الإخفاق يلازم رأسمالية أصحاب المصلحة

الإخفاق يلازم رأسمالية أصحاب المصلحة

الأشخاص المهتمون بإيجاد نظام سوق أكثر عدلا وديمومة يميلون إلى التفكير في أمور من قبيل الاستثمار وفقا للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ورأسمالية أصحاب المصلحة. لكن ما يحتاجون إلى البدء بالتفكير فيه هو القوة.
لنأخذ، مثلا، شراء إيلون ماسك لشركة تويتر. تحتل شركة تسلا مرتبة أعلى من المتوسط بحسب كثير من المقاييس التي جمعتها "جست كابيتال" JUST Capital، وهي منظمة مؤثرة غير ربحية تركز على رأسمالية أصحاب المصالح. لكن الرئيس التنفيذي لتسلا يستعد لبيع جزء كبير من حصته في الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية التي يمكنها فعلا القيام ببعض الأمور الجيدة في العالم لشراء منصة للتواصل الاجتماعي، الأمر الذي يمكن القول إنه جعل الوضع أكثر سوءا. مثلا، يمكن لماسك الذي يخطط لجعل المنصة خاصة، تمكين الرئيس السابق دونالد ترمب من العودة إلى التغريد.
تصوير ماسك على أنه منقذ حرية التعبير والديمقراطية قد يبدو أمرا يبعث على السخرية بالنسبة لبعضهم. هذا الرجل في النهاية ينظر إلى الضرائب على أنها نوع من الاعتداء الشخصي، ومع ذلك تمتع بمليارات من الإعانات الحكومية. لكنه ليس المثال الأخير الوحيد لملياردير يتظاهر بأنه المدافع عن المصلحة العامة.
لنأخذ مثلا رسالة من كارل إيكان المساهم الناشط وخبير بعض أكثر معارك الوكلاء عدائية في وول ستريت، وجهها الأسبوع الماضي إلى سلسلة محال كروجر للبقالة، انتقد فيها سجل الشركة فيما يتعلق بالأجور.
جاء في الرسالة: "ما يستحق الشجب تماما هو أنك (الشركة) تمكنت من الاستفادة شخصيا من الهوامش المرتفعة للغاية التي سببتها الجائحة بينما تراجعت في الوقت ذاته عن وعدك بمكافأة البطل للعاملين في الخطوط الأمامية".
ومضى إيكان في انتقاده إلى أن "هذا الاستهزاء بالاستحقاق هو مثال جوهري على سبب حصول الرأسمالية والشركات على سمعة سيئة وشعور الأشخاص بخيبة أمل من الحلم الأمريكي".
ولكونه ذا مهارة عالية دائما في استغلال سياسات اللحظة، يرى إيكان نفسه مثل ماسك (بغض النظر عن بعد الاحتمالية) مدافعا عن الضعفاء. لكنه يخطط لشيء ما.
بدأت الجهات التنظيمية في واشنطن البحث والتقصي بشأن أي مجموعة من الشركات يعتقد أنها استفادت من الضغوط التضخمية الحالية في الاقتصاد من خلال زيادة هوامش الربح بشكل غير عادل.
مع ذلك الرأسماليون من أصحاب المصلحة رغم تأكيدهم التزامات الشركات في كثير من المجالات كانوا صامتين تماما" بشأن أمثلة قوة الشركات المركزة، كما تقول دينيس هيران الزميلة البارزة في مشروع الحريات الاقتصادية الأمريكية، ومحامية المنافسة ميشيل ميجر، المؤسسة المشاركة لمشروع الاقتصاد المتوازن. لديهما وجهة نظر جيدة.
لقد أصدرتا ورقة بحثية الأسبوع الماضي جادلتا فيها بأن أولئك الذين يهتمون بأمر الأسواق الأكثر إنصافا ينبغي لهم التركيز على قوة الاحتكار. كتبتا: "التنافر المتأصل بين الدافع المستمر للنطاق والهيمنة، والإساءات المتكررة للأسواق من قبل الشركات الكبرى، هو صراع تتجاهله رأسمالية أصحاب المصلحة".
تشير هيران وميجر إلى أن أكثر الشركات الأمريكية عدلا وفقا لمنظمة جست كابيتال، هي جوجل، شركة عملاقة متهمة بانتهاكات لمكافحة الاحتكار في قارتين.
وصل تركيز الشركات كذلك الأرباح إلى مستويات قياسية في الأعوام الأخيرة: منذ عام 1990 أصبح أكثر من 75 في المائة من الصناعات الأمريكية أكثر تركيزا. الجائحة ضخمت هذا الاتجاه فحسب.
حتى مع زيادة الاستثمار المرتبط بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة فإن التركيز إلى جانب عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية، وصفقات الأسهم الخاصة، والهندسة المالية مثل إعادة شراء الأسهم، زاد أيضا. وبالطبع، زاد أجر الموظف كذلك. لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت قوة تسعير العمالة ستستمر في فترة الانكماش التالية.
من المؤكد أن قوة الشركات ستسمر، وهذا له عواقب سياسية كما أوضحت أنات أدماتي أستاذة الأعمال في جامعة ستانفورد، في ورقة بحثية حديثة حول الأمور التي سارت على نحو خاطئ في الرأسمالية. كتبت: مع ازدياد التركيز، جعلت الشركات من "الصعب على الحكومات والنظام القانوني حماية المواطنين من ضرر لا داعي له" تلحقه بهم الشركات نفسها.
تشير أدماتي أيضا إلى أن كثيرا من المشاركين في السوق يرون أن الحكومة هي المشكلة، لكنهم يفشلون في "التفكير في سبب فشل الحكومات الديمقراطية" وكيف تسهم الشركات وقادتها في هذا الفشل عبر تقويض "قدرة القطاع العام وفعاليته واستعداده للعمل من أجل المصلحة العامة".
إن القوة السوقية للشركات الكبيرة، وسلطتها السياسية، وسيطرتها المعرفية على صانعي السياسة أمر هائل، لا سيما في الولايات المتحدة. لكن الأمر لا يتطلب سوى واحد أو اثنين من القادة الأقوياء لتغيير الأمور.
لقد دهشت، في مؤتمر الاحتكار السنوي لمركز ستيجلر في جامعة شيكاغو قبل أسبوعين، من التعليقات العاطفية والناشطة جدا من لينا خان رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، وجوناثان كانتر رئيس قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل.
أصر كلاهما على الحاجة للنظر إلى ما وراء رفاهية المستهلك، محك قانون مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة لأكثر من أربعة عقود، إلى حقائق السوق عند التفكير في الإجراءات التنظيمية.
أوضح كلاهما أنه على استعداد "لخوض المعارك الكبرى"، حسب تعبير خان، ومحاسبة ليس الشركات فحسب، بل الأفراد أيضا. وفي إشارة إلى كتاب جيسي إيزنجر الذي يحمل اسما مشابها عن تراجع رغبة وزارة العدل في ملاحقة مخالفات الشركات، قال كانتر: "لسنا جزءا من نادي الجبناء". أيها المستثمرون، سجلوا ذلك.

الأكثر قراءة