فوضى «افحص للعلاج» .. أحدث انتكاسة للاستجابة الأمريكية للجائحة

فوضى «افحص للعلاج» .. أحدث انتكاسة للاستجابة الأمريكية للجائحة

برنامج "افحص للعلاج" الرائد الذي أعلنته إدارة بايدن للتعامل مع كوفيد - 19 خلال الأشهر المقبلة يمنى بالفشل بسبب عيوب التصميم الرئيسة، حيث يعاني المسؤولون مجموعة من المشكلات التي تعصف بالمرحلة المقبلة من الاستجابة للجائحة، بحسب تحذيرات الخبراء.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن البرنامج كجزء من خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في وقت سابق من هذا العام، والذي يهدف إلى التأكد من أن الناس المعرضين لخطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل كبار السن ومن لديهم حالات أساسية، يتلقون حبوبا مضادة للفيروسات بمجرد أن تكون نتيجة فحصهم إيجابية، في محاولة لتقليل حالات دخول المستشفى والوفيات.
لكن البيانات الأخيرة من وزارة الصحة الأمريكية تظهر أن نصف كمية الحبوب المضادة للفيروسات المزودة للصيدليات لم يتم استخدامها مطلقا، نظرا إلى عدم معرفة كثير من المرضى بالبرنامج أو عدم قدرتهم على الوصول إليه بسرعة كافية.
يعد الإقبال الضعيف مشكلة كبيرة بالنسبة إلى استجابة إدارة بايدن لكوفيد، التي تعتمد الآن بدرجة أقل على حملات اللقاح الجماعية والإجراءات، مثل التباعد الاجتماعي لإبقاء معدلات العدوى منخفضة، وبدلا من ذلك تركز على إبقاء الناس خارج المستشفى.
إنها واحدة من مجموعة المشكلات التي تعرقل الجهود الأمريكية للتصدي للجائحة تماما مع بدء ارتفاع حالات الإصابة مرة أخرى. هذه المشكلات تتضمن التأخير في الموافقة على اللقاحات للأطفال والحكم القانوني الأخير الذي ألغى تفويض ارتداء قناع الوجه على مستوى البلاد في وسائل النقل العام.
قالت مارا أسبينال، أستاذة التشخيص الطبي الحيوي في جامعة ولاية أريزونا ستايت، "برنامج افحص للعلاج هو بالضبط ما ينبغي أن نقوم به في هذه المرحلة. لكن التنفيذ لم ينجح ببساطة. كثير من الصيادلة لا يعلمون أن البرنامج موجود حتى".
وتحدث بايدن عن البرنامج في وقت سابق من هذا العام كجزء من إعادة ترتيب أوسع لسياسات الإدارة المتعلقة بكوفيد. والهدف تشجيع الناس الذين يشتبهون في أنهم قد يكونون مصابين بكوفيد ومعرضين لخطر كبير لإجراء الفحص في صيدلية، وإذا كانت نتيجة الاختبار إيجابية، فسيتلقون مباشرة وصفة طبية لحبوب مضادة للفيروسات، مثل تلك التي تصنعها "فايزر" أو "ميرك".
ثبت أن حبوب باكسلوفيد من شركة فايزر تقلل من الدخول إلى المستشفى ومعدلات الوفيات أيضا عند المرضى المعرضين لمخاطر عالية نحو 90 في المائة، لكنها تعمل بشكل أفضل إذا تم إعطاؤها في غضون ثلاثة أيام من ظهور الأعراض.
كما وزعت إدارة بايدن مئات الآلاف من البرامج العلاجية للصيادلة لصرفها مجانا، لكن أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة تشير إلى أن نصف هذه البرامج لم يتم وصفها.
يقول الخبراء إن هناك عدة مشكلات وراء قلة الإقبال.
إحدى هذه المشكلات هي التوافر، خاصة في المناطق الريفية. وفقا لموقع وزارة الصحة، هناك فقط موقعان تابعان لبرنامج افحص للعلاج في ساوث داكوتا، وثلاثة مواقع في نورث داكوتا.
هناك مشكلة أخرى قانونية. بينما يتم توزيع الحبوب من قبل الصيادلة، لا يمكنهم في الواقع كتابة الوصفات الطبية في معظم الولايات. حيث يرسل كثير من الصيادلة المرضى إلى الأطباء لإجراء فحوص المتابعة، التي قد تستغرق أحيانا أياما حتى تكتمل، وبالتالي تفوت الفرصة التي تكون خلالها الحبوب المضادة للفيروسات أكثر فاعلية.
أخيرا، في حين يتعلم الأمريكيون التعايش مع المرض، فإن أعداد الفحوص التي تم إجراؤها أقل كثيرا مما كانت عليه. يتم الآن إجراء ما معدله 600 ألف فحص في الولايات المتحدة كل يوم، بانخفاض عن الذروة التي بلغت 2.5 مليون فحص في وقت سابق من هذا العام.
أكد ايزكيل إيمانويل، أستاذ الطب في جامعة بنسلفانيا ومستشار كوفيد السابق لبايدن، أنه "لا يتم إجراء الفحوص بالقدر الذي كانت عليه، والفحوص التي يتم إجراؤها تكون في المنزل، وليس في المراكز الطبية".
قال مسؤول كبير في الإدارة، "تقوم الإدارة بوضع اللمسات الأخيرة على خطط للسماح لكل صيدلية تريد أن تطلب حبوب باكسلوفيد مباشرة من الحكومة الفيدرالية. سيعتمد هذا على 20 ألف موقع حالي في جميع أنحاء البلاد تتوافر فيها حبوب باكسلوفيد بالفعل".
لكن البيت الأبيض يقول إنه يحتاج إلى مزيد من الأموال لتحسين الإقبال، الأمر الذي رفضه الكونجرس حتى الآن. قالت كارين جان بيير، نائبة المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، في وقت سابق من هذا الأسبوع، "نحن بحاجة إلى تمويل للحفاظ على تقدمنا، ونعمل بنشاط علاوة على هذه الإجراءات لزيادة الإقبال".
في حين يضغط البيت الأبيض على الكونجرس لزيادة التمويل من أجل اللقاحات والعلاجات، فإنه يعالج مشكلات أخرى تتعلق باستجابته لكوفيد.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، حكم قاض في فلوريدا بأن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تصرفت بشكل غير قانوني من خلال مطالبة الموجودين في وسائل النقل العام بارتداء أقنعة الوجه. لم تعد الإدارة تطبق هذا التفويض، في حين تقدم استئنافا ضد القرار عبر المحاكم.
كما تتعرض الحكومة لانتقادات شديدة لعدم تصرفها بسرعة أكبر للموافقة على لقاحات للأطفال دون سن الخامسة. كانت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تأمل في إعطاء الضوء الأخضر لتلقي الأطفال للقاح في وقت سابق من هذا العام، لكن يقال الآن إنها تستهدف حزيران (يونيو) على أقرب تقدير بعد أن أصبح المسؤولون قلقين بشأن مدى فاعليتها، كما ثبت في التجارب.
قالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في بيان، "كان نهجنا دائما إجراء مراجعة تنظيمية تستجيب لاحتياجات الصحة العامة الملحة التي أوجدتها الجائحة، مع الالتزام بمعاييرنا الصارمة للسلامة والفاعلية".
حتى الآن لا يبدو أن للمشكلات تأثيرا سياسيا في بايدن نفسه. وفقا لاستطلاع للرأي نشر الجمعة من قبل مؤسسة جالوب لتنظيم استطلاعات الرأي، ارتفعت نسبة التأييد العام لاستجابة الرئيس لكوفيد ست نقاط مئوية في الشهر الماضي لتصل إلى 53 في المائة.
لكن الخبراء يقولون إنه مع ارتفاع الحالات أكثر من الثلث منذ بداية نيسان (أبريل)، من المرجح أن يتم اختبار سياسات الإدارة لمكافحة الجائحة مرة أخرى في الأسابيع المقبلة. قالت جينيفر تولبيرت، مديرة الإصلاح الصحي في الدولة في مؤسسة كايسر فاميلي الفكرية، "مع انخفاض الحالات منذ تفشي أوميكرون، بدأ الناس يشعرون أن الوقت قد حان للمضي قدما. لكن الحالات بدأت الآن الارتفاع مرة أخرى، خاصة في شمال شرق البلاد. تظهر الأدلة أن الإدارة تواجه تحديات في تطبيق سياساتها وإيصال رسالتها".

الأكثر قراءة