قراءات
بمجيئك قد تكتمل سعادتي
لدى الناس أمور أخرى غير الحب ليفكروا فيها. عبر ألبرتو مورافيا أمام إيلسا مورانته بهذه الكلمات الحاسمة عن شكوكه إزاء تحقيق حول الحب كان من المقرر أن يكتبه بتكليف من مجلة أوروبيو. لقد كانت هذه الشكوك معقولة إذا نظرنا إليها بعيون إيطاليا ما بعد الحرب التي كانت بصدد إعادة الإعمار بعد البؤس والخراب. ومع هذا فإننا نجد في جميع العهود والظروف التاريخية، أن الاهتمام بمشاعر الحب لا يتناقص أبدا. ذلك لأن الحب بكل بساطة لا يتغير. وربما لهذا السبب نرى أن الأزواج من الفنانين والمفكرين كانوا دائما يمارسون كثيرا من الجاذبية، خاصة عندما تظهر أمام الملأ مراسلاتهم الغرامية في هذه المراسلات التي أرسلها مورافيا إلى مورانته بين 1947 والثمانينيات نرى كيف يتقابل رجل مع امرأة، وأديب مع أديبة من كبار أدباء القرن الـ 20 لذلك فإن قيمة هذه الوثائق المجموعة في هذا الكتاب تكمن في شهادة باطنية عن رابطة لا يمكن أن نفصل فيها بين الحياة.
مراسلات جورج لوكاتش
بعد وفاة جورج لوكاتش، بعام ونصف العام، ظهر كثير من الأعمال والوثائق الخاصة التي تضاف إلى المكتبة الغنية من المؤلفات والأعمال التي توثق لحياته الزاخرة بالإبداع. قام صاحب هذه المراسلات، بإيداعها بمحفظة في إحدى الخزائن في بنك هايدلبرجر في ألمانيا، وكان ذلك في السابع من تشرين الثاني عام 1917. ولم يذهب، من أجلها، بعد ذلك أبدا. "الكتاب إذن يقتصر على الرسائل المؤرخة حتى عام 1917 فقط". ولقد ولد اكتشافها، صدى واسعا في الصحافة الألمانية. ويعود الفضل في هذا الاكتشاف للدراسة التي أعدها فريتز رداتز، وأصدرها في كتاب يتضمن معطيات عن سيرة حياة جورج لوكاتش، أوقعت أحد موظفي البنك، في شكوك دفعته للتأكد من صاحب الخزانة المجهول. احتوت المحفظة إضافة إلى المخطوطات اليدوية، والمذكرات، والملخصات على رسائل من جورج لوكاتش وإليه "1500 رسالة معنونة إليه، و500 رسالة كتبها بخط يده"، يشكل معظم محتويات المحفظة. ولقد قام معدو "كتاب المراسلات" في هنجاريا باستكماله فأضافوا إلى الرسائل المودعة كل ما أمكنهم العثور عليه من الرسائل التي تخص المفكر المجري الكبير.
سيرة موجزة لكاتبة شجاعة
لم تكن توني موريسون التي غادرت عالمنا في الخامس من شهر آب 2019 محض كاتبة أو روائية ذات خصوصية عرقية باعتبارها أيقونة الكاتبات السود فحسب بل كانت امرأة شجاعة حفلت حياتها بكل صنوف المجالدة والممانعة التي يمكن أن تميز امرأة ذات عزيمة فولاذية أرادت رؤية حلمها متحققا على أرض الواقع، فضلا عن أنها كانت عنصرا فاعلا في حقل الدراسات الجندرية والعرقية والمباحث الخاصة بسياسات الهوية والجماعات المهمشة والمتمايزة، لا على الصعيد الأمريكي فحسب بل على المستوى العالمي بأكمله. تشدك علاقة روحية خاصة إلى توني موريسون منذ أن تقرأ لها روايتها الأولى "العين الأكثر زرقة"، ثم تتوطد وشائج هذه العلاقة مع رواياتها اللاحقة، خاصة روايتيها المميزتين جاز وفردوس، إضافة إلى أعمالها الرصينة في حقل الدراسات الثقافية التي شاعت وترسخت مفاعيلها بفعل المؤثرات العولمية المعروفة. تتوجت مقدرة توني موريسون الروائية والثقافية بحصولها المستحق على جائزة نوبل للأدب عام 1993، كما قلدها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وسام الحرية الأمريكي، وهو أعلى تقدير يمكن أن يحصل عليه فرد من الأمريكيين من غير العسكريين.