لست وحدك

تعودنا كمجتمعات شرقية الانطواء على أنفسنا والاحتفاظ بمشكلاتنا ومحاولة حلها بمعزل عن الآخرين ونعد الإعلان عنها أو نشرها منقصة في حقنا، لشعورنا الدائم بالعيب والعار من مشكلاتنا وأخطائنا، حتى أمراضنا، لذا تجد الأغلبية تفشل في حل مشكلاتها خاصة النفسية والاجتماعية فتتفاقم المشكلة ويستفحل المرض، إذا أخذنا في الحسبان أن الذهاب إلى طبيب نفسي أو إخصائي نفسي ما زال ثقافة غير منتشرة أو تمارس في الخفاء رغم كل هذا الانفتاح الذي يعيشه العالم.
فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه يحتاج إلى مجتمع يحس بمشكلاته ويتفهم معاناته ويستشعر مرضه وحاجته، من غير أن يوجه إليه لوما أو عتبا لأن اللوم يدفعه إلى الانطواء ويمسك لسانه عن البوح بينما في العلاج الجمعي يكون الوضع مختلفا عن المجتمع القريب الذي يحيط بالمريض، حيث يقوم المعالج في الجلسة بتقريب أفراد المجموعة من بعضهم وحثهم على الفضفضة بمكنونات أنفسهم ومخاوفهم وتبادلها مع المجموعة.
يقول الأديب جبران خليل جبران في إحدى رواياته: "النفس الحزينة المتألمة تجد راحة بانضمامها إلى نفس أخرى تماثلها الشعور وتشاركها بالإحساس، مثلما يستأنس الغريب بالغريب في أرض بعيدة عن وطنهما".
لذا لجأ المختصون إلى العلاج الجمعي الذي بدأ في عشرينيات القرن الماضي حين قام جوزف برات بعلاج جماعي لمرضى السل وفعل لازيل الشيء نفسه مع مرضى الفصام وفي الأربعينيات بدأ ريدل في تطبيق العلاج الجماعي على الأطفال، وفعل سلافسون الشيء نفسه مع المراهقين.
وفي العلاج الجمعي يستخدم المعالج النفسي المتمرس أسلوب الجلسات النفسية مع عدد من الأفراد يراوح عددهم بين 6 و12 فردا تجمعهم حالة نفسية معينة، ويشتركون فيها كالقلق، أو الاكتئاب، أو اضطرابات الطعام والنوم، أو الاضطرابات النفسية، أو الإدمان على الكحول أو المهدئات أو قد تكون لهم مشكلات سلوكية معينة أو مشكلات أسرية أو مهنية يتبادلون فيها تجاربهم وأفكارهم، وكيفية التعامل مع كل شخص حسب حالته، وطرق تخفيفها أو التخلص منها، ومساعدة الأفراد على التكيف مع محيطهم الخارجي، وتمتد الجلسة الواحدة من ساعة إلى ساعتين وتتكرر أسبوعيا على حسب الخطة التي يتبعها المعالج النفسي.
هذا النوع من العلاج يقوم على التعاطف الذي يفتقده المريض في مجتمعه وبيئته المحيطة به، والتصريح بالمشكلات وتبادل الخبرات ما يؤدي إلى فك عقدة المريض، ومنع حدوث الحوار الداخلي مع الذات التي بدورها تؤكد الأفكار غير الصحيحة وتؤدي إلى فشل العلاج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي