"إيرنست آند يونج" تقود أكبر عملية هيكلة في قطاع المحاسبة منذ عقود
عندما استقل كارمين دي سيبيو، الرئيس التنفيذي العالمي لشركة إرنست آند يونج، الطائرة الخاصة لشركة المحاسبة لمغادرة دافوس في الساعات المبكرة من صباح الخميس، كان المسؤول التنفيذي الإيطالي الأمريكي قد بدأ بالفعل رحلة أكثر جرأة.
أثناء جلوسه على متن طائرة إرنست آند يونج ون، كما تعرف طائرة شركة بومباردييه داخل شركة المحاسبة، كان المدقق قد وجه خطة لتفكيك مجموعة شركات المحاسبة الأربع الكبرى من شأنها إعادة تشكيل شركات احتكار القلة التي سيطرت على الخدمات المهنية منذ انهيار منافستها شركة آرثر أندرسن في 2002 بسبب انهيار مجموعة إنرون الأمريكية للطاقة.
يوازن دي سيبيو وكبار زملائه الفصل التاريخي بين أعمال التدقيق والأعمال الاستشارية في شركة إرنست آند يونج بعد أعوام من الانتقادات بشأن تضارب المصالح المحسوس بين المجالين. حيث يتم تكليف المدققين بمساءلة إدارة الشركات ومقاومة الضغط للتوقيع على الأرقام دون الأدلة المناسبة في حين يفضل زملاؤهم من المستشارين إبقاء العملاء سعداء من أجل توليد الرسوم في مجالات مثل الضرائب والصفقات والاستشارات.
تقول فيونا تشيرنياوسكا، الرئيسة التنفيذية لشركة سورس جلوبال ريسيرتش لتحليل قطاع الاستشارات: "يفاجئني أن الأمر استغرق كل هذا الوقت. أصبح من الصعب بشكل متزايد لأي شركة محاسبة تقديم خدمة متعددة التخصصات، بما في ذلك التدقيق (...) أتخيل أن كل شركة أخرى تفكر في إعادة الهيكلة أيضا".
بالنسبة للممارسات الاستشارية لشركات المحاسبة الأربع الكبار، فإن القيود المفروضة على العمل مع عملاء التدقيق تشكل عبئا على النمو في حين أدت الاستثمارات في تحسين التدقيق إلى إضعاف الاستثمار الرأسمالي من أعمالها الاستشارية.
يقول أحد الشركاء في شركة إرنست آند يونج من غير المنخرطين في التخطيط لإعادة الهيكلة: "يرغب معظم غير المدققين في التحرر من قيود الاستقلال المفروضة على العمل الذي يمكننا القيام به".
بيع المشورة بشأن الاستشارات الرقمية وعمليات الدمج والاستحواذ ساعد في دفع عائدات شركات المحاسبة الأربع الكبار إلى مستويات قياسية لكن أذرعها الاستشارية تواجه منافسين غير مقيدين بالنزاعات المتعلقة بالتدقيق. أعلنت شركة أكسنتشر، التي استقلت عن شركة آرثر أندرسن لتدقيق الحسابات في 2000، عن إيرادات بلغت 51 مليار دولار العام الماضي، أي نحو ضعف مبيعات شركة إرنست آند يونج الاستشارية.
على الرغم من تشديد بيع المشورة إلى عملاء التدقيق، لا تزال شركات المحاسبة الأربع الكبار تواجه تساؤلات بشأن جودة عمليات التدقيق الخاصة بها.
يقول شخص على دراية مباشرة بخطط شركة إرنست آند يونج: "نشعر أننا استثمرنا في جودة التدقيق، لكن ما زلنا نشعر أننا في المكان نفسه".
يقول الشخص إن العامل الثاني هو صعوبة التحكم في النزاعات بشكل أكبر مع دفع شركات المحاسبة الأربع الكبار نحو عقود خدمات مدارة متعددة الأعوام لمجموعات الشركات الكبيرة، التي تقدمها جنبا إلى جنب مع شركات التكنولوجيا عبر التحالفات التعاقدية.
يمكن أن يؤدي تدقيق شركة مزودة للتكنولوجيا، أو حتى صندوق أسهم خاصة يستثمر فيها، إلى إثارة صراعات جديدة وكبح نمو الذراع الاستشارية في سوق الاستشارات الرقمية سريعة التوسع.
يقول شريك في شركة أخرى من شركات المحاسبة الأربع الكبار إن المشكلة أكثر إلحاحا بالنسبة لشركة إرنست آند يونج لأنها تهيمن على سوق التدقيق في وادي السيليكون، حيث تقوم بتدقيق ومراجعة حسابات شركات "أمازون"، "جوجل"، "أوراكل"، "سيلزفورس"، و"وركداي".
بموجب الخطط التي تضعها شركة إرنست آند يونج، سيتم تقسيم أعمالها إلى شراكة تركز على أعمال التدقيق وإلى شركة استشارية مملوكة بشكل منفصل تضم معظم الاستشارات وفرق تقديم المشورة المتعلقة بالصفقات لديها. تشمل الخيارات قيد المراجعة إدراجا عاما أو بيع حصة في الشركة الاستشارية، مع تقديم مصرف جولدمان ساكس وجيه بي مورجان المشورة للشركة التي تضم 312 ألف شخص، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
احتفظت شركة التدقيق، التي ستبقى كشراكة، بعلامة شركة إرنست آند يونج التجارية عندما باعت الشركة ممارساتها الاستشارية لشركة كاب جيميني مقابل 11 مليار دولار في 2000 قبل إعادة بنائها من الصفر. لم يتقرر بعد أي شركة ستحتفظ بعلامة شركة إرنست آند يونج التجارية هذه المرة، حسب قول شخص على دراية بالخطط.
في الأعوام الأخيرة، عارضت شركات المحاسبة الأربع الكبار تكرار عمليات التفكك التي حدثت قبل عقدين من الزمن، لكنها نفذت خطة للطوارئ في حالة إجبارها من قبل الجهات التنظيمية لفعل ذلك، وفقا لكبار المحاسبين والاستشاريين.
في 2019، درست شركة بي دبليو سي خيارات تتضمن طرحا عاما أوليا للاكتتاب لجزء من أعمالها، لكنها قررت عدم متابعة عملية الانفصال جزئيا بسبب التكلفة والتعقيد، حسب قول شخص على دراية بخططها.
قالت شركتا "بي دبليو سي" و"ديلويت" الجمعة إنهما ملتزمتان بالحفاظ على ممارسات التدقيق والاستشارات الخاصة بهما في حين توقفت شركة كيه بي إم جي عن فعل ذلك، قائلة إن النموذج متعدد التخصصات "يجلب مجموعة من الفوائد".
ستمنح عمليات التفكيك خيارا أوسع للعملاء من المستشارين والمدققين، من خلال الحد من مخاطر تضارب المصالح، لكن هناك جدلا حول ما إذا كان العملاء الكبار يرغبون بذلك.
يقول أحد كبار المدققين في شركة متوسطة الحجم: "لا أعتقد أن السوق ترغب بشركة خالصة الهدف". لكن شريكا في شركة مختلفة متوسطة المستوى يعتقد أن بقية شركات المحاسبة الأربع الكبار ستتبع شركة إرنست آند يونج. يضيف: "سيؤدي هذا إلى سلسلة من الأحداث، حيث ستعيد جميع شركات الخدمات المهنية النظر في هياكلها وتقييمها بشكل عاجل".
بالنسبة لدي سيبيو وقادة شركة إرنست آند يونج العالميين فإن قرار ما إذا كان ينبغي التوصية بالانقسام لشركاء الشركة البالغ عددهم نحو 13 ألفا في الأسابيع المقبلة لن يعتمد فحسب على جاذبية الانقسام لكن على أي من أشكال إعادة الهيكلة يمكن تحقيقها.
يقول شخص على دراية بمخططات شركة إرنست آند يونج: "يمكنك رؤية المكاسب الاستراتيجية لكنها ليست بالضرورة قابلة للتحقيق عمليا. هذا هو ما نحاول اكتشافه لأنه إذا لم ينجح الأمر، فلن نقوم به".
سيتطلب التفكك موافقة من مئات الهيئات التنظيمية على مستوى العالم وسيستغرق أعواما، كما يقول الشركاء في شركات أخرى.
سيكون التحدي الأكثر إلحاحا هو كسب التأييد في تصويت من جانب شركاء شركة إرنست آند يونج في مختلف مجالات الأعمال التجارية والدول، والذين سيكون من الصعب مواءمة مصالحهم.
يقول شركاء في مجموعات محاسبة أخرى إن ساحات المعركة الرئيسة ستتضمن التقييمات النسبية لأعمال التدقيق والاستشارة، وما إذا كان شركاء التدقيق يعتقدون أن دخلهم سينخفض بعد الانفصال عن الممارسة الاستشارية الأكثر ربحية ومن سيتحمل مسؤولية رفع دعاوى قضائية لفشل شركة إرنست آند يونج المزعوم لتقديم تنبيهات بشأن عمليات الاحتيال في شركة وايركارد في ألمانيا وشركة إن إم سي هيلث في المملكة المتحدة.
يقول شخص على دراية بالمحادثات إن المسؤوليات الناشئة عن عمليات تدقيق شركة وايركارد والمطالبات القانونية الأخرى لم تكن دافعا للتخطيط.
يتساءل المدققون عما إذا كانت أعمال التدقيق المستقلة قابلة للاستمرار ويمكنها التنافس على الموظفين دون الوعد بخيارات مهنية متنوعة.
سيحتفظ ذراع التدقيق المستقل حديثا بخبراء في تخصصات أخرى للمساعدة في أعمال التدقيق، كما يقول أشخاص اطلعوا على خطة شركة إرنست آند يونج.
في هذه الأثناء، هناك خطر يتمثل في عدم الاستقرار. في مذكرة إلى الموظفين الجمعة، قال دي سيبيو إن الحديث عن إجراء إصلاح شامل "قد يكون مشتتا"، لكنه طلب منهم المحافظة على تركيزهم.
يقول أحد كبار الشركاء في شركة منافسة: "لقد وضعت نفسها في موضع منافسة كبيرة"، وتوقع أن أي قرار للانقسام سيشجع المنافسين على الانقضاض على شركاء شركة إرنست آند يونج الذين يخشون من صفقة فاشلة في عملية الانقسام.
يقول: "سنحاول العثور على كل شريك جيد لديها وعلى الشركاء الذي لا يشعرون بالضرورة بالسعادة تجاه العملية خلال الأشهر الـ12 المقبلة وسنحاول سرقتهم".
يقول الشخص المطلع على خططها إنه قد يكون هناك "حالة من عدم اليقين" حتى يتم الإعلان عن التفاصيل، لكن بعد ذلك، سيكون عرض شركة إرنست آند يونج لمن سيتم توظيفهم واضحا.
ستكون عملية الاكتتاب العام الأولي أصعب من بيع حصة لمستثمري الأسهم الخاصة، حسب قول شريك في عدة شركات. يقول شريك سابق في شركات المحاسبة الأربع الكبار إن الإدراج العام ربما يكون "الصفقة الأكثر تعقيدا في التاريخ لكن إذا كانت الأموال وفيرة بما يكفي، فربما يمكنهم القيام به".
يقول شريك من المملكة المتحدة في شركة أخرى: "لا يمكنني رؤية حدوث طرح عام للاكتتاب الأولي. هذا أمر جذاب للغاية بالنسبة لشركات الأسهم الخاصة".
مولت شركات الأسهم الخاصة عمليات الاستحواذ على ممارسات الإعسار وإعادة الهيكلة لشركتي "كيه بي إم جي" و"ديلويت" في المملكة المتحدة العام الماضي في حين دفعت شركة كليتون، دوبيلر آند رايس 2.2 مليار دولار مقابل شركة خدمات التنقل العالمي التابعة لشركة بي دبليو سي في صفقة أبرمت في تشرين الأول (أكتوبر).
قد تؤدي عملية بيع من قبل شركة إرنست آند يونج إلى نشاطات إضافية تحاكي عمليات بيع شركات المحاسبة الكبرى لأعمالها الاستشارية منذ أكثر من عقدين. تضمنت الصفقات تخلص شركة بي دبليو سي من ذراعها الاستشاري لشركة أي بي إم. انقسم الذراع الاستشاري في شركة كيه بي إم جي بين شركتي "بيرنج بوينت" و"أتوس"، في حين باعت شركة إرنست آند يونج لشركة كاب جيميني.
كانت الرافضة الوحيدة هي شركة ديلويت التي استمرت في توسيع شركتها الاستشارية. بقية شركات المحاسبة الأربع الكبار أعادت بناء أذرعها الاستشارية لكنها لم تتمكن من المواكبة.
لكن تشيرنياوسكا تعتقد أنه يمكن أن تكون هناك ميزة الخطوة الأولى لشركة إرنست آند يونج هذه المرة.
تقول: "هل تريد حقا أن تكون آخر شركة تقوم بذلك أم تفضل أن تكون في المقدمة وتغتنم زمام المبادرة؟ لو كنت أدير شركة، لكنت أرغب في أن أكون في المقدمة وأن أشكل بطريقة ما الخطة التي تحدث فيها التغييرات المستقبلية، وليس الانتظار لاتخاذ ردة الفعل".