إزاحة العاملين كبار السن ضياع للخبرة والذاكرة المؤسسية

إزاحة العاملين كبار السن ضياع للخبرة والذاكرة المؤسسية
تقدم العمر لا يعني فقدان القدرة على العطاء.

هل ستتقدم لوظيفة تتطلب منك أن تكون "ديناميكيا" أو من "الجيل الرقمي"؟ إذا كان عمرك يزيد على 40 عاما فالأمر قد لا يستحق العناء. حتى وقت قريب بدا الأمر كما لو أن جيل السبعينيات لم يكن أفضل حالا مما هو عليه. لكن التمييز على أساس السن لا يزال قائما وقويا، وقد يكون نزوح العمال الأكبر سنا خلال الجائحة أشبه بـ"الإخلاء الكبير" من "الاستقالة الكبرى".
على الرغم من أجندة التنوع والشمول لا يزال العمر من المحظورات الاجتماعية. لقد وافقت شركة أمازون على التدقيق في تنوعها العرقي، تحت ضغط المساهمين، إثر حركات مشابهة في شركة أبل وبنك جيه بي مورجان. لكن نادرا ما يتم ذكر التمييز ضد العمال الأكبر سنا. على الرغم من نجاح مقاضاة شركة جوجل وشركات أخرى، كشفت دراسة استقصائية شملت أصحاب عمل عالميين في 2020، أن معظمهم لم يشمل العمر في سياسات التنوع والشمول الخاصة بهم.
هذا ليس أمرا مفاجئا تماما. في النهاية، دفع العاملون الذين تناهز أعمارهم 50 عاما معظم النمو في التوظيف في العقد الماضي، ولديهم نصيب أكبر من الخبرات مقارنة بالأجيال الشابة. علاوة على ذلك، عندما يكون هناك عدد قليل جدا من العاملين لدرجة إلغاء الرحلات الجوية، والنادل في المقهى المحلي الخاص بي يبدو في الـ12 من عمره، ونصف نوافذ العرض في شارعي المحلي الراقي عليها لافتة "مطلوب المساعدة"، فيبدو الأمر واضحا لأي شخص، مهما كان ضعيفا. لكن أخيرا، قابلت كثيرا من الأفراد الذين يقولون إنهم تخلوا عن فكرة البحث عن وظيفة، لأن من الصعب جدا العثور على أي شيء.
كان هناك افتراض بأن الاستقالة الجماعية لجيل مواليد ما بعد الحرب العالمية، التي تمت خلال الجائحة، كانت خيارا أقدم عليه كبار السن الساعون للإثارة، بعدما وفروا ما يكفي من الأموال للتخلص من حياة العمل المرهقة. لكن ماذا لو استخدم أصحاب العمل الجائحة للتخلص بهدوء من العمال الأكبر سنا الذين يكلفون أكثر من العمال الأصغر سنا؟ يشير تحليل أجراه مركز "شوارتز" الأمريكي لتحليل السياسات الاقتصادية إلى أن عمليات ترك العمل لم تحدث جميعها طواعية. فمن بين مليون أمريكي تراوح أعمارهم بين 55 و74 عاما تركوا سوق العمل منذ آذار (مارس) 2020، وفقا لمركز "شوارتز"، كان نحو 400 ألف شخص قد فقدوا وظائفهم، وبعد عام كانوا لا يزالون غير قادرين على العثور على وظيفة أخرى. في المملكة المتحدة ارتفع عدد من تراوح أعمارهم بين 50 و64 عاما، ممن لم يعودوا يبحثون عن وظيفة، إلى 228 ألفا، وفقا لمركز فور آجينج بيتر، الذي يقول إن احتمال إعادة توظيف العاملين الذين تزيد أعمارهم على 50 عاما كان نصف احتمال إعادة توظيف الأصغر سنا خلال الجائحة.
كنت أتساءل عن هذا منذ أن قابلت راكب دراجة أبيض الشعر يعمل لمصلحة شركة ديليفرو في لندن الشهر الماضي. تبين أنه رجل لائق صحيا يبلغ من العمر 65 عاما يشعر ببهجة كبيرة بشأن التحول من وظيفة مكتبية إلى عمليات التوصيل، لكنه يخشى مما إذا كان سيتمكن من ممارسة هذا العمل في فصل الشتاء. مثل سائق شركة أوبر في العمر نفسه التقيته في اليوم التالي، لم يتمكن من العثور على أي وظيفة أخرى. يقول مسؤول تسويق تنفيذي سابق في الخمسينيات من عمره، عانى رفضا متكررا، "إنه يسمع دوما أنه مؤهل أكثر من اللازم". على الرغم من أن السير الذاتية لم تعد تذكر تواريخ الميلاد، إلا أنه يقول "يمكنهم معرفة أنني عملت لوقت طويل".
هل هذا تحيز؟ تشير أبحاث أجراها اثنان من علماء النفس في جامعة هارفارد، تيسا تشارلزوورث وماهزارين باناجي، إلى أن الصور النمطية السلبية للشيخوخة هي في الواقع أكثر استفحالا من تلك المتعلقة بالعرق والجنس. بالاعتماد على بيانات من أكثر من أربعة ملايين اختبار للتحيز الواعي وغير الواعي، وجدا أن السلوكيات تجاه العرق ولون البشرة قد تحسنت خلال العقد الماضي، مقارنة بالتحيزات المستحكمة بشأن العمر والإعاقة، وزيادة السلبية تجاه الأشخاص البدينين. يتوقع تشارلزوورث وباناجي أن التحيز ضد المثليين يمكن أن يصل إلى مرحلة من "الحياد" في غضون 20 عاما، لكن وفقا للاتجاهات الحالية، فسيستغرق الأمر 150 عاما حتى يحدث الشيء نفسه للتمييز ضد المسنين.
الواقع الفج هو أن العاملين الأكبر سنا يميلون إلى أن يكونوا أعلى تكلفة من الشباب، وهم أكثر عرضة للاستغناء عنهم عند إجراء خفض في الإدارة الوسطى. لكن قد يكون اقتصادا زائفا يقوم على خفض تكاليف الأجور الأولية من خلال توظيف الشباب، إذ إنك ستفقد الإلمام بالإجراءات والعمل الجماعي.
إذا تم طرد العاملين الأكبر سنا مبكرا، فإننا نفوت المواهب ونزيد من الفواتير لدافعي الضرائب. في الغرب، نحن مهووسون بالشباب والتكنولوجيا والمرونة، ونخشى أن طول العمر يعني الركود. لكنه يعني أيضا الذاكرة المؤسسية والخبرة، التي تعد بالتأكيد جزءا من التنوع الذي تدعي المنظمات أنها تريده.
في اعتقادي، يخطئ من يحاول تقديم كل الأشخاص في فئة عمرية معينة على أنهم أشخاص لامعون. ليا إياكوكا، رئيس شركة كرايسلر السابق، قال لمجلة "وايرد" ذات مرة "إنه كان ضد استخدام التواريخ الزمنية لطرد الناس"، وأضاف "كان لدي أشخاص في شركة كرايسلر يبلغون من العمر 40 عاما لكنهم يتصرفون وكأنهم يبلغون 80 عاما، وكان لدي أشخاص يبلغون من العمر 80 عاما يمكنهم فعل كل شيء يستطيع العامل البالغ من العمر 40 عاما فعله".
التقيت مجموعة من هؤلاء عندما كنت أكتب كتابا عن العالم الذي يتسم بالشيخوخة. منهم بيت ناش، كانت بعد 60 عاما لا تزال تطير مضيفة جوية. وأخرى مديرة تنفيذية متمرسة تدعى كلير، انضمت إلى جمعية خيرية شابة وهي في الـ70، وصفت المعضلة بذكاء، قالت "لقد طردوا للتو امرأة تدعى سو، تبلغ من العمر 60 عاما كانت يائسة. كانوا خائفين من أنني سو أخرى. من يستطيع أن يلومهم؟".
يواجه أرباب العمل مشكلة حقيقية مع كبار السن الذين أصابهم الوهن، والذين يمكن أن ينتهي بهم الأمر إلى استبعاد طلباتهم إذا استمروا في المطالبة بأجور أعلى. وبمجرد أن يتخلى كبار السن عن البحث عن وظيفة يشطبون من إحصاءات البطالة. لكن هذا لا يعني أنهم غير موجودين، أو أننا لسنا بحاجة إليهم.

الأكثر قراءة