الأجهزة الرقابية تضيق الخناق على جماعة «الغسيل الأخضر»

الأجهزة الرقابية تضيق الخناق على جماعة «الغسيل الأخضر»
أحد فروع سلسلة متاجر كولز للتجزئة.

من الادعاءات المشبوهة حول المنتجات المصنوعة من الخيزران إلى صناديق المناخ التي ليست كما تبدو تماما كما يقال عنها، يعمل المنظمون على زيادة تدقيقهم في ادعاءات الشركات بأنها صديقة للبيئة.
تسعى الجهات الرقابية المالية في جميع أنحاء العالم إلى التحقيق فيما يسمى "الغسيل الأخضر"، وهي استراتيجية تسويق تروج لالتزام الشركات بالاستثمارات المتوافقة مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام ـ التي كانت قاسية على الأسواق ـ انخفضت الأصول المحتفظ بها في صناديق الاستثمار المستدام بنسبة 4 في المائة، وفقا لوكالة مورنينج ستار للأبحاث. مع ذلك، أثبتت الأصول أنها أكثر مرونة من عموم السوق الأمريكية التي انخفضت أصولها بنسبة 6 في المائة خلال الربع نفسه.
لكن المستثمرين ربما لم يحصلوا على ما يعتقدون أنهم يدفعون مقابله. ففي حين أن بعض الأسواق لديها منذ فترة طويلة قوانين لا لبس فيها بشأن المواصفات البيئية المطلوب استيفاؤها - الأطعمة العضوية، مثلا، يجب أن تفي بمعايير صارمة للغاية كي يتم تصنيفها عضوية - إلا أن الوضع مع الصناديق التي تتبع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أقل وضوحا.
مكن ذلك بعض مديري الصناديق المتحمسين من الحصول على أموال المستثمرين، من خلال المبالغة في أوراق اعتمادهم الخاصة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، غير أن المنظمين الماليين باتوا يقاومون ذلك الآن.
في آذار (مارس)، قال جو لونجو، رئيس مفوضية الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية "أيه إس آي سي"، إن وكالته كانت تراقب عن كثب مديري الصناديق الذين يقدمون منتجات صديقة للبيئة، للتحقق من أنهم ينفذون حقا ما يدعونه.
أوضح لونجو أن على مجالس إدارة الشركات تقييم ما إذا كانت الإفصاحات البيئية لشركاتهم والترويج للمنتجات الخضراء يعكسان ممارسات الشركة بدقة، مضيفا أن "الغسيل الأخضر كان يحدث على مرأى من أعيننا".
سنغافورة أيضا تبحث في التداخلات بين الممارسة والترويج، وهي عاكفة الآن على تطوير متطلبات مناسبة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، تشمل كلا من صناديق الاستثمار، والنشرات، والإفصاحات.
قال تان كنج هينج، المدير التنفيذي لسلطة النقد في سنغافورة، في كانون الثاني (يناير): "نتوقع من مديري الأصول تنفيذ ما قالوه والتأكد من أن التزامات الاستدامة الخاصة بهم تعكس القدرات والممارسات الفعلية على أرض الواقع". أضاف، "الغسيل الأخضر يشكل خطرا حقيقيا وجليا على جهودنا الجماعية في يومنا هذا وعلى طموحاتنا أيضا على المدى البعيد".
يستخدم منظمون آخرون القوانين المعمول بها أصلا لاستهداف الشركات فيما يتعلق بالغسيل الأخضر. أخيرا اقترحت مسودة توصية من هيئة معايير الإعلان في المملكة المتحدة، مثلا، توجيه تحذير إلى بنك إتش إس بي سي بشأن إعلانات تروج للإنجازات التي قام بها تجاه البيئة.
كانت هذه الإعلانات - التي عرضت في مواقف الحافلات العام الماضي - تقول إن البنك يمول مبادرات العملاء الصفرية الصافية ويزرع كثيرا من الأشجار لحبس الكربون. قالت مسودة هيئة معايير الإعلان إن من يقرأ تلك الإعلانات سيخلص إلى أن بنك إتش إس بي سي يقدم "مساهمة بيئية إيجابية شاملة كشركة"، بينما يمول في الواقع شركات لها بصمة كربونية كبيرة أيضا ـ اتخذت بعض هيئات الرقابة إجراءات تجاه تلك الإعلانات بالفعل.
في الشهر الماضي، رفعت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية دعوى قضائية ضد شركة فالي البرازيلية للتعدين، بزعم تقديمها ادعاءات كاذبة ومضللة قبل حادثة انهيار سد برمادينو الذي أودى بحياة كثيرين في 2019. قالت اللجنة إن شركة فالي ضللت المستثمرين والرأي العام من خلال إفصاحاتها بشأن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وترد الشركة على الشكوى في المحكمة حاليا.
قد تنذر حادثة فالي بمزيد من القضايا المشابهة في المستقبل. لذا شكلت لجنة الأوراق المالية والبورصات فريق عمل في قسم الإنفاذ التابع لها، للبحث عن الثغرات أو البيانات الكاذبة الجوهرية في الإفصاحات عن المخاطر المناخية.
وفقا لكريستينا توماس، الموظفة السابقة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التي تشغل حاليا منصب شريك في شركة المحاماة ماير براون، فريق العمل "لا يركز فقط على الشركات العامة، لكن أيضا مستشاري الاستثمار". قالت عقب تقديم شكوى ضد شركة فالي، الفريق "يبحث بالتأكيد عن مزيد من الحالات المشابهة".
في شأن منفصل، قال جاري جينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، إن الهيئة التنظيمية تعمل على قانون يقتضي أن تفصح الصناديق التي تشتمل أسماؤها على مصطلحات مثل "أخضر" أو "مستدام" عن كيفية استيفاء استثماراتها لتلك الصفات.
بالنسبة إلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة "هناك حاليا مجموعة واسعة تعنى بما قد يعنيه مديرو الأصول من مصطلحات معينة والمعايير التي يستخدمونها"، حسبما قال جينسلر. أضاف، "من السهل معرفة ما إذا كان الحليب خاليا من الدسم، ومن الممكن أن يكون الوقت قد حان لتسهيل معرفة ما إذا كان الصندوق حقا كما يدعي".
غير أن لجنة الأوراق المالية والبورصات ليست الجهة الوحيدة في واشنطن التي تستهدف الغسيل الأخضر هذا العام. في الشهر الماضي فرضت لجنة التجارة الفيدرالية غرامة على شركتي التجزئة، وولمارت وكولز Kohl’s، بدعوى تسويقهما عشرات المنتجات من المنسوجات المصنوعة من الحرير الصناعي على أنها مصنوعة من الخيزران. التهمة الموجهة لكلتا الشركتين تستند إلى مزاعم بأن هذه المنسوجات "المصنوعة من الخيزران" تم إنتاجها باستخدام أساليب صديقة للبيئة.
عبر المحيط الأطلسي، يعمل الاتحاد الأوروبي على معايير للسندات الخضراء، من أجل تشجيع الاستثمار في المشاريع المستدامة وتقليل مخاطر حدوث عمليات الغسيل الأخضر. في شباط (فبراير)، قالت هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية - التي ستلعب دورا رئيسا في الإشراف على السندات - إن التصدي للغسيل الأخضر سيكون أولوية لها بين 2022 و2024.
منذ ذلك الحين، وعدت المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية - وهي ائتلاف يضم فرق الإنفاذ في أسوق الأوراق المالية، مقرها مدريد، يشمل هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة – بمكافحة الغسيل الأخضر.
قال رودريجو بوينافينتورا، رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية الإسبانية، "نحتاج إلى كل فرد في قطاع الأوراق المالية الآن للعمل معنا من أجل الترويج للممارسات الصحيحة والدعوة إلى إيقاف الغسيل الأخضر". أضاف، "بناء الثقة من خلال معايير السلوك عالية المستوى أمر له أهمية حتى تكون المنتجات الاستثمارية التي توصف بأنها مستدامة هي كذلك بالفعل".

الأكثر قراءة