رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الأزمة الروسية - الأوكرانية والقبعات الأمنية «2 من 2»

تقول منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»: توجد علاقة وثيقة بين الأمن المائي وأمن الطاقة والأمن الغذائي، ما يعني أن الإجراءات والتدابير في جانب واحد من أضلاع الأمن الثلاثة - الطاقة والمياه والغذاء - قد يضع أحدا أو كلا الجانبين الآخرين تحت طائلة التأثير. ويطلق عليها أيضا التأثير المتبادل بين أمن الطاقة والمياه والغذاء Water, Energy and Food Security Nexus التي عادة ما تستهلك الوقت والجهد في سبيل الخروج بتوجه قومي يعطي كل ركن من أركان الأمن الثلاثة حقه. وفي حالة تفرد إحدى القبعات الأمنية بالسلطة والنمو المفرط، فقد تقع البقية في تأثر سلبي. دعونا الآن نرى بعض الأمثلة: تستخدم المياه في استخراج الوقود الأحفوري والتعدين والتكرير وتوليد الكهرباء، ويمكن إعادة استخدام المياه لتنمية المواد الأولية للوقود الحيوي في زراعة الغذاء. وفي حالة عدم الانتباه والاكتراث إلى التلوث ستتأثر المياه من مصادر الطاقة الأحفورية والنظم البيئية. وثمة حاجة إلى الطاقة في صناعة المياه لاستخراج ونقل وتوزيع ومعالجة المياه، وتختلف كثافة الطاقة للوصول إلى المتر المكعب من المياه بناء على الاستخدام. على سبيل المثال، يتطلب الوصول إلى المياه السطحية طاقة أقل بكثير من المياه الجوفية أو معالجة مياه الصرف الصحي أو تحلية مياه البحر، وبالتالي يراعى الجانب الاقتصادي في الأمن المائي. وفي الصناعات الغذائية، يعد إنتاج الغذاء أحد أكبر مستهلكي إمدادات المياه في العالم وتستهلك الزراعة 70 في المائة من المياه العذبة، وقد تقفز إلى 80 في المائة، بينما تعد الزراعة العشوائية مسؤولة عن كثير من الاستغلال المفرط للمياه. لقد أصبح الرابط بين الغذاء والطاقة واضحا تماما من خلال الأزمة الروسية - الأوكرانية حيث أدت الزيادات في أسعار النفط بسرعة كبيرة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ويمكن أن تكون لقطاع الطاقة آثار سلبية أخرى في قطاع الأغذية عندما يستخدم التعدين من أجل الوقود الأحفوري وإزالة الغابات من أجل الوقود الحيوي إلى تقليل الأراضي المخصصة للزراعة والتأثير في النظم البيئية والاحتياجات الأساسية. وبالمثل بين الطاقة والمياه وكذلك بين المياه والغذاء، والأخيرة تعد مرتعا خصبا للنزاع بين الصناعة والزراعة. وتجدر الإشارة إلى أن أسواق الطاقة والغذاء عالمية أو بمعنى آخر قابلة للتصدير والاستيراد، بينما غالبا ما تحكم سوق المياه في الجانب المحلي أو داخل البلد بسبب عدم الجدوى الاقتصادية للتصدير والاستيراد ولأسباب جيوسياسية متعددة.
وتجب إدارة هذه القبعات الأمنية الثلاث - الطاقة والمياه والغذاء - معا لأنها تمثل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة التي تضمن بقاء الإنسان ورفاهيته. وقد يضاف الأمن البيئي لتأكيد مفهوم التنمية المستدامة كما جاء في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي ينص على 17 هدفا من أجل التنمية المستدامة في مجالات الحياة المختلفة والموازنة بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وبالمناسبة يعد قياس عامل العلاقة Nexus Factor بين أمن الماء والطاقة والغذاء معقدا للغاية، حيث إن القطاعات المكونة للطاقة والمياه والغذاء تقاس بوحدات مختلفة وتحت ظروف متغيرة في الزمان والمكان ولا تزال محل دراسة وتطوير. وفي الختام، لقد أدارت المملكة ملفات الأمن المختلفة بكل حنكة واقتدار، ولعلنا نرى تخطيها أزمات عالمية متعددة، مثل جائحة كورونا وغيرها بما يحوي قوة ملف الأمن وسلاسل الإمداد، ولقد سطرت في رؤية المملكة 2030 بالتأكيد من خلال برامجها ومعايير الأداء على تأصيل أمن الطاقة والأمن المائي والأمن الغذائي، بل حرصت على ضمان إمداد أسواق البترول وأمن الطاقة العالمي في ظل الجوائح والأزمات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي