تشعر بالحنين لفترة الإغلاق؟ أنت لست وحدك
كان هناك جهل ساذج خلال الأيام الأولى من الجائحة. أولا كنا سنهزم كورونا بسرعة من خلال الوصول إلى مناعة القطيع، ثم كنا سنقضي عليه ببساطة عن طريق "تسطيح المنحنى". في كلتا الحالتين، كنا في هذا معا، وكنا نتطلع بشدة إلى الحفلة الضخمة التي كنا سنقيمها عندما "ينتهي كل هذا".
لم تأت الحفلة الكبيرة أبدا "جاءت حفلات صغيرة لكن كانت، غير مقصودة". بدلا من الحصول على النهاية العظيمة التي وعدنا بها، سعلنا وتقطعت أنفاسنا في طريقنا للعودة إلى نسخة فاترة من الحياة الطبيعية.
الآن، والطقس في المملكة المتحدة يشبه الربيع بالتأكيد وروح الوحدة الوطنية تبدو بعيدة بشكل واضح، يشعر بعض منا بإحساس حزين بالتوق إلى وقت الجهل الغريب الذي تغمره الشمس وكان خلال أول أيام الإغلاق. خلال الأيام التي كنا نصفق فيها من شرفاتنا، ويمكننا حشد الحماس الحقيقي لـ "مسابقة زووم"، تشعر وكأن تلك الأيام تنتمي إلى حقبة ماضية منذ فترة أطول بكثير من 2020. لقد كان بالتأكيد وقتا من القلق الشديد والوحدة والحزن لكثيرين، لكن يبدو أن بعض منا يعاني شيئا يشبه إلى حد كبير الحنين إلى فترة الإغلاق.
خلال الشهر الماضي، ظهرت سلاسل رسائل متعددة في منتدى المناقشة عبر الإنترنت "ريدت" لتحليل هذه الظاهرة مع مرور عامين على بدء الإغلاق الأول. حصدت مقاطع الفيديو عبر منصة "تيك توك" التي توثق أصوات وصور ربيع 2020 مئات الآلاف من المشاهدات. كان ذلك أيضا موضوعا أجبر موقع "فوكس" الإخباري على نشر مقال "توقف من فضلك عن تصوير الجائحة بشكل رومانسي"، يجادل فيه بأن "الحنين الضار إلى الحياة المعزولة يدل على قصر النظر وعدم الصدق".
لكن تذكر الأشياء الجيدة لا يعني بالضرورة نسيان السيئ. تاريخيا، كان للحنين سمعة سيئة، لكن في هذه الأيام أجمع علماء النفس على أنه ينبغي اعتباره قوة إيجابية إلى حد كبير. عندما نواجه هذا التوق الحلو والمر في كثير من الأحيان لوقت مضى، فإننا ببساطة لسنا "عالقين في الماضي". في الواقع، لا يمكن للحنين فقط أن يكون له تأثير في الطريقة التي نشعر بها في الوقت الحاضر، بل يمكن أن يوفر أيضا أنموذجا للمستقبل، كما يقول تيم وايلدشوت، أستاذ علم النفس في جامعة ساوثهامبتون والمختص بهذا الموضوع.
يحدد وايلدشوت ثلاث وظائف إيجابية للحنين إلى الماضي. أولا، إنه بمنزلة تذكير بالعلاقات المهمة، وهو يعزز الشعور بالترابط، ويعزز إحساسنا بكفاءتنا الشخصية. ثانيا، الحنين يذكرنا بما أعطى لحياتنا معنى في الماضي، ما يساعدنا على إعطاء الأولوية لما هو مهم حقا. ثالثا، للحنين دور مهم في الطريقة التي نتصور بها أنفسنا، ما يمكننا من الشعور "بالاستمرارية الذاتية" ومساعدتنا على بناء هوية متماسكة.
قال لي وايلدشوت: "إنه مثل خيط يمر عبر حياتك. إنه يذكرك كيف ما زلت الشخص نفسه الذي كنت عليه في الماضي، لذلك فهو يسهم في الشعور بالاستقرار والقدرة على التنبؤ والاستمرارية. قد يتغير كل شيء حولي، لكني ما زلت الشخص نفسه".
لذا في حين أنه قد يكون من المغري توبيخ الآخرين لانغماسهم في الحنين إلى الماضي، يبدو أننا يجب أن نفكر في الانخراط فيه كثيرا بأنفسنا. تدعم الأبحاث العصبية هذه الفكرة، حيث وجدت أن مراكز المكافأة في الدماغ يتم تنشيطها خلال فترات الحنين إلى الماضي، مع دراسة حديثة تشير إلى أنها يمكن أن تساعد على تخفيف الألم.
يجب التمييز بين الحنين الشخصي والجماعي الذي يمكن استغلاله بسهولة لأغراض سياسية، فقط فكر في عبارة "سنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" لدونالد ترمب أو استشهاد فلاديمير بوتين المتكرر بالحقبة السوفياتية.
يقول كلاي روتليدج، مؤلف كتاب "الحنين: مورد نفسي": "الحنين الجماعي يستغل طبيعتنا القبلية، الأمر الذي يمكن أن يكون جيدا إذا حشد السلوك الاجتماعي الإيجابي. لكن يمكن أيضا استخدامه لقلب الناس ضد بعضهم بعضا وتضخيم الاختلافات الجماعية أو النزاعات القبلية".
ربما ينبغي أن نسمح لأنفسنا أن ننغمس، بين الحين والآخر، في الحنين للذكريات الجيدة في الإغلاق. لكن إذا زاد الشيء على حده ينقلب ضده، فالحنين المفرط يمكن أن يفسح المجال أمام اجترار بلا هدف، ويجعلنا نقلل من قيمة الحاضر. يجب أن نتذكر أننا سنشعر بالحنين إلى ذلك اليوم أيضا.