انقطاع الغاز الروسي يكلف ألمانيا 429 مليار يورو سنويا

انقطاع الغاز الروسي يكلف ألمانيا 429 مليار يورو سنويا
فني يعمل في مصنع تابع لشركة سيمنز إحدى أكبر وأهم الأسماء الصناعية في ألمانيا.

يواجه الاقتصاد الألماني خسارة نحو 12 في المائة من إنتاجه السنوي - نحو 429 مليار يورو - إذا توقفت إمدادات الغاز الطبيعي الروسي بشكل فجائي، وفقا لدراسة جديدة أجراها مستشار للحكومة.
الدراسة التي أجراها توم كريبس، أستاذ الاقتصاد في جامعة مانهايم الذي يقدم المشورة لوزير المالية في برلين بشأن السياسة الاقتصادية، أكثر تشاؤما من معظم التقديرات السابقة ومن المرجح أن تزيد من عزم الحكومة على مقاومة الدعوات لفرض حظر فوري من جانب الاتحاد الأوروبي على جميع واردات الطاقة الروسية.
ومن المرجح أيضا أن تغذي جدلا مشحونا في معظم الأحيان بين الاقتصاديين الألمان حول ما إذا كان بإمكان البلاد تحمل التأثير الاقتصادي لحظر الغاز الطبيعي.
تأتي الدراسة في وقت تستعد فيه بروكسل لتصعيد عقوباتها على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا عبر فرض حظر تدريجي على واردات النفط من روسيا، إضافة إلى حظر الفحم في وقت سابق، في حين تبحث ألمانيا عن طرق لتقليل اعتمادها الكبير على الغاز الروسي.
قال كريبس، "من المرجح أن يرقى الإيقاف الفوري والكامل لواردات الغاز الطبيعي الروسي، إضافة إلى حظر الفحم المتفق عليه مسبقا وحظر النفط المقبل، إلى ركود اقتصادي مشابه للانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي خلال الأزمة المالية في 2009، أو أزمة كورونا في 2020".
تضع تقديرات أخرى تأثير التوقف المفاجئ لواردات الغاز الروسي ما بين 0.2 و6.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الألماني.
حتى نشوب الحرب تلقت 55 في المائة من وارداتها من الغاز من روسيا، لكنها خفضت هذه النسبة إلى 35 في المائة في نيسان (أبريل) عبر زيادة الإمدادات البديلة وتهدف إلى خفضها إلى 30 في المائة بحلول نهاية العام. وأوضحت وزارة الاقتصاد أخيرا إن الأمر سيستغرق حتى 2024 لخفض حصة واردات الغاز الآتية من روسيا إلى 10 في المائة. ويخشى قادة الصناعة من أن الإغلاق المفاجئ للغاز قد يشل أجزاء كبيرة من قطاع التصنيع في البلاد.
يدعم بعض الاقتصاديين نهج الحكومة التدريجي، محذرين من أن قطع الإمدادات المفاجئ على مستوى القارة يمكن أن يلحق الضرر بشكل دائم بالقدرة التنافسية للاقتصاد الأوروبي، بل ويؤجج الاضطرابات الاجتماعية. لكن بعضا آخر يقول إن إنهاء واردات الطاقة الروسية سيكون "في متناول" الاقتصاد الألماني. روديجر باخمان، أستاذ الاقتصاد في جامعة نوتردام، الذي شارك في كتابة تقرير أشار إلى أن الحد الأقصى للضرر 3 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، أبلغ "فاينانشيال تايمز" أن الحظر لن يؤدي إلا إلى "أزمة مؤقتة"، مضيفا أن "ألمانيا لديها القدرة المالية لدفع ثمن ذلك".
حللت دراسة كريبس "تأثيرات الجولة الثانية" لنقص الغاز الذي من شأنه أن يجبر الصناعات الرئيسة على إيقاف الإنتاج، بما في ذلك قطاعات السيارات والكيماويات والمعادن والأغذية والزجاج والسيراميك والآلات والورق.
واعتمادا على دراسات سابقة بشأن التأثير في الإنتاج الصناعي الياباني بعد كارثة فوكوشيما النووية، خلص كريبس إلى أنه سيكون هناك تأثير يعادل خمسة أضعاف التأثير الأولي لانخفاض الإنتاج في الصناعات التي تستخدم الغاز بشكل مكثف.
وقدم كريبس تصورين، في أحدهما لا يمكن لألمانيا استبدال كثير من الغاز الروسي الذي تستورده بسهولة، والآخر يكون الوضع أكثر اعتدالا.
في التصور الأول، قدر انخفاضا في الإنتاج يقضي على ما بين 3.2 و8 في المائة، أو ما بين 114 مليار يورو و286 مليار يورو، من الناتج المحلي الإجمالي الألماني. إضافة إلى ذلك، توقع إلحاق ضرر بالطلب ينتج عن ارتفاع الأسعار بما يعادل 2 و4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. في المجموع ستكون الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي في العام التالي للإنهاء المفاجئ لواردات الطاقة الروسية بين 5.2 و12 في المائة.
في التصور الأكثر اعتدالا، سيكون الضرر على الإنتاج بين 1.2 و3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإن الخسارة الكلية للناتج المحلي الإجمالي ستكون بين 3.2 و7 في المائة.
كتب كريبس، الذي تم تمويل دراسته من قبل معهد سياسات الاقتصاد الكلي في دوسلدورف، وهو جزء من مؤسسة هانز بوكلر المنتسبة للنقابات العمالية، "عندما يتعلق الأمر بالغاز الطبيعي، هناك فرق كبير بين فترة التعديل لمدة عام واحد وفترة التعديل لمدة ثلاثة أعوام".
في الشهر الماضي، قطعت روسيا إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا بعد أن رفضتا تغيير طريقة دفعهما لموسكو مقابل الغاز لتمكين الكرملين من الوصول إلى الأموال التي يتلقاها مقابل صادرات الطاقة. لكن المسؤولين في ألمانيا - والتوجيه الفني الرسمي من الاتحاد الأوروبي - يشيرون إلى أنهم يعتقدون أن طريقة دفع متوافقة مع العقوبات لا تزال ممكنة.

الأكثر قراءة