من الثقة إلى الاستثمارات .. خليفة بافيت في مواجهة تحد صعب
كان الاجتماع السنوي لشركة بيركشاير هاثاواي في مدينة أوماها في ولاية نبراسكا هي المرة الأولى التي يسمع فيها المساهمون شخصيا من مؤسس المجموعة الملياردير وارن بافيت منذ بداية الجائحة.
لم تعط مجموعة من المؤسسات الاستثمارية التي تضغط على "بيركشاير" للكشف بشكل أكبر عن تغير المناخ اهتمام يذكر، في حين أوضح الرجل البالغ من العمر 91 عاما أنه يمكنه الاستغناء عن موافقة مجلس الإدارة عند إبرام صفقات كبيرة، وهو أمر ضروري لمعظم الرؤساء التنفيذين الآخرين في جميع أنحاء أمريكا.
"إذا كان وارن يعتقد أن الصفقة جيدة، فإن الصفقة جيدة"، حسبما قال بافيت عن تفكير مجلس الإدارة، حيث جذب الانتباه يوم السبت في اجتماع ذكر المساهمين بأن "بيركشاير" لا تزال إلى حد كبير تحت إدارة وارن. "يمكنني إبرام صفقة مع أي شخص دون أن يفسد كل شيء أثناء العملية".
رغم أن كثيرا من المستثمرين استمتعوا بتجاهل الاجتماع الذي لطالما كان السمة المميزة لكيفية إدارة بافيت لـ "بيركشاير"، فإن التجمع الأول في أوماها منذ أزمة فيروس كورونا قدم أيضا نظرة على كيفية تغير مسار العمل بمجرد أن يصبح الملياردير غير مسؤول.
كان خليفته المختار جريج أبيل، نائب رئيس "بيركشاير" ويدير مجموعة ضخمة من أعمال الشركة خارج نطاق التأمين، قادرا على التجول في قاعة الاجتماع دون أن يتم التعرف عليه أثناء حديثه مع مديري الشركات التابعة لـ "بيركشاير".
عندما اقتربت منه الصحافة صافحهم أبيل سريعا قبل تخطيهم. لم يسع المدير التنفيذي الذي رقاه بافيت إلى منصب نائب الرئيس في 2018 إلى جانب أجيت جاين رئيس التأمين، لإيجاد هالة حوله بالطريقة التي فعلها بافيت وتشارلي مونجر الذي ساعد على بناء "بيركشاير".
قال بعض المساهمين إنهم أصيبوا بخيبة أمل من الإجابات التي قدمها أبيل على الأسئلة التي وجهت إليه، بما في ذلك سبب تخلف "بورلينجتون نورذن ريل رود"، التي يشرف عليها، عن منافسيها.
قال كول سميد، رئيس شركة سميد كابيتال مانجمنت، واحدة من المساهمين في "بيركشاير" منذ فترة طويلة التي تقوم بتقليل حصتها فيها: "أي شيء له علاقة بأبيل كان متخبطا".
أضاف بافيت إلى إجابة أبيل بشأن "بورلينجتون نورذن ريل رود"، قائلا إن المجموعة كانت منهجية عند إجراء تغييرات على سكتها الحديدية بطول 20 ألف ميل. لكن أي شكوك حول الإجابات في الاجتماع السنوي العام لـ "بيركشاير" يهيمن عليها السؤال الأوسع عن الكيفية التي ستدار بها مجموعة التكتل بعد رحيل مؤسسها.
قال بعض المستثمرين والمحللين إن الثقة التي بناها بافيت على مدار العقود الماضية لإدارة المجموعة البالغ قيمتها 712 مليار دولار بالطريقة التي يريدها تماما من غير المرجح أن تمنح على الفور أو ربما لن تمنح إطلاقا لأبيل.
هناك بالفعل علامات على التغيير. وافقت "بيركشاير" على أن منصبي الرئيس التنفيذي والرئيس، كلاهما يشغلهما بافيت، سيتم فصلهما عن بعض عند رحيله.
يشعر سميد بالقلق من أن هذه الخطوة تنطوي على خطر تقييد بيركشاير التي اعتمدت لوقت طويل على قدرة بافيت على إبرام صفقات بمليارات الدولارات في غضون أيام. قال: "جزء من قوة بيركشاير هي سرعة اتخاذ القرارات". لدى بافيت ومونجر "سجل يمنح مجلس الإدارة الثقة".
لقد صب ذلك في مصلحة "بيركشاير" في آذار (مارس) عندما انتزعت صفقة استحواذ بقيمة 11.6 مليار دولار على شركة أليجاني للتأمين. بعد أن أبدى اهتمامه خلال وجبة عشاء مع الرئيس التنفيذي لشركة ألجاني، تمت الصفقة بشكل سريع للغاية. يشعر المساهمون بالقلق من ألا يمتلك أبيل الصلاحيات نفسها.
قال بافيت إن "توقعه" هو أن خليفته سيواجه مجلس إدارة مختلف داخليا، مجلس "سيضع مزيدا من القيود أو إجراء مزيد من المشاورات بشأن بعض الأمور أكثر مما يفعل معي".
تأمل كاثي سيفرت، محللة في مجموعة أبحاث الاستثمار سي إف آر إيه، أن تمتد هذه المشاورات إلى مسألة الإفصاح بشأن تغير المناخ، وهي قضية عرض مستثمرو "بيركشاير" بما في ذلك صندوق "كالبرز" وشركة فيدريتد هيرميس وخطة المعاشات التقاعدية الكندية سي دي بي كيو قرارا بشأنها.
مدعيا أن مديري الأصول الذين اقترحوا القرار لا يمثلون حقا آراء المتقاعدين الذين يديرون أموالهم، قال بافيت: "ما يهتمون به هو ما إذا كنا نلبي جميع متطلباتهم دون تدقيق".
وصفت سيفرت رد بافيت بأنه "مربك بعض الشيء"، مضيفة: "ليست هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يتصرف بها رئيس شركة مهمة. ينبغي أن يؤخذ هذا الأمر على محمل الجد". تم رفض القرار بشأن الإفصاح عن المناخ.
بينما كشفت أحدث نتائج "بيركشاير" أن المجموعة أنفقت 51.1 مليار دولار في سوق الأسهم الأمريكية في الربع الأخير وأبلغت عن أرباح تشغيلية قبل الفترة نفسها من العام الماضي، قدم بافيت دفاعا قويا عن كيفية عمل الشركة.
قال للمساهمين: "بيركشاير مختلفة فحسب". مضيفا أن مجلس الإدارة "يتفهم أن ثقافتنا تمثل 99.99 في المائة من إدارتنا للشركة".
إحدى القضايا التي تم طرحها في الاجتماع السنوي العام يوم السبت هي عما إذا كانت حقيقة أن نسبة كبيرة من ثروة أبيل مرتبطة بـ "بيركشاير هاثاواي إنيرجي"، وليست الشركة الأم، توجد تضاربا في المصالح. انضم أبيل لـ "بيركشاير" عام 2000 عندما استحوذ التكتل على "ميد أمريكان إنيرجي"، شركة منافع عامة ساعد على إدارتها.
إنها قضية أقر بافيت أنه قد يتعين على لجنة حوكمة مجلس الإدارة يوما من الأيام فحصها. قال مونجر ساخرا، وهو غالبا ما يكون أكثر حدة من شريكه التجاري منذ فترة طويلة، إنه يتمنى "لو كان لدينا 20 تضاربا في المصالح مثل هذا التضارب تماما".
أدرك بافيت أن التغيير أمر لا مفر منه بمجرد رحيله، لكن بعض المستثمرين يقولون إن مجلس الإدارة قد اتخذ بالفعل خطوات للاحتفاظ بثقافة تساعد على توحيد تكتل مترامي الأطراف فيه أكثر من 370 ألف موظف.
أضافت "بيركشاير" العام الماضي كريس ديفيز، مدير مالي ومساهم من الجيل الثالث في الشركة، في مجلس إدارتها. كما تم اختيار سوزان ابنة بافيت لتكون مديرة.
قال كريستوفر روسباخ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة جيه ستيرن آند كو، إحدى الشركات المساهمة في "بيركشاير" منذ فترة طويلة: "تتعلق تغييرات مجلس الإدارة بضمان استمرارية القيم والإرث. لكنها أيضا تضع الأشخاص والعمليات في مكانهما الصحيح لضمان نجاح الحوكمة ولضمان احتفاظ بيركشاير بالفطنة التي تحتاج إليها للقيام بالاستثمارات عندما تأتي الخلافة".