متلازمة المحتال .. ما علاقتها بجودة العمل؟
هناك عدد قليل من الأشخاص الذين وصلوا إلى درجة من النجاح أو الرفعة في حياتهم المهنية، ولم يشعروا أيضا بالإحساس العرضي أنهم لا يستحقون مناصبهم، وأن الآخرين يبالغون في تقدير قدراتهم، وأنه "سيتم اكتشافهم" في أي لحظة. أنا أعلم أنني وصلت.
تشير الأبحاث إلى أن معظمنا - ما يقارب 70 في المائة - عانى في وقت أو آخر ما يعرف باسم "متلازمة المحتال".
لكن هل ينبغي حقا أن نعدها متلازمة ونعرفها بأنها "مجموعة من المشكلات الطبية التي تظهر وجود مرض محدد أو مرض نفسي معين؟". إذا كان الأمر كذلك، فهو أمر غريب نوعا ما نظرا إلى مدى انتشارها، وعدم وجود أعراض مميزة، إضافة إلى حقيقة أنها لا تؤثر فيما يبدو في مدى جودة عمل أولئك الذين يقولون إنهم وقعوا فريسة لها - من بينهم شيريل ساندبيرج وألبرت أينشتاين.
في الواقع، حتى الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5 الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وهو مجلد يسرد الأمراض النفسية بما فيها "اضطراب الاكتناز" و"انسحاب الكافيين"، لا يتضمن متلازمة المحتال في صفحاته البالغ عددها 947 صفحة.
تم وصف "ظاهرة المحتال" لأول مرة في ورقة بحثية 1978 من قبل بولين كلانس وسوزان إيمز، عالمتي النفس، على أنها "تجربة داخلية من الارتياب الفكري" سائدة في مجموعة خاصة من النساء ذوات الإنجازات العالية اللواتي كن موضوع الدراسة التي أجرتاها. لكن كلمة "متلازمة" كانت غائبة بشكل واضح من ورقتهما، كما هي الحال مع أي ذكر لاحتمال أن يشعر الرجال بالشيء نفسه.
لكن في الأعوام التي تلت ذلك، أصبحت "متلازمة المحتال" هي الطريقة التلقائية لوصف الشعور بالارتياب جراء القصور - ربما لأنه كان من السهل تصور وتصنيف هذا الشعور أكثر من تصور وتصنيف "الظاهرة" الداخلية، كما أشارت كلانس.
هذه التسمية المغلوطة هي جزء من اتجاه أكبر بكثير يفسد المشاعر الإنسانية الطبيعية. كما قالت كلانس لإيمي كادي عالمة النفس الاجتماعية، أثناء بحث خاص في كتاب للأخيرة "لو كان بإمكاني فعل ذلك مرة أخرى، فسأطلق عليها تجربة المحتال، لأنها ليست متلازمة أو عقدة أو مرضا عقليا، إنها شيء يختبره الجميع تقريبا".
علاوة على ذلك، يشير بحث جديد إلى أنه في حين إن الشعور بأنك محتال قد يكون مرهقا وغير سار بشكل أكيد، إلا أنه يحمل فوائد أيضا. تشير ورقة بحثية مرتقبة تعدها باسمة توفيق، البروفيسورة في مدرسة سلون للإدارة، التابعة لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، أن أولئك الذين لديهم "أفكار احتيالية حول مكان العمل"، على حد تعبيرها، يتمتعون بميزة على زملائهم عندما يتعلق الأمر بالمهارات الاجتماعية والعمل الجماعي ودعم الآخرين. هذا لأنهم يشعرون بأن عليهم تعويض الفجوة التي يرونها بين قدراتهم وكيفية نظر الآخرين إليهم.
"أولئك الذين لديهم أفكار احتيالية يعوضون أساسا عن افتقارهم المتصور لعدم كفاءتهم (...) من خلال تحويل انتباههم إلى مجال العلاقات الشخصية"، كما أخبرتني توفيق. هذا ليس له جانب سلبي - هذا ليس له جانب سلبي. وفقا لدراساتها، التركيز الأكبر على هذه المهارات "الأكثر نعومة" يؤثر سلبا في الأداء في مجالات أخرى. يشير عملها أيضا إلى أن الشعور بأنك لست مؤهلا، كما ينظر إليك، يمكن أن يكون عاملا محفزا قويا يؤدي إلى نجاح أكبر.
كانت الأفكار الاحتيالية مرتبطة بالنساء فقط، لكن أبحاثا حديثة أظهرت أن الرجال بدورهم يعانونها، وكشف كثير من الدراسات عدم وجود فرق جوهري بين الجنسين. ففي دراسة أجريت 2018، وجد الباحثون أن الرجال الذين أبلغوا عن هذه المشاعر كانوا أكثر عرضة للمعاناة نتيجة لها، وأنهم يصبحون قلقين عندما يتلقون ردود فعل سلبية، وبالتالي يبذلون جهدا أقل ويقدمون أداء أسوأ.
بالطبع، لا نريد أن نشجع بنشاط الشعور بأننا محتالون - فالقلق ليس مزعجا فحسب، بل يمكن أيضا أن يصبح معوّقا إذا ترك دون ضوابط. لكن هناك بالتأكيد مكانا مثاليا بين الخوف من عدم كونك جيدا بما فيه الكفاية والاعتقاد بأنك الأفضل في مجالك. أخبرني أحد المحررين ذات مرة بأن هناك إجابة واحدة فقط على سؤال المقابلة الكلاسيكي للمبتدئين "ما الذي تعتقد أنك بحاجة إليه لتكون صحافيا جيدا؟". الجواب "جنون الارتياب". لقد كانت لديه وجهة نظر، على الرغم من أنني لست مقتنعة بأن هذا هو أضمن طريق للسعادة.
ربما إذا تمكنا من إزالة الوصمة عن متلازمة المحتال وإعادة تأطيرها باعتبارها نوعا من القوة، فقد نخفف بعض الضغط الناتج عن القلق بشأن القلق نفسه.
وقد يكون لهذا أيضا فائدة إضافية تتمثل في إغراء أولئك الذين يمكنهم فعل مزيد. كتب برتراند رسل في 1933 "في العالم الحديث، الأغبياء مغرورون بينما الأذكياء مليئون بالشك". كلما تغيرت الأمور أكثر، ظلت كما هي.