لماذا نبقى فئران مختبرات لشركات الطعام الكبرى؟
عندما كان أطفالنا صغارا كان كوكو بوبس هو لعنة حياتي. أي استراحة في عطلة نهاية الأسبوع في فندق أو منزل لأصدقائنا تظهر هذه الكرات الخاوية المقرمشة التي كانت محظورة في المنزل. كان أطفالنا يقضون الصباح وهم منتشون على السكر، وأعينهم تفيض بالدموع عند الغداء.
لذلك لم أستطع قمع ضحكة ساخرة على إعلان مجموعة كيلوج لحبوب الإفطار، أنها ستقاضي حكومة المملكة المتحدة لفشلها في النظر في فوائد الحليب وهي تتحدث عن القيود الجديدة على الأطعمة السكرية الدهنية. القضية ليست الحليب يا رفاق، إنها منتجاتكم التي تشكل ثلث جميع الحبوب التي يتم تناولها في بريطانيا. هذا التحدي القانوني هو أوضح مؤشر حتى الآن على أن شركات الطعام الكبرى في حالة هروب. كيلوج تدرك أن القواعد الجديدة ستعمل على تقليص الأجزاء المربحة في مجموعتها من العروض الترويجية للسوبر ماركت ومساحات الرفوف الرئيسة.
لأعوام عديدة، جادلت صناعة الطعام والشراب بأن من الجيد أن نكافئ أنفسنا ببعض المتع، طالما كانت جزءا من "نظام غذائي متوازن". المشكلة هي أننا لا نجيد مقاومة الإغراء. الدراسات المسحية تظهر أن الناس يريدون تناول طعام أكثر صحة، لكن هذا يتعارض مع حقيقة ما نستهلكه بالفعل. لقد جعلتنا جائحة كوفيد أكثر وعيا بمخاطر السمنة. لكن الأمريكيون والبريطانيون يعانون في الواقع زيادة الوزن أكثر من ذي قبل، حيث يتسبب التوتر والحياة غير النشطة في آثار سيئة.
أنا نفسي لست قديسة. باعتباري صحافية كنت لأعوام غير قادرة على الوفاء بالموعد النهائي دون مشروب كولا ولوح شوكولاتة يوركي، بعد الجلوس بجوار زميل كان كما لو كان يحقنها في دمه. تم إنقاذي من خلال عملية التمثيل الغذائية المرتفعة لدي، ومن خلال إجراء مقابلات مع علماء أقنعوني أن الدهون والسكر يضيئان أدمغتنا بطريقة النيكوتين نفسها. وأقسم أحد الباحثين أنه لن يتمكن أبدا من النظر إلى كعكة الجبن مرة أخرى، بعد إطعامها الفئران في المختبر. كانت مادة الدوبامين لا تقاوم لدرجة أن الفئران انتهى بها الأمر إلى الغوص في كعكة الجبن نفسها. في النهاية فضل بعضها التضور جوعا على أكل أي شيء آخر، وهو تأثير قارنه بتأثير الهيروين. يمكنك المجادلة بأننا لسنا فئران تجارب: نحن لا نجبر على الأكل ويمكننا قراءة مقالات حول أهمية "خمس وجبات في اليوم". لكن المنشورات غير الفكاهية لا يمكنها منافسة عباقرة التسويق الذين تمكنوا من إقناعنا بأن المواد فائقة المعالجة التي لا قيمة غذائية لها هي في الواقع طعام. كذلك أقنعوا العائلات التي تعاني ضغوطا شديدة بإنفاق الأموال عليها. كيف وصلنا إلى النقطة التي أصبحت فيها المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والحبوب نوعا من حقل الألغام؟ ذات مرة وصف تيرينس كيلي عالم الكيمياء الحيوية، الإفطار في العالم الناطق باللغة الإنجليزية بأنه "سلاح الأنسولين الشامل"، مشيرا إلى الطريقة التي ترفع بها وجبات الإفطار الغنية بالسكر مستويات الجلوكوز في الدم. وبعض الأطفال الأمريكيين يقضون أياما كاملة دون شرب الماء، وفقا لباحثين في جامعة ولاية بنسلفانيا، يشربون المشروبات الغازية بدلا من ذلك، رغم أن الماء مجاني. عندما حاول مايكل بلومبيرج حظر مشروبات الصودا كبيرة الحجم في نيويورك، هزمته الصناعة في المحاكم، بعدما جادلت بأن الحظر يعد انتهاكا غير دستوري للحرية. وعندما كنت جزءا من حكومة المملكة المتحدة التي فرضت ضريبة على صناعة المشروبات الغازية عام 2016، جاءت أكثر الهجمات صخبا من شركة كوكا كولا التي هددت بمقاضاتنا، رغم أنها تراجعت في النهاية. لقد أدركت الحكومات التي كانت متخوفة من إخبار الناس بما ينبغي شراؤه أن سوء التغذية يشكل تهديدا مباشرا لميزانياتها المتعلقة بالصحة. خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة تنفق أكثر من ستة مليارات جنيه استرليني سنويا على علاج المشكلات الصحية المتعلقة بالسمنة، ومن المتوقع أن ترتفع التكلفة إلى نحو عشرة مليارات جنيه بحلول عام 2050. استراتيجية السمنة التي تتبعها حكومة بوريس جونسون هي نتاج لحظة إدراك مفاجئة خاصة برئيس الوزراء بعد تجربته القريبة من الموت جراء كوفيد، والإدراك بأن رفع المستوى سيكون شعارا فارغا ما لم نعالج فجوة التفاوتات الصحية بين الأغنياء والفقراء.
يأتي الضغط أيضا من المستثمرين الذين قد يبدأون في رؤية شركات الأطعمة السريعة على أنها أصول محفوفة بالمخاطر تقطعت بها السبل. حتى وقت قريب كان المجال متروكا لعدد قليل من المستثمرين النشطين، مثل دان لوب الذي سخر بشكل مؤذ من حساء كامبل بقوله: "ماما، ماما، إنه سيئ". لكن المستثمرون الرئيسون يستيقظون الآن. فمن بين المستثمرين الذين كتبوا إلى مجالس إدارات كل من كيلوج، ودانون، ونستله، وكرافت هاينز يطلبون قدرا أكبر من الإفصاح عن معلومات حول التغذية والصحة، بنك بي إم أو وشركة ليجال آند جنرال. بالتالي يتعين على جميع هذه الشركات أن تصبح أكثر شفافية.
ستشهد الأشهر المقبلة مجموعات "أكثر صحة" تطلقها علامات تجارية مثل رقائق كيتل ورقائق ووكرز، تماما كما رأينا المشروبات الغازية وهي تغير وصفتها بعد فرض ضريبة عليها. صحيح أن شركات مثل كيلوج قدمت فقط ما يريده المستهلكون: الطعم الذي نحبه. لكن هناك تشريعات مرحب بها خصوصا لفطمنا جميعا، -المشترين والبائعين- عن دورة الوجبات السريعة.
حتما ستكون هناك مشاحنات، من ضمنها أسئلة مشروعة حول كيفية الحكم على القيمة الغذائية وما إذا كانت ساحة اللعب متكافئة حقا. وفقا لمجلة "ذا جروسر"، تساءلت كيلوج لماذا تقع الحبوب في نطاق اللوائح الحكومية بينما يتم استثناء منتجات الشوكولاتة القابلة للدهن. الشركة تقول إنها أزالت 11 ألف طن من السكر منذ عام 2011، و60 في المائة من الملح منذ التسعينيات، وإن أيا من حبوب الأطفال لن تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو الملح أو السكر بحلول عام 2023. لكن الحقيقة هي أن التغييرات الكبيرة والدائمة تأتي فقط من خلال التنظيم.للحفاظ على أنفسنا، آمل أن تمنح المحاكم كيلوج حفلا غير ترحيبي. لقد كنا فئران مختبر لفترة طويلة.