اقتراح يصيب مزارعي أمريكا بالأرق .. إدارة المخاطر آليا
توجه سام بانكمان-فريد إلى واشنطن الأسبوع الماضي للضغط في مسألة عصرنة الخدمات المالية الأمريكية التي يتبناها، لكنه واجه مشكلة هناك. بعض المزارعين في البلاد يشعرون بالقلق من أن يتسبب الملياردير والرئيس التنفيذي لبورصة إف تي إكس للعملات المشفرة بقض مضاجعهم.
فقد عبروا عن المخاوف التي تؤرقهم ليلا في اجتماع مفتوح استغرق يوما كاملا مع لجنة تداول السلع الآجلة، التي تدرس اقتراحا قدمته بورصة إف تي إكس لإدخال الأنظمة الآلية لإدارة المخاطر ـ التي تستخدمها في تداول العملات الرقمية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ـ إلى أسواق العقود الآجلة ذات الرافعة المالية، حيث يقوم المشاركون بالبيع والشراء على المكشوف لكل شيء، من اتجاه الأسهم إلى أسعار الذرة.
أخذت هيئة تنظيم المشتقات الأمريكية خطة بورصة إف تي إكس على محمل الجد، لدرجة أن جميع مفوضي لجنة تداول السلع الآجلة "سي إف تي سي" الخمسة حضروا الاجتماع، واستمعوا خلاله للمناقشات لأكثر من ست ساعات حرض خلالها بانكمان فريد ضد مجموعة من الأطراف المهتمة بالموضوع - بدءا من المجموعات الزراعية إلى كبار مقدمي الخدمات المالية، مثل جيه بي مورجان تشيس وجولدمان ساكس وسي إم إي جروب.
غير أن النتائج تشير إلى أن الطريق أمام خطة إف تي إكس قد تكون وعرة. من الواضح أن أفكار بانكمان فريد استحوذت على خيال المتداولين الذين يجوبون الأسواق في الداخل والخارج بحثا عن العوائد. لكن المشاركين الرئيسين في الصناعة يقولون إنهم ما زالوا في حيرة من أمرهم تجاه آليات النظام الذي طرحه، فيما وضح المزارعون رغبتهم في الابتعاد عن ذلك.
العقود الآجلة ذات الرافعة المالية تجذب كلا من المستثمرين الجريئين والمتحوطين الزراعيين، لأنها تمكنهم من أخذ مراكز كبيرة مع تقديم جزء بسيط من قيمة الصفقة، يسمى الهامش. وفي أسواق اليوم، يقوم الوسطاء المعروفون باسم متداولي العمولات الآجلة، بتحصيل الهامش والتأكد من أن لدى العملاء ما يكفي منه لدعم مراكزهم.
الجديد في خطة إف تي إكس، أنها تستخدم خوارزميات الحاسوب كي تحل محل الوسطاء البشر. وفي نظامها، سيتم حساب مستويات الهامش كل 30 ثانية كل يوم، وسيكون العملاء مسؤولين عن الاحتفاظ بما يكفي من الهامش في حساباتهم في بورصة إف تي إكس لدعم مراكزهم.
عدم القيام بذلك يؤدي إلى بدء التصفية بطريقة آلية، بغض النظر عن الوقت من اليوم. وفي سيناريوهات أكثر خطورة، تقول بورصة إف تي إكس، إن مزيدا من الدعم يمكن أن يأتي من مصادر مثل "مزودي السيولة الداعمين" الذين يوافقون مقدما على تولي المراكز، إضافة إلى صندوق ضمان بقيمة 250 مليون دولار تدفعه إف تي إكس.
مثل هذا النظام الآلي يستهوي لاعبي المشتقات الذين يحلمون بالتحرك حول ضماناتهم بالسرعة نفسها التي يضعون فيها مراكزهم. فهم يرون في ذلك قدرا من الأمان للتداول على مدار الساعة، ما يمكنهم من الاستجابة في الوقت الفعلي لما يستجد من الكوارث أو الفرص. وبالنسبة لهم، طبيعة التداول في العملات المشفرة التي تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع تعطيهم لمحة عن شكل مستقبل الخدمات المالية.
تساءلت مجموعات المزارعين، التي تمارس ضغطا سياسيا كبيرا في واشنطن، كيف يمكن لأعضائها أن تقر لهم عين في مثل هذا العالم. على الرغم من أن بورصة إف تي إكس تتعامل حاليا فقط مع عقود العملات المشفرة، إلا أن موافقة لجنة تداول السلع الآجلة على المقترح، الذي طرحته البورصة، يمكن أن تمهد الطريق لها للتعامل مع أنواع أخرى من العقود الآجلة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى دخولها في مجال الزراعة.
قال نيلسون نيل، رئيس سي إتش إس هيدجينج، وهي ذراع الوساطة الآجلة لإحدى التعاونيات الرائدة في الزراعة الأمريكية، خلال اجتماع لجنة تداول السلع الآجلة، إن التصفية بطريقة آلية بين عشية وضحاها تشكل خطرا أكبر على المزارعين الذين يلجؤون إلى أسواق العقود الآجلة للتحوط من المخاطر، أكثر منه على المتداولين الذين يستخدمون هذه العقود من أجل "المضاربة".
قال: "من خلال برنامج التصفية الآلية سيخلد المتداول في العملات المشفرة إلى النوم الـ11 مساء، ثم يستيقظ في السابعة صباحا، وفجأة ستجده قد طرد من مركزه، أو تمت تصفيته، هذا يوم سيئ له بالتأكيد، لكن ربما ليس بذلك السوء إذا فكرنا بحدوث السيناريو نفسه للمزارع الأمريكي".
أضاف: "سيذهب المزارع إلى الفراش ولديه مركز ذرة تحوطا لمخزونه في الـ11 مساء، ثم يستيقظ في السابعة صباحا، أو ربما قبل ذلك بقليل، ليجد أن ليس لديه أي مركز على الإطلاق. وفجأة، ستنخفض قيمة مخزونه بشكل كبير (...) قد تكون عليه التزامات لسداد قروض وقد يصبح غير قادر على الالتزام بها".
تراجع بانكمان فريد أمام شكاوى صناعة الزراعة. ومع حفاظه على موقفه من أن عمليات التصفية الآلية يمكن أن تمنع الأوضاع من أن تتردى أكثر، قال بانكمان فريد إن نهج بورصة إف تي إكس يتناسب مع العقود "التي تمت تسويتها من خلال الوسائط الرقمية" - مثل عقود العملات المشفرة - أكثر من الصفقات التي تستخدم فيها الضمانات المادية مثل القمح أو الذرة.
أشار انسحابه اللبق إلى طريق محتملة تمضي فيها هيئة تداول السلع الآجلة قدما عندما تنظر في اقتراح بورصة إف تي إكس. ويبدو واضحا أن هيئة تنظيم المشتقات ترى شيئا ذا قيمة في الخطة، خاصة بعد أن طرحتها على العموم لإبداء الملاحظات عليها ثم أمضت يوما كاملا في الاستماع إلى المشاركين في السوق وهم يتحدثون عنها.
إذا كانت هيئة تداول السلع الآجلة تريد حقا السماح لبورصة إف تي إكس بالتجربة في أسواق العقود الآجلة ذات الرافعة المالية، فقد تقصر أنشطتها على تداول العملات المشفرة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، على الأقل لفترة محددة. وبهذه الطريقة يمكن لمؤيدي الخطة معرفة ما إذا كان نظام إف تي إكس هو الشيء المهم القادم بالفعل، ويمكن كذلك للمزارعين في البلاد أن يأخذوا راحتهم.