من في يده كبح تراجع الين؟ اليابانيون كبار السن
ضيفتنا منذ فترة طويلة، التي تشاهد كثيرا من البرامج التلفزيونية النهارية التي تستهدف بدقة كبيرة فئتها العمرية، تشكلت لديها حالة من القلق بشأن الين الضعيف. عندما انتقلت للعيش معنا في أواخر 2019، كانت العملة اليابانية موجودة بشكل مريح في نطاق ضيق من سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي، وهو موقع حافظت عليه على مدى ثلاثة أعوام. لكن بعد انخفاض قياسي وأسابيع من التراجع، كان الين الجمعة الماضية عند أدنى مستوى له منذ 20 عاما.
يرى محللون استمرارا معقولا لهذا الانحدار يذهب به إلى مستوى تاريخي أكثر انخفاضا، مع احتمال متزايد لتدخل السلطات اليابانية لإيقاف ذلك. وبالنظر إلى الأسباب الأساسية وراء الانخفاض "سياسة بنك اليابان الثابتة مقابل ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية"، هناك خطر كبير أن تنتهي مثل هذه الجهود بالفشل.
ومن المثير للاهتمام أن ضيفتنا يمكن أن توفر - بشكل غير مباشر، عبر المكائد المحتملة لصندوق المعاشات التقاعدية الحكومي في اليابان البالغ حجمه 1.6 تريليون دولار - آلية لكبح التراجع.
بالنسبة إلى امرأة تبلغ من العمر 72 عاما تجلس على أريكة وتعبر عن رأيها، فإن مشهد سوق الصرف الأجنبي هذا - عندما تتابعه مع موسيقى مخيفة إلى حد ما، يضيف إليها منتجو التلفزيون صدمات سلسلة التوريد وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة - يكون مادة رائعة للمشاهدة.
ويراوح تقليب ضيفتنا عبر القنوات التلفزيونية من مناقشات المائدة المستديرة حول سلبية سوق الصرف الأجنبي في اليابان تجاه الاضطرابات العالمية والشركات الصغيرة التي تعلن إفلاسا وشيكا إلى المشاهير الذين يشهقون بسبب ارتفاع لم يكن معقولا في السابق في أسعار الوجبات الخفيفة المفضلة ومكونات الطهي.
هناك صدى كبير بين أبناء جيلها ـ الذي كان في أوج سن العمل عندما كانت اليابان في أبهى حالاتها ـ للقلق الجديد المتمثل في عدم وجود اهتمام كاف بهذا الانخفاض خارج اليابان. مثل هذا التراجع الهائل والمفاجئ في عملة أحد اقتصادات مجموعة الدول الصناعية السبع كان من شأنه أن يهز المشهد المالي والجيوسياسي. لكن تأثيرة اليوم يبدو أقل أهمية بكثير.
في مقابل هذا، وفي كل من التصريحات المتكررة لمحافظ بنك اليابان، هاروهيكو كورودا، وملاحظات محللي الأسهم الذين يحاولون إعادة إحياء اهتمام المستثمرين العالميين بالأسهم اليابانية، هناك تذكير بأن الين الضعيف بشكل عام والقدرة التنافسية الكبيرة من حيث التكلفة، التي تأتي مع ذلك، هما أمران جيدان للشركات اليابانية. ففي معظم الحالات على مدار الـ30 عاما الماضية، كان يحدث قلق وتدخل من قبل السلطات عندما يكون الين قويا جدا.
لا تزال الفوائد التي يشار إليها تقليديا للين الضعيف صحيحة، حتى في الوقت الذي يتم الطعن فيها بسبب اعتماد اليابان الكبير على الطاقة والسلع المستوردة. إن سعر الصرف الفعلي الحقيقي للين يعود إلى المستويات التي شهدها آخر مرة في السبعينيات، كما أن مؤشر توبكس القياسي في اليابان مثقل بالشركات المصنعة العالمية، وعندما يعاد فتح البلد أخيرا للسياح، ستكون أكثر جاذبية للمتسوقين الأجانب والزبائن مما كانت عليه عندما كانوا هنا آخر مرة في أوائل 2020.
لكن هناك فائدتين كبيرتين للغاية تحظيان باهتمام أقل بكثير.
الفائدة الأولى تتعلق بمكانة اليابان متزايدة الأهمية بسبب أنها "ليست الصين" في عالم أقل يقينا ويفتقر للعولمة. كان تركيز المصرفيين والمحامين في طوكيو في السابق ينصب على إبرام الصفقات الخارجية للشركات اليابانية، لكنهم أبلغوا الآن عن تحول مدهش. فمع بدء الصناعة العالمية في إعادة هندسة نفسها بعيدا عن الكفاءة ونحو الأمان، تم تعزيز مكانة اليابان بشكل كبير بوصفها شريكا موثوقا به، أو مركز تصنيع، أو رابطا لسلسلة التوريد للشركات الأمريكية والأوروبية. ويقول المصرفيون إن الين الضعيف يرجح بالفعل كفة قرارات الاستثمار لمصلحة اليابان، ومن المرجح أن يتسارع هذا الاتجاه.
لكن التأثير الثاني للانخفاض الحاد للين هذا العام كان إثبات الالتزام المستمر لصندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي الياباني بترجيح الاستثمار الخارجي الكبير. قد يكون الملايين من المتقاعدين الذين تم إيجاد الصندوق لدعمهم مقتنعين بأن الين الضعيف يجعل حياتهم أكثر صعوبة. لكن نحو 50 في المائة من ترجيح محفظة صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي في السندات والأسهم الخارجية يولد الآن ما يحسبه أحد المحللين مكاسب أداء غير متوقعة 2-3 في المائة من تحرك 10 في المائة في سعر الدولار مقابل الين. عندما تمت إعادة موازنة محفظة صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي في 2020، كانت مخصصاتها غير اليابانية الأعلى مثيرة للجدل ولم يتم محاكاتها بشكل واضح من قبل صناديق المعاشات التقاعدية الخاصة في البلاد. وفي الوقت الحالي على الأقل، قدمت الظروف نصرا مهما لتكنوقراطيي الحكومة.
لكن قد تمتد أهميتها إلى أبعد من ذلك. تكمن الصعوبة التي تواجهها إدارة رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، في أنه يتعين عليه خوض انتخابات في تموز (يوليو) بناء على مناشدة لناخبين مثل ضيفتنا. قد تكون الحجج المتعلقة بفوائد الين الضعيف عقيمة إذا كان الين، في تلك المرحلة، أقل بكثير من مستواه الحالي البالغ 130 ينا مقابل الدولار. وقد يفشل تدخل وزارة المالية، كما يجادل بعض المحللين، في منع هبوط الين. لكن إذا ألمح صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي إلى أنه يفكر في إعادة التوازن تجاه الأصول اليابانية التي أصبحت الآن مقومة بأقل من قيمتها، فإن الين سيجد بسرعة القاع الذي يعود منه إلى الصعود مجددا.