لماذا يفشل رفع الحد الأدنى للأجور في زيادة الإنتاجية؟

لماذا يفشل رفع الحد الأدنى للأجور في زيادة الإنتاجية؟
رفع الحد الأدنى للأجور في المملكة المتحدة قلص عدم المساواة.

قبل ستة أعوام، بدأت بريطانيا تجربة أطلق عليها بعض الاقتصاديين "جريئة"، و"طائشة" من قبل آخرين. أعلن جورج أوزبورن، وزير المالية آنذاك، من حزب المحافظين، أن الحد الأدنى للأجور لمن هم فوق 25 عاما سيتسارع بشكل حاد ليصل إلى 60 في المائة من متوسط الأجر في الساعة بحلول 2020. كان قراره مرتبطا بتصميمه على خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية. لكنه جادل أيضا بأن التدخل سيعزز الأداء الاقتصادي الضعيف للإنتاجية.
أصبحت هذه الحجة حول الإنتاجية شائعة بشكل متزايد منذ ذلك الحين، في وقت يفكر فيه مزيد من الدول في وجود سقف أعلى للأجور. من السهل أن ترى جاذبية الفكرة القائلة إن الشيء الجيد (دفع أفضل لمن هم في القاع) يمكن أن يؤدي إلى شيء آخر (اقتصاد أقوى بشكل عام).
الفكرة هي أنه إذا لم يعد أصحاب العمل قادرين على الاعتماد على العمالة الرخيصة، فسيتعين عليهم زيادة الاستثمار في رأس المال أو زيادة إنتاجية القوى العاملة باستخدام التكنولوجيا أو تدريب أفضل. وهي فكرة لديها بعض الدعم التجريبي. وجدت إحدى الأوراق البحثية أن الحد الأدنى للأجور في ألمانيا زاد الإنتاجية بعد طرحه في 2015، وإن كان ذلك عن طريق إخراج بعض الشركات الصغيرة من العمل.
لكن التجربة البريطانية لم تلتزم بالنص. خلصت مراجعة أجرتها لجنة الأجور المنخفضة الأسبوع الماضي إلى أن السياسة "لم تحسن الإنتاجية". لم تشهد الصناعات والمناطق التي فيها نسبة أعلى من العمال ذوي الأجور الأدنى نموا أسرع للإنتاجية، مقارنة بالمجالات الأخرى، بعد تقديم السياسة في 2016.
لماذا لم ينجح الأمر؟ أظهرت الدراسات الاستقصائية لأصحاب العمل أنهم حريصون على زيادة الإنتاجية في البداية، لكن حماسهم تلاشى بمرور الوقت. قرر المزيد ببساطة قبول أرباح أقل أو فرض أسعار أعلى. كافحت الشركات الصغيرة، على وجه الخصوص، للعثور على أموال للاستثمار. في الدراسات الاستقصائية التي أجراها اتحاد الشركات الصغيرة، كانت الاستجابة الثالثة الأكثر شيوعا لارتفاع الحد الأدنى للأجور هي في الواقع خفض أو إلغاء الاستثمار كوسيلة للتعامل مع التكاليف المرتفعة. قالت مراجعة لجنة الأجور المنخفضة إن بعض الشركات التي استثمرت وجدت أن التكنولوجيا التي استخدمتها كانت غير مرنة أو لا يحبها العملاء.
عندما كنت أكتب تقريرا عن طرح حد أدنى أعلى للأجور في 2016، أدهشني عدد أصحاب العمل الذين قالوا إنهم سيجعلون الموظفين يعملون بجد أكثر وليس بذكاء أكثر. أخبرني أحد أصحاب الفنادق أنه سيجعل عمال النظافة ينظفون المزيد من الغرف في الساعة، مثلا. أظهر استطلاع لأصاحب العمل في 2019 هذا: 25 في المائة من المستجيبين طلبوا من الموظفين القيام بمزيد من المهام (الاجابة الأكثر شيوعا "المتعلقة بالإنتاجية") مقارنة بـ 11 في المائة من الذين لديهم مهام آلية.
لكن هذه نسخة ذات جودة أدنى من نمو الإنتاجية. قد ينجح ذلك لفترة من الوقت، فلا يمكن للناس العمل الجاد إلا قبل أن تنهك قواهم، وإلا فإنهم سيقدمون منتجا أو خدمة ذات جودة أسوأ إن هم خارت قواهم. أصبح العمل منخفض الأجر في المملكة المتحدة بالفعل أكثر إرهاقا مما كان عليه من قبل. ارتفعت نسبة الموظفين الذين أفادوا بأن عملهم مرهق "دائما" أو "غالبا" من 30 في المائة في 1989 إلى 38 في المائة في 2015، وفقا لمؤسسة ريزوليوشن للأبحاث. لكن بالنسبة للأشخاص الذين يعملون في وظائف مثل القيادة أو الرعاية، ارتفعت النسبة من 18 إلى 41 في المائة.
كما أدى ارتفاع الأجور في الجزء السفلي إلى ضغط على سلم الأجور في بعض الشركات. قال أرباب العمل الذين أجرى معهم معهد تشارترد للأفراد والتنمية مقابلات إن الاختلافات الأصغر في الأجور بين وظائف المبتدئين ووظائف المشرفين تجعل من الصعب إقناع العمال بتولي المزيد من التدريب والمسؤولية. أوضح أحد المديرين التنفيذيين في شركة ترفيهية تضم 3400 موظف: "ما تم الإبلاغ عنه هو أن الناس يقولون: أنا أتحمل كل هذه المسؤولية الإضافية، وهذا الشخص الذي انضم إلينا للتو في دور أقل مهارة يكون على سلم الأجور نفسه مثلي. لماذا يجب أن أتكلف العناء؟".
لا يعني أي من هذا أن سياسة الحد الأدنى للأجور خلال عهد أوزبورن كانت فاشلة. لقد نجحت في زيادة أجور الأشخاص في أسفل سوق العمل دون التسبب في ارتفاع معدلات البطالة - وهو إنجاز شك بعض الاقتصاديين في إمكانية تحقيقه. انخفضت نسبة الأجور 50/10 - مقياس عدم المساواة في الأجور للنصف الأدنى من العمال - بنسبة أكبر بين 2015 و2019 مقارنة بالأعوام الـ17 السابقة.
يمكن للحد الأدنى للأجور أن يضع المزيد من الأموال في أيدي العمال الذين يحتاجون إليها وسيقومون بإنفاقها. يمكنهم المساعدة على معالجة المخاوف المتعلقة بالعدالة وعدم المساواة. لكن هذه الإنجازات التي لا يمكن إنكارها ليست باهظة التكلفة تماما، وليست مضمونة لتحويل نمو إنتاجية دولة ما، على الأقل ليس عندما تسير الاتجاهات وخيارات السياسة الأخرى في الاتجاه المعاكس. مثلا، تم تخفيض الإنفاق على تعليم الكبار في إنجلترا بنسبة 49 في المائة بين 2009 و2019.
إذا أرادت بريطانيا أن تكون اقتصادا ذا "رواتب عالية وإنتاجية عالية"، فهي تحتاج إلى أكثر من الحد الأدنى للأجور لتحقيق ذلك.

الأكثر قراءة