مصرفيو «وول ستريت» يقفون أمام عقبة شنغهاي
أن تكون مصرفيا أجنبيا للشركات الصينية، يتطلب الآن التمتع بمستوى غير عادي من المرونة. قال لي أحد كبار المصرفيين في "وول ستريت" الأسبوع الماضي إنه أكمل ثماني فترات من الحجر الصحي الفندقي - استمر كل منها أسبوعين أو ثلاثة أسابيع - أثناء سفره لرؤية العملاء في الصين في العامين الماضيين.
أثناء رحلته الأخيرة إلى شنغهاي في آذار (مارس)، حيث فرضت مدينة المركز المالي الصينية على سكانها البقاء في منازلهم أو مكاتبهم بسبب تفشي كوفيد - 19، عانى ليستقل وسيلة نقل وليحصل على الطعام حتى أثناء محاولته الخروج من المدينة. قال، "ستجوع، هذا ما يحدث هناك حقا".
في شنغهاي، كان التجار في بنوك الاستثمار الأمريكية ينامون على أسرة مخصصة للتخييم في مكاتبهم منذ أكثر من أسبوعين. فيما اضطر "جولدمان ساكس" في الخوض في جدال للحصول على تصريح خاص للتنقل بالسيارة للتأكد من حصول موظفيه على الطعام وحليب الأطفال.
تأتي هذه الصعوبات بعد عام من توجيه موجة غير متوقعة من الإصلاحات التنظيمية وسياسة حافة الهاوية الجيوسياسية التي أضرت الشركات والأسواق الصينية.
لكن من الصعب مواءمة كل هذا مع طموحات بكين في تحويل شنغهاي إلى "مركز مالي دولي يتمتع بنفوذ عالمي كبير بحلول 2035".
عززت عمليات الإغلاق المطولة في شنغهاي الآراء التي تقول إن هذه الخطط من غير المرجح أن تصبح واقعا في أي وقت قريب. قد تكون غير متوافقة أيضا مع سياسة الصين الصارمة للقضاء على فيروس كورونا نهائيا. إن عدم وجود خطة خروج من استراتيجية صفر كوفيد يعني أن الساعة تدق دائما إيذانا بفرض إغلاق آخر - ربما في بكين.
خطط الصين الكبيرة لشنغهاي بدت طموحة حتى قبل الإغلاق. المدينة تفتقر إلى ثلاثة معايير أساسية كي تصبح مركزا ماليا عالميا، وهي التدفق الحر للأموال والمعلومات، ومنذ أن بدأت الجائحة، تدفق الناس. عدم تحويل العملات إلى الرنمينبي سيعوق دائما عولمة الأسواق الصينية، كما يعوقها غياب نظام قضائي مستقل. أيضا تفرض بورصة شنغهاي بشكل اعتيادي إجراءات تعسفية على حسابات التداول عندما تعتقد أن السوق متقلبة للغاية.
قال فريزر هووي، المحلل المستقل في الشؤون الصينية، "لقد كانت هناك مبالغة في تقدير شنغهاي باعتبارها سوقا. لطالما كانت شنغهاي شركة مملوكة للدولة".
لكن راهنت أكبر البنوك الاستثمارية في العالم على استثمارات بمليارات الدولارات وعقود من الضغط السياسي على خطط تمتد لـ50 عاما للصين تشمل مشاريع الأوراق المالية المحلية التنافسية المتزايدة والبنوك الخاصة. تقول البنوك إن أعواما من الخسائر هي ثمن من الضروري دفعه في سبيل مستقبل مربح يتمثل في زيادة حصتها السوقية في الاقتصاد الصيني الهائل. نمت الأسواق المحلية في الصين، التي تتركز في شنغهاي، لتصبح ثاني أكبر الأسواق في العالم.
تريد الصين الخبرة الدولية والعملات الأجنبية ورأس المال العالمي. لقد غيرت، دون أدنى شك، كثيرا من سياساتها في الأعوام الخمسة الماضية، ما سمح للمستثمرين من المؤسسات المالية الخارجية والأجنبية بالوصول إلى أسواقها لإدارة الأموال المحلية الصينية. يشير استسلام الصين أخيرا للولايات المتحدة بشأن الوصول إلى ملفات التدقيق الخاصة بالشركات الصينية إلى استعدادها لمزيد من الانفتاح على الاستثمار الأجنبي. كما أن أجندتها للإصلاح المالي أطول أجلا من المتحور أوميكرون.
تكمن المشكلة في أن إغلاقات شنغهاي قد أثبتت أن القضايا المحلية الصينية ستفوق دائما المخاوف المالية. تعمل البنوك الأمريكية في الصين بناء على هوى ضغوط محلية غير مرئية إلى حد كبير. والثمار ليست واضحة دائما. منعت العقوبات الأمريكية البنوك الغربية من الاقتراب من الإدراج الضخم لمجموعة النفط الصينية كنوك في شنغهاي الأسبوع الماضي، الذي جمع مبلغ 4.4 مليار دولار.
في تلك البيئة، يصعب على "وول ستريت" استثمار مزيد من الأموال في الصين. لكن القيود المفروضة بسبب الجائحة تعني أن إعادة الموظفين إلى الصين أصبح أكثر صعوبة وتكلفة. هناك منافسة شرسة بين البنوك على مجموعة محدودة من المواهب المحلية.
يدور أيضا السؤال حول ما إذا كان من الممكن تنمية نشاط تجاري في بلد لا يستطيع أي من كبار مديريك زيارته ولا يرغب الموظفون الوافدون في الذهاب إليه أو يريدون مغادرته. باستثناء الرحلة القصيرة التي قام بها جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ"جيه بي مورجان تشيس"، إلى هونج كونج في تشرين الثاني (نوفمبر)، لم تطأ قدم أي رئيس مصرفي دولي الصين منذ ما يقارب من ثلاثة أعوام. وأبعد مكان وصل إليه ديفيد سولومون رئيس بنك جولدمان ساكس هو سنغافورة. قال أحد المديرين التنفيذيين في "جولدمان"، "أنت بحاجة إلى جينات جولدمان في هذه المكاتب الجديدة".
يعتقد جو زانج، الرئيس المشارك لشركة الوساطة إس بي أي تشاينا في هونج كونج، أن شنغهاي يمكن أن تصبح فقط "مركز السوق المالية في الصين" وليس مركزا دوليا. قال إنه حتى في ظل الاهتمام المالي الدولي في شنغهاي، فإن الصين ستفرض ضوابط محلية "مرهقة للغاية لدرجة أن وول ستريت ستضطر للتخلي عنها في نهاية المطاف".