هل تستطيع إيطاليا مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة؟

هل تستطيع إيطاليا مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة؟

مع ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، يتزايد الضغط دون شك على البنك المركزي الأوروبي لمضاعفة إجراءات السياسة النقدية المخطط لها.
في آذار (مارس)، أوضحت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كيف تم تصور تطبيع السياسة النقدية الذي تأخر في فرانكفورت: في الربع الثالث، يمكن تخفيض مشتريات السندات إلى صافي صفر مع استبدال الأوراق المالية المستحقة فقط. عندها فقط سيتم رفع أسعار الفائدة "تدريجيا".
من المرجح أن يشعر البنك المركزي الأوروبي بالقلق من أن تطبيع السياسة النقدية بشكل أسرع، على نحو مشابه للتحركات التي يتخذها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أو بنك إنجلترا، يمكن أن ينطوي على مخاطر على استقرار السوق المالية. لهذا السبب، قد يفضل التحرك بحذر فقط، كما لو كان يمشي على بيض.
أين هي المشكلة إذن؟ يبدو أن أحد مصادر القلق الرئيسة هو إيطاليا. هل سيتعرض البلد لخطر الانزلاق إلى هاوية الديون إذا ارتفعت أسعار الفائدة الفضفاضة جدا؟
قد يشعر البنك المركزي الأوروبي أنه وضع في موقف صعب ذات مرة. بالرجوع إلى آذار (مارس) 2020، صرحت لاجارد في أحد مؤتمراتها الصحافية الأولى أن البنك المركزي الأوروبي لن يغلق فروق عوائد السندات الحكومية. هذا ليس خطأ بالطبع. لكن كلماتها لم تتلاش بعد عندما بدأت عملية بيع هائلة لسندات الحكومة الإيطالية، أسوأ من أي يوم من أيام أزمة اليورو. اضطرت لاجارد إلى التراجع عن ذلك على الفور.
لكن البنك المركزي الأوروبي بحاجة إلى ترك الصعوبات التي واجهها ذلك اليوم وراءه. لا ينبغي أن يجعلها تقف في طريق تشديد الظروف النقدية. لا يمكن استبعاد الخوف من أن يشكل عبء الديون المرتفع على إيطاليا تحديا أمام سياسة التطبيع النقدي. لكن مرونة إيطاليا أصبحت أقوى بكثير مما ينسبه إليها كثير من المتشائمين.
أدى إعلان لاجارد الشهر الماضي أن البنك المركزي الأوروبي سينهي مشترياته الضخمة من السندات في وقت أقرب مما كان متوقعا عموما إلى إثارة رد فعل محدود نسبيا في سندات الحكومة الإيطالية.
من المؤكد أن ذلك لن يمر دون عواقب في حال توقف البنك المركزي الأوروبي عن شراء ما يعادل جميع الإصدارات الجديدة من السندات الحكومية الأوروبية، كما كانت الحال خلال العامين الماضيين. ارتفعت أسعار الفائدة بالفعل. من المرجح أن تتسع فروق الأسعار أكثر. لكن هذه استجابة صحية من السوق ولا ينبغي الخوف منها.
إيطاليا في وضع أفضل مما يعتقده كثير من المراقبين: التضخم المرتفع يقلل من الدين الحكومي. مع نمو اسمي بنسبة 10 في المائة مدفوع بالتضخم، تنخفض نسبة ديون إيطاليا 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مع تساوي العوامل الأخرى. كل هذا يساعد.
مما يساعد أكثر أن أسعار الفائدة الفاعلة منخفضة للغاية. تدفع إيطاليا متوسط سعر فائدة على ديونها المستحقة الذي انخفض إلى 2 في المائة فقط، تماما عند مستوى التضخم المستهدف للبنك المركزي الأوروبي وأقل بكثير من التضخم. لا تزال السندات ذات العوائد المرتفعة الصادرة قبل عقد في طريقها إلى الاستحقاق ويمكن إعادة تمويلها اليوم بتكلفة أقل. لذلك سيظل عبء الفائدة الفعلي منخفضا أو ينخفض حتى لبضعة أعوام أخرى.
هناك أمر آخر غير عادي لكنه مناسب. إيطاليا حاليا بيد حكومة مستقرة وكفؤة تتمتع بدعم برلماني واسع. هذا ليس بأي حال من الأحوال مسألة طبيعية في بلد كان آخر رئيس وزراء منتخب فيها، أي المرشح الذي يرأس قائمة الحزب المنتصر، هو سيلفيو برلسكوني، قبل تقريبا 15 عاما.
أخيرا، سيتعين على إيطاليا إصدار ديون أقل مما يدركه كثيرون. يبلغ متوسط عمر الدين العام الإيطالي سبعة أعوام، حتى لو لم تستغل وزارة الخزانة معدلات الفائدة المنخفضة للغاية لتمديد ملف استحقاقها. فقط جزء صغير منها يحتاج إلى إعادة التمويل كل عام. تلقت روما تمويلا مسبقا بشكل نشط في الربع الأول بينما كان "برنامج الشراء الطارئ لمواجهة آثار الجائحة" الذي تبلغ قيمته 1.85 تريليون يورو من البنك المركزي الأوروبي لشراء الأصول لا يزال معمولا به.
سيتم تخفيض احتياجات الاقتراض في روما بشكل أكبر من خلال تخفيف كبير في عبء الميزانية من صندوق Next Generation EU لإعادة الإعمار. بين عامي 2023 و2025، يمكن لإيطاليا أن تتوقع منحا سنوية تزيد على 1 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي وأكثر بقليل من ذلك مرة أخرى من خلال قروض الاتحاد الأوروبي الرخيصة.
هذا يجعل من المرجح أن يكون ماريو دراجي رئيس الوزراء قادرا على المضي قدما من خلال الإصلاحات الهيكلية لمعالجة ضعف النمو في إيطاليا أكثر من كل أسلافه، بمن فيهم ماريو مونتي الذي اضطر إلى إدارة مالية عامة متقشفة.
خطر خروج التضخم عن السيطرة آخذ في الارتفاع بسرعة. لذا يجب على البنك المركزي الأوروبي أن يتصرف بفاعلية. إن هذا القلق من عدم استطاعة إيطاليا المواجهة ماليا لا أساس له. لأنها تستطيع وستواجه. كل الظروف مهيأة ولن تكون أفضل مما هي عليه الآن. كلما طال تردد لاجارد زادت احتمالية تعرض الحكومة الإيطالية لأزمة. عندها سيكون من الصعب حقا زيادة الأسعار. لا تنتظري يا لاجارد!

كبير الاقتصاديين في بنك إل بي بي دبليو الألماني.

الأكثر قراءة