ميكروبات تعالج الألم
الألم، هو ذلك الشعور أو الإحساس السلبي بعدم السعادة، أو الشعور بالوجع نتيجة حدوث ضرر مادي في أنسجتك الظاهرة والباطنة كالجروح والحروق أو المغص والصداع، أو معنوي، مثل: الحزن والقلق. ويختلف الشعور بالألم من شخص إلى آخر حسب العوامل الوراثية، ورغم الدور الإيجابي الذي يلعبه الألم في تنبيهنا إلى ضرورة حماية أنفسنا من الأذى ويساعدنا على بناء شخصياتنا وتقوية عزيمتنا، إلا أن وجوده يعيقنا عن القيام بأنشطتنا اليومية ويغير نمط حياتنا ويؤثر في علاقاتنا وعملنا، لذا سعى البشر منذ الأزل إلى التخلص منه. فقد كتب أبقراط، الطبيب اليوناني الذي عاش قبل الميلاد، أن أوراق الصفصاف يمكنها تخفيف الآلام والحمى، واستخدم قدماء المصريين قشرة الصفصاف علاجا للآلام والأوجاع.
ولم يتم عزل المكونات الأساسية للأسبرين إلا بعد آلاف الأعوام على يد الصيدلي الفرنسي هنري ليرو في 1829، بينما اكتشف هيرمان كولبي حمض الصفصاف الاصطناعي في 1874
أما الأسبرين، الذي نعرفه اليوم، فقد خرج إلى حيز الوجود في أواخر 1890 في شكله الحالي، عندما استخدمه الكيميائي فيلكس هوفمان في باير في ألمانيا لتخفيف آلام الروماتيزم التي عانها والده طويلا في 1915، وأنقذ آلاف البشر.
وتوالت اكتشافات المسكنات، ولعقود طويلة تسيدت المواد المخدرة المشهد كأكثر المواد فاعلية في علاج الألم، لكن لآثارها الجانبية الخطيرة كالإدمان ومضاعفاته، اجتهد العلماء في البحث عن بدائل آمنة لتسكين الألم، والغريب أنهم وجدوا السر عند أخطر الجراثيم الجمرة الخبيثة "الأنثراكس" الذي استطاع أحد سمومه منع الألم بأشكاله المختلفة في حيوانات التجارب وفي الخلايا البشرية المعملية، وإذا ثبتت فاعليته ومأمونيته فسيشكل نقلة نوعية في علاج الألم خصوصا، لأنه يعمل على تغيير الإشارات في الخلايا العصبية المستشعرة للألم مباشرة.
وقبلها استخدمت الميكروبات النافعة "البروبايوتك"، التي توجد في المكملات الغذائية وتنمو بشكل طبيعي خلال عمليات التخمر وتساعد على تحسين توازن البكتيريات وعملها داخل الأمعاء.
وعندما يختل النظام البيئي داخل الأمعاء فليس له علاج إلا بكتيريا الأمعاء نفسها، التي تؤخذ من براز شخص سليم - أجلكم الله - وتزرع في أمعاء المريض من خلال منظار القولون، أو حقنة شرجية، أو عن طريق الفم باستخدام كبسولات صغيرة من مادة البراز المجمدة، لكن هذا الإجراء لم توافق عليه كل الدول، كما أن تطبيقه يخضع لشروط صارمة جدا في الدول التي سمحت به.