مشكلة الخصوبة تجبر العالم الغني على إعادة التفكير في الهجرة
يمكن للعالم الغني أن ينتج مزيدا من كل ما يحتاج إليه بسهولة أكبر، باستثناء الناس. لكي يظل عدد السكان مستقرا تحتاج الأسرة المتوسطة إلى إنجاب 2.1 طفل: طفلان ليحلا محل الأبوين، إضافة إلى 0.1 طفل ـ هذا يبدو سرياليا إلى حد ما ـ لتعويض الأشخاص الذين لن ينجبوا، لأسباب تتعلق بالعقم، أو التفضيل، أو غير ذلك.
زيادة الحقوق الإنجابية وسهولة الوصول إلى وسائل منع الحمل والتعليم الأفضل تعني أن النساء لديهن عدد أقل من الأطفال: في جميع أنحاء العالم انخفض معدل الخصوبة بشكل كبير. في 1950 كان لدى المرأة المتوسطة أكثر من خمسة أطفال، الآن لديها أقل من 2.5 طفل.
جزء من المشكلة هو أن الأبوة بشكل عام والأمومة على وجه الخصوص لا تمثل في كثير من الأحيان مسألة كبيرة بالنسبة إلى أولئك المعنيين. الرعاية قبل الحمل، وأثنائه، وبعده يمكن أن تتخلف عن الأجزاء الأخرى من الخدمات الصحية. إن معظم فجوة الأجور المتبقية بين الجنسين ليس كلها هي في الواقع "فجوة أمومة". وبينما يكون الآباء، في المتوسط، أكثر سعادة من البالغين الذين ليس لديهم أطفال، فإنهم في المتوسط أكثر تعاسة أثناء تربية الأطفال مقارنة بأصدقائهم الذين ليس لديهم أطفال.
يبقى أن نرى إذا ما كان الاتجاه المتزايد للحكومات لمحاولة زيادة معدل الخصوبة سينجح. في فرنسا، وهي واحدة من أوائل الدول التي تبنت سياسات تشجيع الناس على تكوين أسر أكبر، انخفض معدل الخصوبة إلى ما دون مستوى الإحلال في 2010. في العالم الغني تمكنت إسرائيل وحدها، باستمرار، من الحفاظ على الخصوبة أعلى من معدل الإحلال، ويرجع ذلك جزئيا إلى التمويل الحكومي السخي لتجميد البويضات والتلقيح الصناعي، لكن ربما يرجع أيضا إلى المعايير الثقافية حول أهمية معدل المواليد المرتفع.
لكن يبدو أن بعض الدول ترغب في تفاقم المشكلة: المملكة المتحدة تضع حدا أقصى لمزايا الأطفال بعد طفلين، ولديها قوانين تخطيط صارمة تجعل ملكية المنزل حلما بعيد المنال بالنسبة إلى كثير من العائلات، ولديها ثاني أعلى صافي تكاليف لرعاية الأطفال في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لمشكلة الخصوبة حل آخر متاح إذا لم تستطع الدول الغنية "أو، كالمملكة المتحدة، لن ترغب في" زيادة معدل المواليد: يمكنها جذب الناس من الدول الأخرى. لا ينبغي أن يكون هذا عاملا سلبيا بالنسبة إلى دولهم الأصلية - كما يظهر التقدم الاقتصادي والاجتماعي في بنجلادش، بمساعدة المبالغ الكبيرة من الأموال المرسلة إلى "الوطن" على شكل حوالات. لكن هذا يعني تغييرا في كيفية حديث الدول الغنية ـ التي اعتادت على تأليف أغنية رائعة والرقص حول مدى صرامة أنظمة مراقبة الحدود ـ عن المهاجرين المحتملين ومعهم.
نظرا إلى أن حكومة المملكة المتحدة تبذل قليلا جدا من الجهد لزيادة معدلات المواليد المحلية، ولأن فقدان عضويتها في السوق الموحدة في الاتحاد الأوروبي يعني أنها بحاجة إلى زيادة الهجرة من خارج أوروبا لملء الوظائف الشاغرة والحفاظ على اقتصادها، فإن بريطانيا تعد دليلا جيدا على الشكل الذي قد يبدو عليه مستقبل الدول الغنية الأخرى والتحديات التي قد تواجهها.
حتى الآن، حاولت المملكة المتحدة أن تفعل ذلك في كلا الاتجاهين: مظاهر التفاخر والسيطرة الشديدة على من يمكنه دخول البلاد من ناحية، ومستويات الهجرة المرتفعة والمتنامية من ناحية أخرى. لكن الهجرة لم تكن عالية بما يكفي لمنع حدوث أعلى انخفاض في التوظيف بعد الجائحة في مجموعة السبع. إن جزءا من المشكلة هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنه يرجع أيضا إلى كيفية إعداد حكومة المملكة المتحدة لسياسة الهجرة الخاصة بها وتسويقها.
خذ تأشيرة البلاد الجديدة ذات الإمكانات العالية، التي تمنح الخريجين الجدد - فيما تعتقد حكومة المملكة المتحدة أنها أفضل الجامعات في العالم - تأشيرة جديد لمدة عامين. بشكل منطقي، تسهل السياسة أيضا على الأشخاص إحضار شركائهم ومن يعولون. الفكرة جيدة، لكنها تتماشى بشكل غير مريح مع نهج المملكة المتحدة العام في سياسة الهجرة.
سيتمكن المتقدمون "ذوو الإمكانات العالية" من إحضار شركائهم معهم، لكن يجب عليهم المرور، مثلهم مثل غيرهم، بالإجراءات نفسها الخاصة بإثبات أن العلاقة مستمرة، وعليهم كذلك عتبة الراتب مثل أي شخص آخر. علاوة على ذلك سيتعين عليهم دفع رسوم الرعاية الصحية الإضافية في المملكة المتحدة، ولن يكونوا قادرين على التقدم للحصول على الإقامة الدائمة دون التقدم أولا للحصول على نظام تأشيرة جديد.
إنه تحديث مرحب به على مسار التأشيرة للطلاب في أفضل جامعات المملكة المتحدة، الذين تم تقييد حقهم في البقاء قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في محاولة محكوم عليها بالفشل لإدارة قلق الناخبين بشأن الهجرة، لكنه ينطوي على المشكلة الأساسية نفسها: من الصعب جذب الناس إلى دولة بينما يطلب منهم المغادرة في الوقت نفسه. ستضطر الدول التي تميل إلى أن تكون معادية للأطفال إلى الاعتراف بأنها لم تعد تمتلك رفاهية فرض عقبات بيروقراطية على البالغين من أماكن أخرى.