قيود مشددة تعترض طريق عقار بايوجين المثير للجدل

قيود مشددة تعترض طريق عقار بايوجين المثير للجدل
مجموعة التكنولوجيا الحيوية أعلنت عن تخفيضات في التكاليف تبلغ 500 مليون دولار. "جيتي"

لعقود من الزمان، كان على مرضى ألزهايمر التعامل مع مرض موهن دون توقع أي علاج يبطئ شدة تقدم هذا المرض.
بدأ دواء مثل ذلك يلوح في الأفق عندما وافق المنظمون الأمريكيون العام الماضي على دواء آديوهيلم الذي تطوره شركة بايوجين. مضت الشركتان المنافستان إيلي ليلي واليابانية إيساي وقامتا بإجراء تجارب سريرية على علاجات مشابهة، وقالتا إنهما ستتقدمان أيضا بطلب للحصول على موافقة سريعة من إدارة الغذاء والدواء.
لكن مستقبل هذه الفئة الجديدة من الأدوية لمرض يعانيه نحو 50 مليون شخص في سائر أنحاء العالم يواجه طريقا صعبا نحو تبنيها على نطاق واسع، وذلك بعد أن فرضت الوكالة التي تتحكم في الإنفاق من البرامج الصحية الممولة من الحكومة في الولايات المتحدة قيودا صارمة على تمويل هذه الأدوية.
أصدرت وكالة مراكز الرعاية الطبية والخدمات الطبية "سي إم إس" قرارا رسميا يحد تعويض تكاليف عقار شركة بايوجين فقط على بضعة آلاف من المرضى المسجلين في التجارب السريرية بدلا من ستة ملايين مصاب بألزهايمر حسب التقديرات في الولايات المتحدة.
قرار الوكالة يضر "بايوجين" لأن معظم مرضى ألزهايمر هم من كبار السن وبالتالي يشملهم برنامج الرعاية الطبية الذي تموله الحكومة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر. كانت مجموعة التكنولوجيا الحيوية قد أعلنت بالفعل تخفيضات في التكاليف تبلغ 500 مليون دولار في أعقاب مشروع القرار الذي صدر في كانون الثاني (يناير) الذي أنذر بفرض قيود على الدواء، الذي تبلغ تكلفته للمريض 28 ألف دولار في العام.
أما الوكالة، التي خالفت الاتفاقية التي تقر بوجوب تمويلها للأدوية المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء، فقد أشارت إلى "احتمال وجود أضرار" للعلاج، من الصداع إلى نزيف في المخ، فضلا عن شكوكها بشأن مدى فاعليته.
هذا القرار لا يشمل فقط آديوهيلم، وهو أول علاج لمرض ألزهايمر تتم الموافقة عليه منذ 2003، بل يشمل كذلك الأدوية الأخرى قيد التطوير التي تعتمد على "فرضية الأميلويد". تقول الفرضية إن المرض ناجم عن تكون لويحات لزجة في الدماغ تسمى بيتا أميلويد.
قالت "سي إم إس" إن الأدوية المشابهة المعتمدة بموجب عملية الموافقة المستعجلة لإدارة الغذاء والدواء ستخضع للقيود نفسها التي خضع لها دواء آديوهيلم.
مع ذلك، في تخفيف منها لمشروع القرار الصادر في كانون الثاني (يناير)، قالت الوكالة إن العلاجات المعتمدة من خلال عملية الموافقة المعيارية لإدارة الغذاء والدواء التي أظهرت دليلا على أن لها فائدة سريرية ستتم تغطيتها للمرضى الذين يشملهم برنامج الرعاية الطبية دون تسجيلهم في تجارب سريرية.
قال لي فليشر، كبير المسؤولين الطبيين في وكالة سي إم إس، "يقصد من هذا المسار طويل الأمد أن يكون نشطا وأن يستجيب لأي عقاقير جديدة قيد التطوير من هذه الفئة التي تظهر فوائد في التجارب السريرية".
انتقدت صناعة الأدوية "سي إم إس" بعد مشروع اقتراحها، محذرة من أن مثل هذه القيود تهدد بتأخير العلاج وتثبيط التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر. قالت أيضا إن هذه الخطوة ستتأثر "بالعزوف" عن الأبحاث من الشركات التي تطور عقاقير جديدة.
"إن ما فعلته وكالة سي إم إس هو حقا أمر غير مسبوق باقتراحها عدم توفير تغطية لدواء معتمد من إدارة الغذاء والدواء"، كما قالت آن وايت، رئيسة شركة ليلي نيوروساينس، في مقابلة قبل وقت قصير من إصدار الوكالة قرارها النهائي. أضافت، "مصدر القلق هذا لا تسمعه فقط منا، بل أيضا من الآخرين في هذا المجال".
حذرت شركة بايوجين من أنه إذا لم تعدل وكالة سي إم إس قرارها الأصلي، فسيتعين على معظم المرضى الانتظار لمدة تصل إلى خمسة أعوام حتى يصبح دواء آديوهيلم متاحا على نطاق واسع. وأضافت أنه بحلول ذلك الوقت، سيكون كثير من هؤلاء المرضى في مرحلة أكثر حدة من المرض ولن يستفيدوا حينها من الدواء.
قال شيرفي جيندو، مدير تنفيذي في بايوجين، "يمكنهم - وكالة سي إم إس - أن يستلهموا قراراتهم مما تم فعله في حالة مرض السرطان. كان لدينا في ذلك الوقت أكثر من 200 دواء تم منحها موافقة سريعة، بالتالي قدم ذلك للمرضى وأطبائهم عدة خيارات".
حث مشروع قرار الوكالة الشركات على إعادة تقييم ما إذا كان التقدم بطلب للحصول على موافقة سريعة يستحق كل هذا العناء. في شباط (فبراير)، قالت شركة ليلي إنها ستؤخر التقدم بطلب للحصول على موافقة سريعة على دواء دونانيماب، كان متوقعا أن تتقدم بالطلب قبل نهاية الشهر الماضي.
قالت راشيل دودي، الرئيسة العالمية لقسم التنكس العصبي في شركة روشه، في مقابلة إن الشركة لن تسعى للحصول على موافقة سريعة لدوائها المرشح جانتينيروماب. وبدلا من ذلك، سيتبع الدواء المسار المعتاد للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء، ما يعني انتظار النتائج من تجارب المرحلة المتأخرة المقرر إجراؤها هذا العام.
قد يخسر صانعو الأدوية مليارات الدولارات من العوائد. توقع محللون أن يحقق دواء دونانيماب نحو خمسة مليارات دولار من المبيعات السنوية بحلول 2028 في حال تمت الموافقة عليه. في مرحلة ما، كان من المتوقع أن يحقق دواء آديوهيلم تسعة مليارات دولار في ذروة الإيرادات السنوية، وفقا لتقديرات إجماعية من العام الماضي.
يدافع كثير من الباحثين في مرض ألزهايمر عن قرار وكالة سي إم إس ويشككون بشدة في قرار إدارة الغذاء والدواء بالموافقة على دواء آديوهيلم ضمن إطار الموافقة السريعة. خلصت وكالة تنظيم الأدوية إلى أن الدواء كان فقط "من المحتمل بشكل معقول" التنبؤ بفوائده السريرية، وقالت إن هناك حاجة إلى مزيد من التجارب للتأكد من تلك الفوائد.
قال آرون كيسيلهايم، الأستاذ في كلية الطب في جامعة هارفارد، "قرار الموافقة هذا على الدواء ربما هو الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الحديث". وكيسيلهايم هو واحد من ثلاثة أعضاء في لجنة تقدم المشورة لإدارة الغذاء والدواء بشأن العقار الذين استقالوا منها احتجاجا على موافقة الوكالة عليه.
يقول المنتقدون إن هناك القليل من الأدلة القاطعة على أن إزالة لويحات الأميلويد يبطئ تطور مرض ألزهايمر ويحذرون من أن قرار إدارة الغذاء والدواء قد يشكل سابقة ضارة.
قال مايكل كاروم، مدير البحوث الصحية في بابليك سيتيزن، وهي مؤسسة فكرية تقدمية، "كانت هذه الموافقة متهورة وخطيرة. إنها خفضت معايير الموافقة على الأدوية لعلاج مرض ألزهايمر، ولهذا السبب ترى كل هذا الاندفاع من الشركات التي تستهدف بيتا أميلويد في الدماغ".
لكن المجموعات المؤازرة لمرضى ألزهايمر تشعر بالقلق من أن بعض المرضى، خاصة من الأقليات وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية، سيحرمون من العلاج لأنهم أقل احتمالا للتسجيل في التجارب السريرية.
في الشهر الماضي، بثت منظمة يو إس أجينست ألزهايمر، وهي مجموعة مؤازرة، إعلانا تلفزيونيا لشن حملة ضد مشروع قرار وكالة سي إم إس، بينما أرسلت مجموعة تضم 74 جمهوريا في الكونجرس خطابا إلى إدارة جو بايدن يحثونها على "التخلي عن القرار وإعادة صياغته".
قال ديواين ناش، وهو طبيب أسرة سابق تم تشخيصه بمرض ألزهايمر، ربما كان ينبغي لإدارة الغذاء والدواء أن تنتظر صدور بيانات أكثر دقة قبل الموافقة على دواء آديوهيلم. لكنه قال بعد أن تمت الموافقة على الدواء الآن إنه يجب على الوكالة دفع ثمنه.
قال ناش، وهو أحد المشاركين في التجارب السريرية لدواء آديوهيلم، "يشبه مرض ألزهايمر المراحل الأخيرة من السرطان.. الناس على استعداد لأخذ الأدوية في مرحلة التجربة في سبيل إبطائه، وكسب بعض الوقت مع العائلة، والعيش لستة أشهر أخرى، أو عام أو عامين".

الأكثر قراءة