رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مفاجأة الموسم أم موسم المفاجآت؟

من أغرب المفاجآت أن يصبح الموسم السنوي المعتاد للبعض مفأجاة! وهذا أمر تجده عند الأفراد والمنظمات، فهناك من يرتبك عند حضور المناسبة السنوية مع أنها كانت ثابتة ومتوقعة طوال طياته، تماما مثل من يشعر بمباغتة رمضان له قبل تعبئة مخزون العجائن واللحوم، أو من يباغته العيد قبل إنهاء مشترياته، فالمسألة عند الفرد عفوية ومضطربة وأقرب لسوء تنظيم نعترف به ولا ننكره.
لكن الحديث عن المنظمات مختلف. من الغريب أن منظمة دورها الأساسي يتمثل في معاجلة تحديات محددة وتملك هذه المنظمة الموارد وتدعي حسن الإدارة أن تفشل في التخطيط والترتيب والاستعداد، وتقول لك لقد تكالبت الظروف بشكل غير اعتيادي حتى وصلنا إلى هذا الوضع. هذا ما نشاهده في كل موسم يشهد اكتظاظا أو تجمهرا أو تفاعلا وزخما مرتفعا. وفي رمضان الفائت وجدنا هذا الأمر بمشاهدة محال الفول وتطبيقات التوصيل حتى شركات الطيران والسفر. لربما كانت محال الفول أهون قليلا لأن الجميع اشترى الفول ولو بعد انتظار، بينما هناك من لا يزال ينتظر وصول شحنة هدية العيد حتى اللحظة.
هناك من يلمح بأن الأمر مرتبط بالقيادات والمسؤولين عن هذه الجهات، سواء كانت قطاعات خاصة أم خدمية. أو أن المسألة إدارية وهناك ما يثبت وجود الخلل أو التقصير الإداري، لذا ينبغي محاسبة الإدارة. وهذا التفسير هو مجرد تنفيس عن الوضع وإثبات لأمر ثابت. فالمسألة دائما إدارية، وقد وصلت العلوم والممارسات الإدارية اليوم لمرحلة متقدمة تستطيع بها استيعاب كثير من الأمور التي قد يظهر لنا أنها خارجة عن السياق أو خارج المسؤوليات الاعتيادية. على سبيل المثال، الكوارث الطبيعية والأزمات الخارجية أصبحت اليوم من ضمن أجندة المسؤول، وعليه أن يثبت في حال حصولها أنه قد تعامل معها بالشكل الأمثل واتخذ كل ما يمكن اتخاذه من العناية اللازمة لمعالجة المسألة بالطريقة الأسلم. وفي حال الفشل أو الخسارة، لا يعفيه مجرد ذكر أن المسألة خارجية أو مثلا ظرف خارج عن الإرادة. لأن كل إجراء له إجراء بديل، بالطبع هناك مرحلة معينة تتعطل عندها الأمور ويتوقف معها العمل لكنها تكون في الأرجح بإجراء احترازي استباقي، وليس بعد النوم في العسل ثم التبرير بالظروف والسياقات.
هناك أيضا من يستخدم بعض العوامل الأخرى ويعدها خارجية لتبرير التقصير، مثل تصرف بعض الأفراد أو ثقافة المستفيدين من الخدمة، كمن يقول إن سلوك المشتري سيئ، أو إن المسافر استغلالي، أو إن منتظر الطلبية غير صبور. وهذا أيضا من التبريرات الواهية لأن توقع مستوى أداء الخدمة وطبيعة المستفيد جزء أساسي من حل التحدي الاعتيادي وتقديم القيمة المنشودة.
ومن الأسباب الأخرى التي كثيرا ما تستخدم: اتهام المنظومة، فيقول: "تقديم الخدمة قائم على تنسيق وتعاطي عدد من الجهات مع بعضها بعضا، وعمل واحدة بفاعلية عالية لا قيمة له إن لم يعمل الجميع بالمستوى نفسه، وأحيانا يعاني أحدهم مشكلات متأصلة مثل ضعف موظفيه أو بطء أنظمته أو تخلف أدائه تؤثر في الجميع". وبشكل مختصر، هذا يقول نحن رائعون ولكن هم من يسببون مشكلاتنا! وهو اتهام تقليدي للآخرين ينشأ في الأغلب من عدم فهم طرف لدوره الحقيقي أو محاولته تشتيت النظر عنه.
في نظري ما يحدث أثناء المواسم من مفاجآت ترتبط بتدني أداء خدمات بعض الجهات أو الشركات هو مجرد سوء أداء. لم يأت الموسم فجأة ولم تحدث مفاجأة أو كارثة طبيعية في الموسم. حتى العودة بعد الجائحة كانت متوقعة والجميع خطط لها، هناك من نجح فيما خطط له وهناك من فشل وتعثر. نعم قد تكون المسألة معقدة وترتبط بمنظومة من الجهات المتداخلة، وعلى الأرجح لم تخل من سوء التقدير وضعف الاعتمادية وهشاشة الجدولة وغياب البدائل وغير ذلك من التفاصيل، وهذه كلها أمور إدارية بالدرجة الأولى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي