظار الوصول إليها من كل تلك الصفقات والاستثمار الضخم في البحث والتطوير، ليكون أهم منتج جديد لها منذ آيفون.
قد يكون مؤتمر المطورين العالميين لأبل في سان فرانسيسكو الذي عقد قبل يومين هو آخر تجمع كبير للشركة التي تبلغ قيمتها تريليوني دولار قبل الكشف عن جهاز الرأس في هذا الخريف، الأمر الذي يمنحها فرصة أخيرة لحشد المعجبين ورسم مسار لجيل جديد من أجهزة الحوسبة.
لا يعرف سوى القليل عن منتج أبل الجديد، ولكن من المتوقع أن يكون نظام "العبور" من "فرفانا "أحد ميزاته الرئيسة. تكمن الفكرة في تغيير العالم المغلق لجهاز الواقع الافتراضي تماما، ما يتيح للجهاز السماح للمستخدمين أيضا برؤية العالم الحقيقي من حولهم وهو مغطى بالصور الرقمية.
قال نيبفيو، الذي رفض مناقشة عمله أثناء وجوده في أبل قبل مغادرته العام الماضي: "لقد أعدنا نسج كل شيء للدمج بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي، لأول مرة في جهاز واحد".
أدت هذه التقدمات إلى الثقة بأن أبل قد تطلق مرة أخرى جهازا يمكن أن يحدث تحولا في صناعة التكنولوجيا وصناعة الإعلام وصناعة الترفيه كما فعلت سابقا مع جهاز آيبود وآيفون وآيباد.
قال كريستيانو أمون، الرئيس التنفيذي لشركة كوالكوم، موردة الرقائق إلى أكبر صانعي الأجهزة في العالم بمن في ذلك أبل وسامسونج والشركة الأم لفيسبوك ميتا: "أعتقد أن هناك مسارا لن تحتاج عن طريقه إلى هاتفك وستتطور نظارات الواقع المعزز لتصبح منصة الحوسبة التالية".
في حين أن قلة من المحللين يتوقعون أن يصبح الواقع المعزز سائدا بين عشية وضحاها، يتوقع باحثون في مصرف سيتي أن مليار شخص – وهو تقريبا عدد مستخدمي آيفون اليوم - سيضعون جهاز الرأس بحلول 2030، ما يدعم سوقا تصل إيراداتها إلى تريليوني دولار.
لتحقيق ذلك الهدف البارز، تتسابق أبل ومنافسوها في وادي السيليكون لحل التحديات الفنية. بالنسبة إلى كثيرين، فإن الطريقة التي يعزل بها الواقع الافتراضي المستخدمين عن العالم هي طريقة غريبة وغير اجتماعية. اشتكى بعض المستخدمين من أنهم يشعرون بالضعف أو السخافة وهم يرتدون نظارات وسماعات ضخمة الحجم على رؤوسهم. هناك عدد من اللاعبين يؤذون أنفسهم من أجل نشر فيديوهات "أفضل حوادث الواقع الافتراضي" على منصة يوتيوب.
لقد أدت هذه المشكلات إلى أن تظل أجهزة الرأس الحالية التي تصنعها مجموعات مثل ميتا منتجا متخصصا لعدد قليل من المستخدمين العاديين بخلاف لاعبي ألعاب الفيديو.
يصف تيموني ويست، نائب رئيس الأدوات الناشئة في شركة يونيتي لبرمجيات ألعاب الفيديو، التي تعمل عن كثب مع أبل ومطوري تطبيقات آيفون، هذه بـ"المشكلة الكبرى" في الواقع الافتراضي.
لا يهتم معظم الناس بارتداء شيء يقارنه ويست بقناع الغوص. قالوا إن هذا "لا يزال من الممكن أن يكون مخيفا نوعا ما. وبالنسبة إلى فئة الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا قادرين على رؤية أي شخص آخر في المكان معهم، فهذه فكرة لن تنجح".
لا تزال سوق الواقع الافتراضي صغيرة جدا مقارنة بأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، ولكن شركة ميتا تهيمن عليها حاليا. وصلت مبيعات جهاز الرأس كويست 2 من ميتا إلى ما يقدر بـعشرة ملايين وحدة العام الماضي، ما يعطي الشركة 78 في المائة من سوق الواقع الافتراضي، وفقا لشركة آي دي سي للأبحاث. أيضا يمنحها الأفضلية على أبل في فهم ما يريده المستهلكون وجذب مطوري التطبيقات إلى منصتها.
لدى ميتا الآن 17 ألف موظف يعملون على تكنولوجيا "ميتافيرس"، بميزانية تبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار لكل ربع سنة. قال مارك زوكربيرج إن جهاز الرأس "كامبريا" المتطور – جهاز هجين آخر بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز يأتي مع ميزة العبور التي تمزج بين مجالات الرؤية الحقيقية والرقمية شبيهة بتلك التي تشاع عن أول جهاز من أبل – سيتم إطلاقه في وقت لاحق من هذا العام.
إن ذلك الاستثمار يجعل من غير المحتمل أن يؤثر أول جهاز للرأس من أبل في جهاز كويست مثلما أثر جهاز آيفون في هاتف بلاك بيري المحمول في أي وقت قريب.
يقول سام كول، الرئيس التنفيذي لشركة فيت إكس آر، وهو تطبيق للياقة البدنية في الواقع الافتراضي: "نحن لسنا قريبين من تيم كوك (الرئيس التنفيذي لأبل) الذي سيصعد على خشبة المسرح قائلا: هذا هو الجهاز الذي سيحل محل هاتفك الذكي'".
هناك حاجة إلى ابتكارات متعددة في مجالات متنوعة مثل قوة البطارية وواجهة المستخدم والراحة الجسدية لأجهزة الرأس الخاصة بالواقع الافتراضي والواقع المعزز للانتقال من ارتباطها بتطبيقات الألعاب المتخصصة إلى أن تصبح جزءا من روتين يومي لعشرات الملايين من الأشخاص.
عندما اخترعت أبل الآيفون، كان أكبر إنجاز لها هو استبدال لوحة المفاتيح المادية بشاشة اللمس المتعدد.
يتوقع مات توليس، أحد كبار المديرين التنفيذيين في شركة ألترا ليب الناشئة المدعومة من شركة تينسنت، أن استخدام إيماءات اليد الطبيعية، بدلا من أجهزة أو عصي التحكم في الألعاب، سيكون ضروريا لتصبح نظارات الوقع المعزز سائدة. قال: "إن تتبع اليدين سيكون بالنسبة إلى الواقع المعزز ما كانت عليه خاصية اللمس المتعدد لآيفون".
قال تيباتات تشينافاسين، مستثمر في الواقع الافتراضي في صندوق فنتشر رياليتي، إنه يتوقع أن يكون أول جهاز واقع افتراضي من أبل جهازا باهظ الثمن يستهدف المصممين والمطورين المحترفين، وهم العملاء أنفسهم الذين اعتمدوا نظام ماكينتوش منذ عقود. أضاف: "هذه ليست مثل لحظة نجاح آيفون، بل مثل لحظة نجاح جهاز ماك".
تتجلى مزايا أبل مقارنة بميتا في خبرتها في مزج الخدمات والبرامج والأجهزة، بما في ذلك تصميم رقائقها فائقة الكفاءة. أيضا لديها جيش من ملايين من مطوري تطبيقات آيفون المستعدين لإعادة كتابة برامجهم للعمل على ما يشاع أنه سيدعى منصة "رياليتي أو إس" من أبل.
جربت ساهار فكوهي، مؤسسة تطبيق آركي، وهو تطبيق خاص بالواقع الافتراضي في آيفون لعرض النماذج المعمارية ثلاثية الأبعاد، جهاز "مايكروسوفت هولولنز" لكنها قالت إن جهاز أبل هو فقط الذي يمكنه الوصول إلى جمهور أوسع.
وقالت: "نحن على ثقة بأن أبل ستكون الشركة التي تنتج جهازا للرأس يتمتع بجاذبية كبيرة في السوق".