تداعيات عديدة لفشل عمليات التدقيق في المملكة المتحدة

تداعيات عديدة لفشل عمليات التدقيق في المملكة المتحدة

قبل 11 شهرا من تصفية شركة كاريليون، دعا ريتشارد هوسون كبير مدققي حسابات التعاقدات الخارجية البريطاني في شركة كيه بي إم جيه الرئيس التنفيذي لاستخدام غرف اجتماعات الشركة الفاخرة المصممة على طراز الفنادق في مايفير.
تقديم الضيافة من قبل المدققين للعملاء مقيد بموجب قواعد المهنة لأنه يهدد استقلاليتهم.
لكن يزعم أن بيتر ميهان، شريك التدقيق، أخبر موظفي "هوسون" في رسالة بريد إلكتروني أنه مرحب به لاستخدام النادي الخاص "طالما يقول إنه في مهمة عمل لمصلحة مجموعة وود "حيث كان مديرا غير تنفيذي وليس لمصلحة شركة كاريليون"، وفقا للوثائق المودعة لدى المحكمة من قبل مصفي التعاقدات الخارجية، الذين يتابعون دعوى بقيمة 1.3 مليار جنيه استرليني ضد شركة كيه بي إم جيه.
رفض فريق هوسون العرض. ونفت "كيه بي إم جيه" ارتكاب أي مخالفات وتخطط للدفاع "بقوة" عن الدعوى.
أدى انهيار شركة كاريليون في كانون الثاني (يناير) 2018 إلى دعم الدعوات لتحسين مستوى عمليات التدقيق والقضاء على العلاقات الوثيقة مع العملاء. لا يزال التعديل الكبير الذي طال انتظاره لسوق التدقيق وقواعد مجلس الإدارة من قبل حكومة المملكة المتحدة قيد العمل بعد ثلاثة تقارير مستقلة واستشارة عامة.
بينما كانت إخفاقات عمليات التدقيق ما زالت منتشرة على نطاق واسع عبر الشركات البريطانية في الأعوام الأخيرة – ما أثر على القطاعات من الضيافة إلى النقل – بدت شركات الإنشاءات والمقاولات معرضة بشكل خاص للمشكلات، على الرغم من الاهتمام الموجه للقطاع من التداعيات البارزة لـ"كاريليون".
في تشرين الثاني (نوفمبر)، قال مجلس التقارير المالية إنه لا يزال يجد حالات فشل فيها المدققون في تحدي الأحكام المحاسبية المهمة الصادرة عن مجموعات الإنشاءات.
تم الكشف عن التحقيقات في عمليات تدقيق "برايس ووتر هاوس كوبرز" لشركات المقاولة "كير" و"جاليفورد تراي" و"بابكوك" منذ كانون الثاني (يناير). حيث كشفت الشركات الثلاث عن أخطاء محاسبية في الأعوام الأخيرة.
من بين المدققين الآخرين الخاضعين للرقابة "كيه بي إم جيه" لشركة كاريليون و"ديلويت" لشركة ميتي وشركة المحاسبة متوسطة المستوى بي دي أوه، التي يتم التحقيق معها بشأن عمليات تدقيقها لـ"إن إم سي إن"، وهي شركة إنشاءات مدرجة في لندن وضعت تحت قانون الإعسار في تشرين الأول (أكتوبر).
قال نوبل فرانسيس، مدير الاقتصاد في "كونستركشنز برودكتس اسوسيشن"، وهي هيئة تجارية، إن هذه القطاعات كانت أكثر عرضة للإخفاقات لأن شركات المقاولات الكبرى، مثل "إنترسيرف" و"ميتي"، تفوز بالمشاريع بشكل رئيس وتديرها بدلا من تنفيذ العمل الفعلي المتعاقد عليه من الباطن مع الآلاف من شركات إدارة المباني أو المرافق الصغيرة.
قال، "الضغط للفوز بالعقود مرتفع لذا في الأغلب ما تقدم عروضا منخفضة القيمة، ما يقلل من تقدير تعقيد المشروع، ويؤدي إلى تأخيرات كبيرة، وإحداث تغييرات في المواصفات وتكاليف العمالة والمواد، بل يمكنها في بعض الأحيان إضافة كل هذا إلى الفاتورة لاحقا أو يمكن تعويضها عن طريق جني الأموال من مشاريع كبيرة أخرى، لكن الأمر لا ينجح دائما".
أشار المحاسبون إلى مستوى التقدير والحكم المطلوب، إضافة إلى صعوبة تحديد الوقت الصحيح لتسجيل الأرباح أو التكاليف من عقد متعدد الأعوام. قال أحدهم، "ربما تكون هذه أحد أصعب المجالات للتدقيق بها".
كما أكد مجلس التقارير المالية على معاملة إدارة الشركة للعقود طويلة الأجل. ففي بعض الحالات، اعتمد المدققون على ضوابط الإدارة على التقديرات المحاسبية دون اختبار مدى قوة تلك الضوابط، كما قال في تشرين الثاني (نوفمبر).
المعيار الدولي للتقارير المالية 15 – معيار محاسبي جديد تم تقديمه في 2018 – يجعل من الصعب تسجيل الإيرادات من بعض العقود قبل انتهاء العمل بالكامل، لكن المدققين والشركات لا يزالان يصارعان مع تنفيذه.
قال نيك هود، كبير المستشارين في شركة الاستشارات المالية أوبوس بيزنس سيرفيس جروب، وكبير المديرين الماليين السابق في شركة بوفيس لبناء المنازل، إن مدققي مجموعات الإنشاءات "تحت رحمة النوايا الحسنة أو السيئة للإدارة".
"تبدأ شركات المقاولة بعطاءات تجارية منخفضة قاتلة ثم تساوم العملاء والمشرفين التابعين لهم شهرا بعد شهر حول تسعير العمل. لذا فإن ما تجده في الميزانية العمومية لشركة الإنشاءات عبارة عن فقاعة ضخمة ومبهمة، وهي قيمة العقد، التي تم إصدار فاتورة بجزء منها، لكن لم يتم دفعها بعد وقد تكون محل نزاع، في حين أن الباقي عمل قيد التنفيذ".
"إن المجال المتاح للتلاعب بهذه الأرقام وخداع مدققي الحسابات والمقرضين وشركات تأمين القطاع هائل. إنه الجزء الأكثر أهمية في الميزانية العمومية لأي شركة إنشاءات ويتجاوز قدرة أي مدقق خارجي على كشفه. إن فرص العثور على مخالفات دون وجود مبلغ عنها ضئيلة للغاية".
من المرجح أن تتفاقم المشكلات نتيجة لكوفيد - 19 وارتفاع تكاليف المواد والعمالة والطاقة، التي تؤدي إلى زيادة عدد حالات الإفلاس في القطاع.
في تشرين الثاني (نوفمبر)، حدد مجلس التقارير المالية أن وجود "تراجع في الربحية وانخفاض الهوامش على عقود البنية التحتية الكبرى، إضافة إلى الضغوط التشغيلية والاقتصادية الناشئة عن كوفيد - 19" هو أحد العوامل في العدد المتزايد من التحقيقات.
بدأت سلسلة التحقيقات تفضي إلى فرض غرامات على المدققين. تم تغريم شركة جرانت ثورنتون 700 ألف جنيه استرليني من قبل هيئة تنظيم المحاسبة في المملكة المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) لإخفاقات عمليات التدقيق في شركة إنترسيرف، شركة التعاقدات الخارجية السابقة المدرجة في مؤشر فتسي 250 التي وضعت تحت قانون الإعسار في 2019 وهي في طور الإغلاق.
لكن في الأغلب ما يكون المقاولون الصغار هم من يدفعون الثمن الأعلى. كان كيفين ماكلوجلين، العضو المنتدب لمجموعة ماكلوجلين، شركة ديكور، مدينا بما يصل إلى 400 ألف جنيه استرليني لـ"كاريليون" عندما تمت تصفيتها. على الرغم من استمرار شركته، فقد أقر بأنه "محظوظ". وقال، "أعرف آخرين لم يتعافوا قط".
لم يتم بعد تحديد موعد جلسة محكمة "كاريليون". لكن مثل كثيرين آخرين ما زالوا يتصارعون مع تأثير انهيار شركة المقاولات، ستراقب مجموعة ماكلوجلين محاكمة "كيه بي إم جيه" عن كثب.

الأكثر قراءة