الأسواق حقل ألغام يتطلب الحذر
عندما كنت في الجامعة، منذ فترة طويلة مضت، كان لدى الطلاب طرق مختلفة للاحتفال بنهاية موسم الامتحانات.
اختارت مجموعة معينة منا المشاركة في لعبة تضمنت أن يبلل بعضنا بعضا بمسدسات مائية أو بالونات مليئة بالماء. بدا أن الهدف هو أن تغمر اللاعبين الآخرين بالماء وأن تنجو باعتبارك اللاعب الوحيد المتبقي.
هذا يعني أن اللاعبين لم يكونوا في أمان أبدا. يمكن أن يكونوا يمارسون أعمالهم أو يشترون الطعام أو يتجهون إلى غرفة الكمبيوتر لإرسال "رسائل بريد إلكتروني" ويمكن مهاجمتهم في أي لحظة.
شيء مشابه يجري الآن في الأسواق. مع تواتر ينذر بالخطر، وقليل من التحذير أو من دون تحذير، يتم غمر الأسهم الفردية.
في الأسواق، بدأت اللعبة (بسبب عدم وجود كلمة أفضل) في نيسان (أبريل) الماضي، مع نتفليكس، التي تراجعت ما يقارب 40 في المائة في يوم واحد بعد أن قالت إنها أخطأت في تقدير أعداد المشتركين. كانت آخر ضحية للغمر هي سناب، مالكة منصة التواصل الاجتماعي سناب شات، التي تراجعت بنسبة مماثلة الأسبوع الماضي بعدما تم إلقاء اللوم على كل شيء، بدءا من التضخم إلى الحرب في أوكرانيا، في وجود بيئة أرباح أكثر صرامة. في الأسبوع السابق كانت شركة تارجيت للتجزئة تتعرض للبلل أيضا.
فقط في مؤشر ناسداك 100، الذي لا يضم سناب أو تارجيت، تراجعت سبعة أسهم بنسبة 20 في المائة أو أكثر في يوم واحد حتى الآن هذا العام، يعادل هذا تقريبا ما حدث في 2020 الذي تضرر من الجائحة. الشركات الأخرى المتضررة هذا العام تشمل باي بال وميتا (فيسبوك بالنسبة لي ولك).
بعبارة ألطف، هذا غريب للغاية. خارج الأزمات الشاملة كما حدث في 2020 أو 2008 أو 2002 بعد انفجار فقاعة الإنترنت، من غير المعتاد رؤية مثل هذه السلسلة الواضحة من الترنح والانخفاض. هذا يخبرك أن المستثمرين في مزاج سيئ للغاية.
بطبيعة الحال، بيئة السوق الواسعة قاتمة. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 15 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، وهو يحوم عند حافة الحد البالغ 20 في المائة أقل من آخر ذروة بلغها، الأمر الذي من شأنه أن يمثل سوقا هابطة معترف بها.
من جانبه، انخفض مؤشر ناسداك المركب بمقدار الربع في 2022 والخسائر المكونة من رقمين في البورصات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا شائعة، إذ يتكيف المستثمرون مع التضخم الحاد والسحب السريع لدعم البنوك المركزية (المملكة المتحدة تسير عكس الاتجاه: مؤشر فاينانشيال تايمز 100 مرتفع هذا العام، بفضل هيمنة شركات السلع متثاقلة الحركة التي أقبل عليها مديرو الصناديق بينما كانت الأسهم الحديثة الأكثر إثارة تتعرض للخسارة).
من المنطقي أن الأسهم ذات المخاطر العالية ذات التقييمات المرتفعة والمعلقة على احتمال تحقيق أرباح مستقبلية قوية، إلى حد كبير في مجال التكنولوجيا، تتعرض لأكبر قدر من الضغط في السوق المتشائمة هذه.
لم يخرج الجميع بالطبع. تشير فنداتراك، التي تراقب تدفقات تداولات التجزئة، إلى أن صغار المستثمرين يواصلون الشراء. لكن سلمان بيج، مدير الاستثمار متعدد الأصول في بونيجيستشن في جنيف، يشير إلى أن المتحمسين الآخرين للتكنولوجيا المعتادين يبتعدون الآن.
يقول بيج: "الموضوع هو، لماذا تتحرك الأسواق؟ ما الذي يجعلها تنخفض؟ لا يتعلق الأمر بمجرد مزيد من البائعين. يمكن أن تنخفض لمجرد أنه لم يعد هناك كثير من المشترين". هذا يعطي البائعين نفوذا أكبر. في الوقت نفسه، السيولة - السهولة التي تتم بها الصفقات دون تغيير الأسعار - غير مستقرة، ما يؤدي إلى تفاقم التحركات.
في الوقت الحالي، هذه سلسلة من اللحظات غير المتكررة. لكن هذا لا ينبغي بالضرورة أن يكون مطمئنا. قال بيج: "هذه كلها صدمات غير اعتيادية، لكن هذه الأشياء تبدو دائما على هذا النحو. 2008 هو المثال الآخر. تبدو دائما على شكل عدد قليل من الأسماء الفردية (...) وبعدها تتضخم بسرعة. السوق في الوقت الحالي ليست هشة تماما لكنها حساسة. السوق ليست شديدة السيولة. لديك معدلات متزايدة. هناك حرب جارية في أوروبا. هذه ليست بيئة جيدة. من السهل أن تتراكم هذه الضغوط الفردية الصغيرة".
تتمثل إحدى طرق تفاقمها في أن الصناديق تتلقى أحيانا ضربة في أحد الأصول المضاربة ويتعين عليها التدافع لتفريغ أصول أخرى أكثر أمانا من أجزاء أخرى من المحفظة لتلبية طلبات الاسترداد. قالت أبريل لاروس، رئيسة متخصصي الاستثمار في إنسايت إنفستمنت، إن هذا كان أحد الأشياء العديدة التي حدثت بشكل خاطئ خلال صدمة كوفيد - 19 قبل عامين. "كان أي شيء يمكنك بيعه. أن تقوم بالتداول بشكل جيد كان أمرا مستحيلا في تلك البيئة".
النظرة المتفائلة فيما يخص ذلك هو أنه يفتح فرص تداول جديدة محتملة. كما هو الحال دائما، فإن مجتمع تداولات التجزئة يتتبع هذه الحالة. بريك أوت بوينت، التي تراقب الرهانات السلبية أو الرهانات على المكشوف، تشير إلى أن مجتمع "وول ستريت بتس" WallStreetBets في موقع ريديت، المشهور بهجماته المتكررة على أسهم الميم، في حالة تأهب قصوى لاستغلال فرص خيارات البيع - رهانات على انخفاض الأسعار - لكسب المال من انخفاضات هائلة في الأسهم.
قال إيفان جوسوفيتش، من بريك أوت بوينت: "بين مستثمري التجزئة، تقريبا كل نتيجة أرباح بارزة قادمة تعد في الوقت الحاضر فرصة رائعة للشراء، والرغبة في الواقع هي أن تحدث انخفاضات بنسبة 25 في المائة".
لكن المشكلة مع هذا الغمر المفاجئ لمجموعة ضيقة معينة من الأسهم هي أن المارة الأبرياء الذين لم يشتركوا مطلقا في اللعبة غالبا ما يتم غمرهم خلال العملية أيضا.