السحر الرقمي يتحكم في منظمي شركات التكنولوجيا
يظهر إيلون ماسك استخفافا فوضويا تقريبا بالقواعد والنظم الصارمة التي تقيد قادة الأعمال الآخرين ممن هم في مثل مكانته. خضع رئيس شركة تسلا ـ الذي تصادم مع المنظمين من قبل ـ للتدقيق بسبب تغريداته الأخيرة حول استحواذه المقترح على تويتر. كان لتلك التغريدات تأثير في تحريك الأسواق لمصلحته عبر القضاء على مليارات الدولارات من قيمة شركة وسائل التواصل الاجتماعي.
يناقش الخبراء القانونيون الآن ما إذا كانت تغريدات ماسك، التي اتبعت نمطا غير عادي من عمليات الإفصاح إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات، يمكن اعتبارها حيلة لتيسير الصفقة لمصلحته.
بالنسبة إلى كارين يونغ، الأستاذة متعددة التخصصات في جامعة برمنجهام، النهج المبسط الحالي الذي تتبعه هيئة الأوراق المالية والبورصات، ظاهريا لحماية مساهمي شركة تسلا، هو مجرد جانب واحد من ظاهرة مثيرة للقلق تسميها "السحر الرقمي".
قد تتحكم الشركات مثل أوبر وميتا وتويتر بالتروس في عصرنا الرقمي الحديث المستند إلى البيانات، لكن يونغ التي قدمت الاستشارة للاتحاد الأوروبي وإلى هيئات عامة أخرى بشأن الحوكمة الرقمية، تؤكد أن كثيرا من الحكومات والهيئات التنظيمية تخضع لها أيضا. وبناء على ذلك، تمنح تلك الشركات ومبتكريها حرية تنظيمية لا تمنحها للقطاعات الأخرى. تقول، "لدينا قواعد إفصاح فيما يتعلق بالسوق ولا أجد أي مبرر مبدئي لاستثناء ماسك من تلك القواعد"، عادة ذلك شكلا من أشكال الاستثناء الرقمي الذي يتماشى مع السحر الرقمي.
أثبت مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، منذ فترة طويلة أنه بارع في تجاوز المنظمين، على الرغم من أنه خفف من ذلك أخيرا.
تضيف يونغ، "إذا كان رئيس شركة أدوية كبيرة لاعبا محتالا، فستعلم أن الاستثمار في تلك الشركة قد يجلب لك عوائد عالية جدا، لكن أيضا ستكون متقلبة وقد تتعرض للخسارة. لماذا لا ينطبق هذا المنطق أيضا على مجال التكنولوجيا؟ لماذا تعد شركة تسلا أكبر وأهم من أن تفشل؟".
صاغت يونغ عبارة "السحر الرقمي" لوصف السرد الخيالي المرتبط بصورة واسعة بالابتكار الرقمي، أن التقدم التكنولوجي سيحل جميع مشكلات المجتمع، بينما يوجد في الوقت ذاته ثروة لا حصر لها ولن يمس بالحقوق الفردية أو الخصوصية.
تقول إن هذا الادعاء يتم الحفاظ عليه من خلال ثلاثة مبادئ خادعة، الحل الرقمي، أو الاعتقاد بأن التكنولوجيات الرقمية الشبكية يمكنها أن تلبي على الفور أي حاجة مجتمعية وتحل أي مشكلة حتى في غياب الأدلة. ثانيا، مبدأ عدم وجود آثار ضارة، حيث يتم التأكيد على الفوائد والتقليل من المساوئ أو تجاهلها. أخيرا، الابتكار غير المقيد باعتباره حقا أساسيا. تشجع هذه النقطة الأخيرة المجتمع على تنمية قناعة شبه رومانسية بقدرات المنشقين العبقريين غير المقيدين بكتب القواعد المزعجة.
إن المبدأ الثالث هو ما يستحضر ذكر ماسك، مع وصف يونغ لرجل الأعمال الخاص البطل "عادة من الذكور" الذي "على الرغم من عيوبه العرضية، يخاطر بشجاعة بعمله ورأس ماله وطاقته في السعي النبيل لحل المشكلات (...) لكن يجب عليه أن يواجه كثيرا من الأشرار الذين يسعون إلى عرقلة طريقه، بدءا من صانع السياسة، أو الخبير الأكاديمي، أو ناشط المجتمع المدني، وجميعهم أعداء للتقدم".
في هذا النظام الرقمي المجاني للجميع، يتم تبجيل كسر المعايير، وإدانة الأصوات المعارضة باعتبارها مناهضة للتطور التكنولوجي وتصبح السوق هي الحكم النهائي للنجاح. ويتم تهميش المؤسسات العامة، على الرغم من كونها حامية اسمية للمصلحة العامة. تنعكس الآن صورة المبتكر الرقمي المذهل الذي يكافح للخروج من قواعد التنظيم البالية في المناقشات الدائرة حول العملات المشفرة، التي تقلل أو تستبعد أدوار البنوك المركزية والمحاكم القانونية.
يعد مشروع قانون الأمان على الإنترنت، الذي قدمته حكومة المملكة المتحدة للبرلمان في آذار (مارس)، إحدى المحاولات لمواجهة مبدأ عدم وجود آثار ضارة. سيجعل مشروع القانون شركات التكنولوجيا مسؤولة عن المحتوى غير القانوني مثل المواد الإباحية للأطفال، والمواد الضارة "لكن القانونية" التي تتعارض مع سياسات الاعتدال، مثل التنمر عبر الإنترنت.
وما إذا كان التشريع سينجح في الممارسة العملية دون أن يشكل تهديدا لحرية التعبير يبقى أمرا قابلا للنقاش، لكنه على أي حال لن يحقق إلا أسهل الأهداف في حقل الأضرار الرقمية. النتائج السلبية الأخرى، مثل اتخاذ القرار المتحيز خوارزميا، أقل وضوحا. قد يصبح من الصعب أيضا تحدي المعتقدات الأخرى التي تتحدث عنها يونغ - الحل الرقمي والحق في الابتكار غير المقيد - بينما تشق المملكة المتحدة طريقها خارج الاتحاد الأوروبي على أمل أن تصبح بلدا تكنولوجيا مزدهرا.
ستكون خطة الطريق إلى هناك، بصورة أساسية، هي إلغاء القيود مع مراعاة ثانوية للديمقراطية والخصوصية وحماية البيانات. هناك توازن حاسم يجب تحقيقه بين السماح لأشباه ماسك المستقبليين بحرية دفع الحدود مع إدراك أن تلك الحدود وكثيرا من النظم الأخرى موجودة لسبب ما.