وحشية العلم
بقدر ما قدم العلم والعلماء من خدمات جليلة للبشر، إلا أن هناك جانبا مظلما لبعض التجارب التي كانت نتائجها جيدة للبعض ومدمرة للبعض الآخر.
فجنون العلم وحب المعرفة أدى ببعض العلماء والباحثين إلى استغلال بعض الأشخاص ومعاملتهم كحيوانات تجارب، بل أمر من ذلك، لقد كانوا وحوشا في زي علماء ولعل من أقسى التجارب ما حدث في 1950، عندما اختطف الأطباء السوفيات التوأم الملتصق ماشا وداشا كريفوشليابوفا بعد ولادتهما مباشرة، وتم إخضاعهما لمجموعة متنوعة من التجارب الطبية التي كانت مجردة من الإنسانية لمدة 12 عاما، وتم تجويعهما وحرمانهما من النوم ووضعت إحداهما في حمام ثلجي ومراقبة ردة فعل الأخرى، والأدهى من ذلك حقنت إحداهما بمواد مشعة لدراسة مدى تأثيرها في الأخرى، لقد كانتا جسدا بروحين، ماشا شخصية مضطربة أما داشا كانت لطيفة ومتعاونة لم تتحملا العذاب وطالبتا عبر التلفاز بإنقاذهما ونقلتا إلى منزل آمن. مرضت ماشا وتوفيت بنوبة قلبية في 14 نيسان (أبريل) 2003. أما داشا فمرضت من السموم المتراكمة في جسد ماشا المتحلل وتوفيت بعد 17 ساعة. حتى الجنود الذين يفدون بلادهم بأرواحهم ويقعون تحت وطأة الحروب لم يسلموا من قسوة التجارب وهوس الباحثين.
فخلال الحرب العالمية الثانية، أرادت الولايات المتحدة معرفة مقدار الإشعاع الذي يمكن أن يتحمله الجنود في حالة وقوع انفجار نووي وعرضوهم للإشعاع عمدا وتم إجراء نحو 250 اختبارا من هذا القبيل لمراقبة تأثير الإشعاع فيهم ودراسة آلامهم بلا رحمة أو رأفة.
وشكل المعوقون بشكل عام والمعوقون ذهنيا بشكل خاص أرضا خصبة لتجارب العلماء غير الأخلاقية ففي القرن الـ19، حقن هنري هايمان، طبيب الأطفال في مدينة نيويورك، صبيين معوقين، أحدهما أربعة أعوام والآخر 16، بمرض السيلان لمعرفة ما إذا كان سينتشر مثل الجراثيم، ومعروف خطورة ذلك المرض الجنسي على البالغين فما بالك بالأطفال. ووجد نحو 40 تقريرا عن التجارب التي أجريت على الأطفال المعوقين حيث تمت إصابتهم بالسيلان من خلال عيونهم.
وفي 1956 تمت إصابة الأطفال المتخلفين عقليا في مدرسة ويلبروك الحكومية عن عمد بالتهاب الكبد الفيروسي لتتبع العدوى الفيروسية ودراسة فاعلية الأدوية عليهم، واستمرت الدراسة 14 عاما. ولم يسلم حتى العامة من هذه التجارب فقد تم رش البحر على شواطئ سان فرانسيسكو بنوعين من الجراثيم حيث أصيب 11 شخصا وتوفي واحد منهم.