رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


حيوية وازدهار وطموح

انطلقت قصة نجاح رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في عام 2016، برؤية مبنية على مكامن قوة هذا الوطن وقدراته الفريدة، رؤية الحاضر للمستقبل، هذه الرؤية التي حققت خلال أول خمسة أعوام نتائج ملموسة لأمة طموحة تبني مستقبلا أكثر إشراقا.

وعقب خمسة أعوام من إطلاق الرؤية، تمكنت برامجها من تحقيق إنجازات استثنائية، وعالجت تحديات هيكلية خلال هذه الفترة القصيرة، ولا يزال هناك الكثير الذي يجب القيام به على مختلف الأصعدة، لاستمرار العمل على تحقيق الأهداف على النحو المأمول والمطلوب.

وفي هذا الصدد اتخذ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عددا من التوصيات اللازمة للانتقال إلى المرحلة التالية من المسيرة وهي مرحلة تستمر لخمسة أعوام أخرى، انطلقت مع بداية 2021، وتستمر حتى عام 2025، بمواصلة تطوير القطاعات الواعدة والجديدة، ودفع عجلة الإنجاز في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية، للإسهام في تعزيز النمو الاقتصادي، ورفع إسهامه في التنمية الاقتصادية السعودية، وتسهيل بيئة الأعمال.

ونلاحظ هنا الرصيد الهائل لإنجازات الرؤية ومدى التقدم في تحقيق مستهدفاتها، بعد تحول آليات العمل من التخطيط ووضع الأسس، إلى التنفيذ وتعميق الأثر.

وفي محور المجتمع الحيوي جاءت الصحة أولا، حيث تم إطلاق 14 تجمعا صحيا، قدمت خدماتها لأكثر من 29 مليون مستفيد حتى نهاية 2021، كما تم استحداث عشرة مستشفيات جديدة في مناطق عدة تبلغ طاقتها الاستيعابية 1500 سرير، كما حققت الصحة إنجازات استثنائية في التعامل الفعال مع جائحة كورونا مع نسبة تحصين ضد الفيروس بلغت 70 في المائة لجرعتي اللقاح بنهاية 2021، حيث تم إعطاء أكثر من 50 مليون جرعة من لقاح كورونا في غضون عام واحد.

وفي برنامج المساكن أثمرت الجهود لإتاحة فرص تملك الأسر السعودية للمساكن استفادة أكثر من 201 ألف أسرة من حلول الدعم المتنوعة لتملك المنازل، وتمت زيادة المعروض السكني من خلال تطوير 17.3 ألف قطعة أرض، بمساحة إجمالية تزيد على 17 مليون متر مربع لعام 2021.

كما أسهم برنامج الإسكان التنموي في توفير 8400 وحدة سكنية لها، وبلغت قيمة المساهمات العينية والنقدية 259 مليون ريال في 2021.
ولأن رفاهية الأفراد ضمن أولويات رؤية السعودية 2030 فقد أسفرت إنجازات قطاع الترفيه في 2021 عن عقد أكثر من 720 فعالية ترفيهية من ضمنها "موسم الرياض" الترفيهي الذي شارك فيه أكثر من ألف منشأة من القطاع الخاص، واستفاد من الفعاليات أكثر من تسعة ملايين زائر حتى نهاية 2021، فيما تم توفير أكثر من 144 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.

وفي إطار من تنمية الثقافة على أساس من التراث ولتعزيز القيم الوطنية تم إنشاء صندوق التنمية الثقافي بقيمة تزيد على 180 مليون ريال، وفي الوقت نفسه تم اكتمال ترميم 30 مسجدا تاريخيا، ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، مع نجاح جهود تسجيل منطقة (حمى الثقافية) في نجران، سادس موقع سعودي في قائمة التراث العالمي، إلى جانب اختيار الدرعية عاصمة للثقافة العربية لعام 2030.

وفي مسار هذه الجهود أطلقت استراتيجية تطوير منطقة عسير لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية طوال العام تستقطب أكثر من عشرة ملايين زائر من داخل السعودية وخارجها، مع ضخ 50 مليار ريال عبر استثمارات متنوعة لتمويل المشاريع الحيوية، وتطوير مناطق الجذب السياحي.

كما أطلق في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، مكاتب استراتيجية لتطوير مناطق الباحة، والجوف، وجازان، لتعظيم الاستفادة من الميزات التنافسية لهذه المناطق، إضافة إلى إنشاء هيئة لتطوير ينبع وأملج والوجه وضباء.
ولأن البحر الأحمر يمثل تجربة سياحية فاخرة بما يجمعه من طبيعة خلابة ومعالم ثقافية فريدة فقد تم إطلاق مشروع كورال بلوم على شواطئ جديدة تتبنى مفهوم الطبيعة البكر عبر أكثر من 90 جزيرة.

وفي محور الاقتصاد المزدهر جاء برنامج الاستدامة المالية لتحقيق أهداف تنويع مصادر الدخل المحلي، وزيادة نمو الاقتصاد، من خلال تطبيق سياسات رشيدة للحفاظ على الاستقرار المالي وتقوية وضعها المالي، وأثمرت هذه الجهود عودة الاقتصاد إلى مستويات ما قبل الجائحة في 2021، وحقق الناتج الإجمالي الحقيقي نموا إيجابيا بمقدار 3.2 في المائة في 2021 فيما حقق القطاع غير النفطي نموا قويا بما يزيد على 6 في المائة في 2021، ما أسهم في ارتفاع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية في إجمالي الإيرادات إلى نحو 42 في المائة في 2021، فأصبحت الإيرادات أكثر ارتباطا بنمو وتنوع النشاط الاقتصادي.

كما بلغت صادرات السلع غير النفطية 274 مليار ريال عام 2021، بنمو وصل إلى 37 في المائة، كما أسهمت النفقات الحكومية في تمويل العديد من البرامج الاجتماعية مثل حساب المواطن، والضمان الاجتماعي، وبرامج الإسكان.

إن هذه الاستدامة المالية والاستقرار منحا الاقتصاد تنوعا، وعززا المحتوى المحلي، وأصبح شعار "صناعة سعودية" يمثل هوية موحدة للمنتجات الوطنية التي تستوفي معايير الجودة، والتحق بالبرنامج أكثر من 1100 شركة محلية بأكثر من 4500 منتج، تندرج ضمن 16 قطاعا متنوعا.

كما اعتمد بنك التصدير والاستيراد 81 طلب تمويل، بقيمة إجمالية بلغت تسعة مليارات ريال، ليسهم في وصول المنتجات السعودية إلى أكثر من 50 دولة.

واستجابة لذلك ظهرت مؤشرات المحتوى المحلي خلال 2021 لترسم صورة مشرقة مع بلوغ عدد المنافسات التي طبقت عليها متطلبات المحتوى المحلي نحو 39 ألف منافسة، كما أطلقت هيئة تنمية الصادرات أكثر من 200 معرض في 74 دولة.

وعلى الصعيد اللوجستي، ولتعزيز مكانة المملكة مركزا لوجستيا عالميا أنشئت أكبر منطقة لوجستية متكاملة في ميناء جدة الإسلامي، بقيمة استثمارات بلغت 500 مليون ريال، ووقعت عقود استثمارية بقيمة 370 مليون ريال في ميناء جازان وميناء رأس الخير، لإنشاء صوامع لتخزين الحبوب.

وفي قطاع النقل البحري سجلت السعودية تقدما في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية مع خطوط الملاحة العالمية لتكون الدولة الأعلى تقدما، وحلت ثلاثة موانئ سعودية ضمن أكبر 100 ميناء في العالم، وقفزت المملكة إلى المرتبة الـ16 دوليا في حجم كميات المناولة.

وتتوالى الإنجازات حيث شهد عام 2021 عددا من الممكنات المقدمة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة فتم تأسيس بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتعزيز فرص تمويل هذه المؤسسات، كما دعم صندوق التنمية الزراعية بأكثر من 3.7 مليار. وشهد عام 2021 استثمارات بقيمة مليارين و55 مليون ريال في شركات ناشئة سعودية، تصدرها قطاع التقنية المالية من حيث عدد الصفقات، بينما حقق قطاع التجارة الإلكترونية الحصة الكبرى من قيمة الاستثمارات.

كل هذه الجهود أثمرت زيادة في عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى نحو 663 ألف منشأة بنهاية 2021.
وعلى مستوى دعم الشركات الكبرى أطلق برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص (شريك) الذي يهدف إلى تسريع ضخ استثمارات تقدر بنحو خمسة تريليونات ريال حتى 2030، وتوفير مئات الآلاف من الوظائف، والوصول بمساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي إلى 65 في المائة، كما تم اعتماد نظام التخصيص، الذي يستهدف تخصيص 17 قطاعا، لرفع كفاءة الاقتصاد الوطني وزيادة قدرته التنافسية.

وفي السياق نفسه، تم دمج المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في شركة سار لتخصيص بعض أعمال قطاع النقل، وهذا التوجه الاستراتيجي عزز معدل الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الثاني من 2021 ليصل إلى أعلى قيمة ربعية خلال الأعوام الأربعة الماضية بما يزيد على 13 مليار دولار، مسجلا ارتفاعا 607 في المائة على أساس ربعي، وارتفاعا 1573 في المائة على أساس سنوي، ووصلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 72 مليار ريال، محققة 2.3 في المائة من الناتج المحلي.

وفي هذا المسار أيضا تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار لتسهم في وصول السعودية إلى المرتبة الـ15 بين أكبر اقتصادات العالم، وذلك برفع القيمة التراكمية للاستثمارات إلى أكثر من 12 تريليون ريال بحلول 2030.
هنالك مشاريع كثيرة يجري استكمال بقية أعمالها مع المرحة الثانية من الرؤية من بينها متنزه القدية الترفيهي الذي تم توقيع عقد إنشائه بقيمة تزيد على 3.5 مليار ريال، إلى جانب مشروع "وسط جدة" بإجمالي استثمارات يصل إلى 75 مليار ريال، إضافة إلى مشاريع نيوم العملاقة ومن أهمها "ذا لاين" الذي يمتد بطول 170 كيلو مترا، ويتسق مع توجه نيوم إلى المحافظة على البيئة الطبيعية.

كما يأتي ضمن أهم مشاريع نيوم العملاقة مشروع أوكساچون محركا اقتصاديا وصناعيا في مدينة صناعية عائمة تضم أكبر تجمع صناعي في العالم لنخبة العقول والمواهب العالمية، لقيادة الابتكار في الصناعة والتقنية عالميا، حيث تحتضن سبعة قطاعات حيوية مدعومة بالطاقة المتجددة.
ولتحقيق مستهدفات الوطن الرقمي والحكومة الفاعلة تم إنشاء هيئة الحكومة الرقمية في آذار (مارس) 2021، وفي سبيل تحقيق خططها، أطلقت الهيئة سياسة الحكومة الرقمية لتسريع وتيرة التحول الرقمي في القطاع الحكومي، وكذلك مبادرة المنصة اللوجستية الموحدة، بالتعاون مع 13 جهة حكومية وشركة، ترتبط بها 25 منصة حكومية وتقدم 600 خدمة.

كما تم إطلاق النظام المركزي للمعلومات الوظيفية، ومشروع خدمة تأسيس وتشغيل مركز تقييم القدرات والمهارات، وأصبحت الحكومة أكثر فاعلية ومرونة واستجابة، وزادت خدماتها المقدمة على المنصات والتطبيقات، التي من أبرزها منصات: "أبشر، اعتماد، إيجار، بلدي، توكلنا، سكني، صحتي، قوى، مدرستي، ناجز" وبذلك ارتفع معدل نضج الخدمات الحكومية الرقمية من 60 في المائة في 2018 إلى 84 في المائة في 2021.
هذه الأرقام تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الانطلاق نحو رؤية المستقبل لن يتوقف، ولن تتوقف معه عجلة التنمية، وسيعمل الوطن وبعزيمة لا تلين بجميع مقدراته البشرية والمادية في سبيل تحقيق مستهدفات الرؤية للوصول إلى مجتمع حيوي، واقتصاد مزهر، ووطن طموح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي