نعتذر .. عطل مؤقت في التطبيق
كلنا سعداء بما يحدث من تطورات تقنية في القطاع المالي خصوصا سهولة إدارة العمليات المصرفية للأفراد، وهذا لأنها تمس الحياة اليومية بشكل مباشر وإيجابي. وفي الفترة الماضية اقترنت هذه التطورات بتغييرات في السلوك والأنظمة، فأصبحت نقاط البيع تستخدم تقنيات المدفوعات بشكل أفضل وتفاعلت هواتفنا وساعاتنا معها، وقلل ذلك من استخدام النقد بشكل كبير حتى إن المتاجر الصغيرة ومحال الحلاقة وورش السيارات أصبحت تستخدم وسائل الدفع الإلكترونية. لكن، على الرغم من مميزات هذه التقنية والقيمة التي تضيفها إلى الحياة اليومية بالتعامل معها، إلا أن هناك عددا من المخاطر التي ترافقها. من هذه المخاطر ما تحدث عنه المجتمع أخيرا وعالجته بعض الإجراءات المحدثة من الجهات المنظمة، مثل السرقات الإلكترونية وعمليات الاحتيال المالي وما يتعرض له الأفراد إجمالا استغلالا للتطور التقني من المجرمين. ومن المخاطر الأخرى الجوهرية ما يظهر أثناء فترات الاختبار والتجربة الحقيقية، مثل فترات الازدحام الشرائي في المواسم ورمضان تحديدا.
من أسوأ ما يمكن أن يشعر به الشخص هو تأثر أو تعطل عملياته المالية، لربما انقطاع الكهرباء والماء أهون من انقطاع المال المفاجئ خصوصا في لحظة تنفيذ العملية، فهو محرج ومربك ومهدد. تخيل الصورة التقليدية لشخص يقوم بتنفيذ عملية من أحد أجهزة الصراف الآلي، ثم يجد أن المبلغ الذي طلبه سجل خروجا ولم يخرج، أو من يقوم بتحويل مهم من حسابه إلى حساب التاجر لبضاعة تصل إليه عن طريق مندوب التوصيل، لكن التطبيق لا يعمل ليتمم عملية التحويل، أو من انتظر طويلا ليملأ عربته ثم يجد بأن موظف "الكاشير" يعيد تشغيل نقطة الاتصال أكثر من مرة في محاولة التواصل مع الشبكة. تخيل هذه الصورة وما يحدث في تفكير الشخص عند إعادة المحاولة مرة أو مرتين، وما قد يدخل في قلبه من شك بأن المسألة مرتبطة باحتيال وليست مجرد خلل فني مؤقت. طبعا، هنا ينتقل الحديث من مجرد مشكلة تقنية إلى مشكلة علاقة بين مقدم الخدمة والمستفيد. إن أسوأ ما يمكن أن تفقده التقنية بعد تطورها هو المصداقية والثقة.
هناك أكثر من جانب في هذه المسألة، الأولى، إلى أي مدى يمكن الاعتماد على التطورات المصرفية التقنية وهل تستحق الثقة، خصوصا إذا علمنا أن ما يحدث في رمضان هو مجرد ذروة اعتيادية موسمية تحصل بشكل سنوي وليست أمرا مفاجئا. وهل وجود هذا النوع من التعطل ينعكس على صحة البيانات والعمليات المصرفية التي تحدث في الحساب الشخصي. وهل تشكل هذه التحديثات الفنية نافذة للمحتالين وسياقا للفوضى يشكل فرصا استثنائية لهم، ومخاطر كبرى للمستفيدين؟ من المعروف أن الجهات المصرفية تمثل أفضل وأقوى الكيانات التقنية في المنطقة خصوصا من نواحي حوكمة التقنية، لكن هل هذا يعني بأنها تقوم بواجبها التقني الرقابي من ناحية الاستعداد لهذه الكثافة الاعتيادية الموسمية؟ وإذا كان تقوم بهذا الاستعداد فلماذا لا توجد بدائل أو حلول دفع/ تحويل بديلة تعمل في حالة تعطل قناة أو منصة معينة. ومما يتبع هذه الأسئلة، هل تقوم هذه الجهات بإدارة علاقاتها مع عملائها بالشكل المطلوب وتكسب رضاهم وتتحدث معهم وتسمع منهم وتعالج مشكلاتهم، أم أنهم في عالم من المواجهات التقنية، والعملاء في عالم آخر من الضغط والشكاوى والقلق والتردد.
ما يميز هذا النوع من الخدمات هو أهميته المحورية اليومية للفرد، أي أن تعطل تطبيق مصرفي لا يشبه تعطل تطبيق استئجار سيارة أو شراء إلكترونيات. لهذا، ينبغي أن تكون الطاقة الاستيعابية والمرونة الفنية أعلى من الطلب المتوقع وألا تشكل تهديدا لانسياب الحياة لما في ذلك من آثار في الأفراد واحتياجاتهم والاقتصاد وحركته كذلك. وباعتبار قيادة هذه الجهات هذا التطور التقني فنحن نتوقع أن تقود شبكة حماية استقرار واستمرار هذه الأنظمة والحلول، لكيلا نترك النقد وعملياته ومخاطره، ثم نجد أن التطبيق متعطل.