هل يخفي برنامج «أمازون» للعمل الخيري معدلات الحوادث؟
فيما يجادل المدافعون عن حقوق العمال بأنها محاولة للتغطية على أزمة "سلامة عامة" تعانيها الشركة، تخطط "أمازون" لتوسيع أحد البرامج التي وضعتها لإرسال موظفي المستودعات الأمريكيين المصابين إلى مؤسسات غير ربحية مثل: ملاجئ المشردين والمطاعم ومتاجر الجمعيات الخيرية.
هذا البرنامج، الذي يغطي ما لا يقل عن 250 موقعا لأمازون في 33 ولاية أمريكية، يمكن الشركة من إرسال عدد أقل من العمال في إجازة مرضية منزلية، على الرغم من أنهم قد لا يكونون لائقين بما يكفي للعمل في الوظائف المتاحة في منشآتها الخاصة.
العمال المشاركون في برنامج "أمازون كوميونيتي توجاذر" منخرطون في "عمل وظيفي خفيف" ويحصلون على أجرهم كاملا. تم إرسال الموظفين إلى جماعات مثل جيش الخلاص والموئل من أجل الإنسانية ومؤسسة مساعدة جنوب نيفادا الخيرية للمشردين.
مع ذلك، هذا الجهد المبذول يسمح أيضا للشركة البالغ قيمتها 1.6 تريليون دولار بتقليل معدل الوقت المهدور بسبب الإصابات "إل تي آي آر" - وهو إجراء حساس من الناحية السياسية حيث يسلط الضوء على عدد الإصابات الأكثر خطورة التي تحدث في منشآتها. وفقا لـ"أمازون"، من أكثر الإصابات الشائعة، الاضطرابات العضلية الهيكلية، مثل متلازمة النفق الرسغي، والتهاب الأوتار، وإجهاد العضلات وإصابات أسفل الظهر.
تم وضع أكثر من 10 آلاف عامل من "أمازون" في مؤسسات غير ربحية منذ إطلاق "أمازون كوميونيتي توجاذر" في حزيران (يونيو) 2016. تم تقليص البرنامج خلال جائحة فيروس كورونا، لكن الأعداد بدأت ترتفع مرة أخرى مع تسجيل أكثر من ألف عامل في البرنامج منذ منتصف 2021. هناك 100 عامل مسجل في مؤسسات غير ربحية عن طريق البرنامج.
قامت "أمازون" أخيرا "بتوسع جغرافي واستخدام قوي" للبرنامج، وفقا لكثير من إعلانات الوظائف. إحدى المهام الموكلة لمنصب كبير مهندسي البرمجيات أوضحت كيف رغبت الشركة في إنشاء نظام داخلي آلي لمطابقة العمال المصابين مع الوظائف الخارجية المناسبة.
أصبح تقليل معدل الإصابات الخطيرة أمرا ملحا بالنسبة إلى الشركة، حيث بدأت الأوضاع في مستودعات أمازون بجذب انتباه المنظمين والمشرعين وتوفير حافز إضافي لإنشاء تكتلات نقابية في كثير من المرافق التابعة لها في جميع الولايات المتحدة.
قالت "أمازون" إن البرنامج بمنزلة وسيلة فاعلة لمساعدة الموظفين على العودة إلى العمل بسرعة أكبر وأنه يسمح لهم بالاحتفاظ براتبهم كاملا، بدلا من وضعهم في برنامج الميزات التعويضية للعمال، التي لا تغطي عموما سوى جزء من الدخل العادي للفرد.
وتشير ليزا كامبوس، المتحدثة باسم "أمازون"، إلى أن "التسجيل في البرنامج اختياري... وردود الفعل التي تصل إلينا من الموظفين المشاركين فيه والمنظمات المحلية غير الربحية إيجابية للغاية".
لكن مجموعات حقوق العمال و المحامون الذين يمثلون العمال المصابين يردون على ذلك بأن إيجاد وظائف بمهام خفيفة هدفه التلاعب بالإحصاءات، لكي تبدو أعداد الإصابات الخطيرة التي تحدث في "أمازون" أقل من الواقع.
قال إريك فرومين من مركز التنظيم الاستراتيجي "إس أو سي"، "يمكن للبرنامج أن يوجد بيئة اجتماعية جيدة للناس. لكنه قد يكون مؤذيا للغاية لأن الوظيفة يمكن أن تسهم في تكرار الإصابة أو الحيلولة دون تعافيها".
نظرا إلى أن القوة العاملة في "أمازون" نمت لتتجاوز 1.5 مليون عامل على مستوى العالم، واجهت الشركة اتهامات بأن وتيرة عملها - التي تنسب لها الميزة التنافسية في سرعة التسليم - سريعة جدا بحيث لا يمكن أن تعد ممارسة صحية لكثير من موظفيها.
في 2021، وقعت 34 إصابة خطيرة في منشآت أمازون الأمريكية، بزيادة قدرها 36 في المائة عن 2020، وفقا لتحليل أجراه مركز التنظيم الاستراتيجي استنادا إلى الأرقام التي قدمتها "أمازون" للجهات التنظيمية.
باستخدام هذه الأرقام، حدد مركز التنظيم الاستراتيجي المدعوم من النقابات العمالية الإصابة الخطيرة بأنها أي إصابة تمنع العامل من أداء وظيفته المعتادة. في 2021، بلغ معدل الإصابات الخطيرة في "أمازون" 6.8 لكل 100 عامل، مقارنة بـ3.3 لجميع أصحاب العمل الآخرين في صناعة المستودعات. وصف آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، المقارنة بأنها "تم تحويرها".
في كانون الثاني (يناير)، نشرت "أمازون" تقريرها الخاص الذي وردت فيه تفاصيل الإحصائيات المتعلقة بالعام السابق، مشيرا إلى انخفاض 49 في المائة في الوقت المهدور بسبب الإصابة لدى عامليها في الولايات المتحدة في 2020 مقارنة بـ2019. نسبت الشركة الفضل في هذا الانخفاض إلى استثمارها في تكنولوجيا السلامة والتدريب والمراقبة. مع ذلك، لم يشر التقرير إلى ارتفاع عدد حالات تحويل العاملين إلى وظائف خفيفة، التي زادت 22 في المائة خلال الفترة نفسها.
قال باتريك يونج، باحث مستقل متخصص في الصحة والسلامة في "أمازون"، أن كثيرا من العمال الذين تعرضوا لإصابة كان من الممكن إرسالهم إلى منازلهم بسببها في 2019، غير أنه تم تعيينهم لتولي وظائف خفيفة في 2020. ورفضت "أمازون" التعليق على ذلك.
كان تحويل عدد كبير من العمال من فئة الوقت المهدور بسبب الإصابة إلى الوظائف الخفيفة له الأولوية في "أمازون" لأعوام كثيرة.
مذكرة صدرت في آب (أغسطس) 2019 من أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال السلامة العامة في "أمازون"، التي نشرها مركز التقارير الاستقصائية لأول مرة، أوضحت أن إيجاد مزيد من الوظائف الخفيفة البديلة للمصابين "لديه القدرة على تقليص الوقت المهدور بسبب الإصابات وتكاليف تعويض العمال 70 في المائة".
الأغلبية العظمى من الوظائف الخفيفة توجد داخل المرافق التابعة لـ"أمازون"، ويمكن أن تشمل التنظيف أو مراقبة التباعد الاجتماعي. لكن مع نمو القوى العاملة، أصبح العثور على وظائف مناسبة كافية للعمال المصابين في منشآت "أمازون" يمثل تحديا لها.
قال أحد كبار المديرين السابقين ممن لديهم معرفة مباشرة بسياسة الوظائف الخفيفة، "لا يوجد كثير من المهام المستقرة في المنشآت. إذا كان لدى شخص ما قيود تمنع قدرته على المشي أو الوقوف لفترة طويلة من الوقت، كان ذلك بمنزلة عقبة كبيرة".
هذا البرنامج هو إحدى الطرق التي تعالج هذه المشكلة. لم تقدم الشركة تفاصيل عن البرنامج، باستثناء مقطع موجز في تقريرها عن الإصابات، حيث ذكر أن برنامج أمازون كوميونيتي توجاذر قد تبرع بأكثر من مليون ساعة عمل. في رسالة في كانون الثاني (يناير) 2020 إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الذين أعربوا عن مخاوفهم بشأن سجل السلامة للشركة، وصف برايان هوسمان، نائب رئيس السياسة العامة في أمازون، الخطة بأنها "مبتكرة".
رفضت "أمازون" مشاركة قائمة شركائها من المتبرعين الخيرين، لكنها قالت إن هناك 400 مؤسسة في جميع أنحاء الولايات المتحدة جميعها مسجلة كمؤسسات خيرية.
وفقا لأشخاص مطلعين على البرنامج، تم إرسال عمال "أمازون" إلى جيش الخلاص للعمل في المطاعم أو لإعداد حقائب ظهر تحوي معدات مدرسية تم التبرع بها. في أحد مواقع جيش الخلاص في ولاية بنسلفانيا، قام أحد عمال "أمازون" بتزيين جدار المنشأة بلوحة جدارية.
قال مدير محلي في جيش الخلاص، "لقد كانوا هنا لساعات طويلة، وساعدونا على تنظيم المساحة في مخزن الطعام، وساعدونا على إعادة تزويد الأرفف بالبضائع - كان ذلك القدر من العمل مذهلا".
قال الشخص نفسه إن العمال اتخذوا قرارهم بأنفسهم حول ما كان يناسبهم من العمل. قال، "كان لدينا بعض المهام التي تطلبت رفعا لأشياء ثقيلة في بعض الأوقات. لكنها كانت على أساس اختياري. لذلك إذا لم يستطيعوا فعل ذلك، فلن يقوموا به".
قال أحد العاملين في برنامج أمازون إن أصحاب العمل المؤقتين في إحدى المؤسسات غير الربحية رحبوا به. قال، "كان الجميع في المتجر لطيفين جدا معي وعاملوني على أنني واحد منهم. لأنهم سيرسلون كثيرا من المصابين إلى هناك".