صافي الانبعاثات الصفري يضيق الخناق على رحلات العمل

صافي الانبعاثات الصفري يضيق الخناق على رحلات العمل
أصبح السفر من أجل العمل أكثر صعوبة في الشركات الكبرى.

تضم مجموعة سويس ري للتأمين 14 ألف موظف منتشرين في جميع أنحاء العالم، وإذا أراد أي منهم السفر إلى مكان ما للعمل هذا العام، فسيحتاج إلى تقديم سبب وجيه.
لتؤدي دورها في معالجة تغير المناخ، قررت الشركة أنه في 2022 ينبغي أن تكون انبعاثات غازات الدفيئة من سفر موظفيها جوا نصف ما كانت عليه في 2018.
تمت إضافة هذا الهدف إلى العوامل المستخدمة لتخصيص مكافآت الشركة. سعر الكربون الداخلي يعني أن مركز تكلفة وحدة أعمال الموظفين الذين يحجزون رحلة ذهاب وعودة من لندن إلى نيويورك سيقيد عليه مبلغ 200 دولار تقريبا إذا سافروا في الدرجة الاقتصادية، أو نحو 600 دولار لمقعد في درجة الأعمال.
تتم مراقبة الانبعاثات من سفر كل شخص وينبغي للمسافرين باستمرار أن يكونوا حذرين. أخبرني ريتو شنارويلر، رئيس استدامة المجموعة في سويس ري، "لو سافر أحد الموظفين كثيرا، فسنكتشف ذلك". أيضا، من المحتمل أن نفتح "نقاشا معه".
أصبح السفر من أجل العمل أكثر صعوبة في الشركات الكبرى الأخرى أيضا. في شركة الأدوية الدنماركية نوفو نورديسك، شعر الموظفون الذين يديرون برنامجا لمساعدة الأطفال المصابين بداء السكري في الدول الفقيرة بتأثير هدف الشركة الجديد المتمثل في خفض انبعاثات السفر الجوي الصادرة منها إلى النصف بحلول 2025.
كان الفريق يعتزم الاجتماع في بنجلادش هذا العام لكن بدلا من ذلك ذهب الجميع إلى زيورخ. تقول كاترين ديبونا، رئيسة قسم الاستدامة في شركة نوفو نورديسك، موضحة أن بعض الأشخاص كانوا في زيورخ أصلا، "إن عدد الرحلات الطويلة إلى بنجلادش والعودة منها لم يستدع عقد اجتماع داخلي للمجموعة".
في الوقت نفسه، أدرجت شركة إي واي، إحدى شركات المحاسبة الأربع الكبرى، نظرية الوكز - وهي فكرة أن تغييرات التصميم الصغيرة يمكن أن تحول السلوك - في أنظمتها لحجز السفر الداخلية لحث الموظفين على القيام برحلات أكثر مراعاة للبيئة.
يقول ستيف فارلي، نائب الرئيس العالمي للاستدامة في شركة إي واي، "مثلا، إذا حجزوا رحلة تعود في اليوم نفسه، فإننا سنبدأ في دفعهم من أجل تحويل الاجتماع عبر الإنترنت من خلال تطبيق تيمز بدلا من حضور الاجتماع بصورة شخصية". أو يستقلوا القطار بدلا من ذلك.
لقد اكتشفت كل هذا بعد أن اتصلت ببعض الشركات المدرجة في تصنيف صدر هذا الشهر من النشطاء في مجال النقل الأخضر الذين حللوا مخططات السفر الجوي لـ230 شركة أمريكية وأوروبية.
لكن معظم الذين أخبرتهم عن هذه التطورات في عمل الشركات تجاه المناخ قلبوا أعينهم وتمتموا قائلين، "خفض التكاليف". إنهم محقون في ذلك. بعض الشركات قد تتخذ التدابير من أجل تحقيق أهداف صافية أكثر صرامة من أي وقت مضى. لكن الجائحة كانت درسا عظيما في مقدار الأعمال التي يمكن إنجازها عبر تطبيق زووم وقد لاحظ ذلك أيضا كبار المسؤولين الماليين في جميع أنحاء العالم.
أما السؤال فهو، لماذا لا تحذو مزيد من الشركات حذو سويس ري ونوفو نورديسك وإي واي؟
إن هذه الشركات الثلاث هي من بين ثماني شركات فقط حصلت على أعلى درجة في تصنيف المجموعات الخضراء. هذا يعني أنها اتخذت خطوات، مثلا، لوضع هدف محدد لإجراء تخفيضات حادة في الانبعاثات من السفر في القريب العاجل، وليس في المستقبل البعيد، وكانت تبلغ عن حجم انبعاثاتها لمدة عام على الأقل.
لا يبدو أن هذه الإجراءات مرهقة جدا، ولا سيما بالنظر إلى أن كثيرا من الشركات التي حصلت على نتائج سيئة لديها مخططات طموحة لخفض إجمالي انبعاثاتها الكلية. حصلت شركة مايكروسوفت على الدرجة الرابعة وهي الأدنى، إلى جانب "إيكسون موبيل" و"بي بي"، على الرغم من أن شركة البرمجيات تستثمر في وقود الطيران الأخضر وتدفع 100 دولار على انبعاثات الكربون لرحلات العمل كجزء من جهودها الطموحة لتصبح انبعاثات الكربون لديها سالبة بحلول 2030. لكن ما لا تملكه هو هدف محدد من أجل خفض الانبعاثات من رحلات العمل.
لكن هذا قد يتغير. الطيران يمثل نحو 2 في المائة فقط من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. لكن هذه النسبة يمكن أن ترتفع في حال عادت اتجاهات النمو إلى مستويات ما قبل الجائحة وستصبح مشكلة إذا ما زلنا لا نملك طائرات كهربائية كبيرة أو وقود الطيران الأخضر ذا التكلفة التنافسية أو أي تكنولوجيا أخرى تجعل الطيران صديقا للمناخ.
لا يهدف تصنيف النشطاء للسفر الجوي إلى حظر رحلات العمل بوجه العموم، أو معاقبة الموظفين الذين تتطلب وظائفهم السفر كثيرا.
المغزى هنا هو أنه من المنطقي أن تلتزم الشركات بعادات السفر الأكثر مراعاة للبيئة التي تبنتها خلال فترة الجائحة. أظهرت بضع شركات أنه من الممكن الالتزام بذلك. وكثير من الشركات يمكنها أن تفعل الشيء نفسه.

الأكثر قراءة