جيمس أندرسون .. ما الذي يجعل رائد الأعمال عظيما؟

جيمس أندرسون .. ما الذي يجعل رائد الأعمال عظيما؟
جيمس أندرسون .. ما الذي يجعل رائد الأعمال عظيما؟

مرتديا قميصا أزرق فاتحا وسترة زرقاء داكنة، يمكن أن يكون الرجل البالغ من العمر 62 عاما الجالس مقابل المنضدة في مطعم سيزارينا في بولونيا أي زائر بريطاني يستمتع بفن عمارة المدينة الذي يعود إلى العصور الوسطى وأشعة الشمس الإيطالية في آذار (مارس). لا تبدو عليه علامات واضحة تدل على الشهرة أو الثروة. لكنني أواجه شخصا ثوريا - ناجحا أيضا.
إن جيمس أندرسون هو نجم غير متوقع في الاستثمار التقني. متجاهلا حشودا من المعارضين، قام بمراهنات مبكرة كبيرة على أمثال “أمازون” و”تسلا” عندما كانت أسهمهما لا تزال تمثل صفقة جيدة - وتمسك بها لأعوام قبل أن تحقق أرباحا. من خلال هذه الرهانات المتناقضة، ساعد على تحويل شركة بيلي جيفورد ومقرها إدنبرة إلى إحدى كبرى شركات إدارة الصناديق في المملكة المتحدة. يبدو أندرسون كأنه رجل من عصر النهضة، حيث يهنأ عندما يناقش إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا عن الأدب الفرنسي في القرن الـ19، ويشارك بشكل كبير في رعاية شركة بيلي جيفورد للمهرجانات الأدبية وجائزة للأدب غير الروائي.
إذا كيف أمكن لهذه الشخصية العامة اللطيفة، التي يشبه أسلوبها أسلوب الأستاذ المستقل بدلا من مدير الصندوق المتعجرف، أن تركب موجة التقنية وتشرف على زيادة قدرها 15 ضعفا في أصول “بيلي جيفورد” الخاضعة للإدارة على مدى العقدين الماضيين؟
نتمعن في قائمة الطعام الطويلة. يوصي أندرسون بطبق “فانتازيا دي كاركيوفي” - مجموعة مختارة من الخرشوف - وأنا حريص على تجربة المورتديلا، التي نشأت في بولونيا. بناء على اقتراحه، قررنا مشاركة طبق من اللحوم الإيطالية المقددة والفنتازيا. بالنسبة إلى الطبق الرئيس، طلبت معكرونة “تاجلياتيلي ألا بولونيز” واختار أندرسون “فريتو ميستو” - السمك المقلي.
أتى أندرسون إلى هنا لأول مرة منذ أكثر من 40 عاما، طالب دراسات عليا في الحرم الجامعي الأوروبي في جامعة جونز هوبكنز. في ذلك الوقت كان حديث التخرج من جامعة أكسفورد بشهادة في التاريخ وليست لديه فكرة عما يريد أن يفعله.
جاء أقرانه من جميع أنحاء العالم. يقول: “شعرت كأنني أتعلم من 30 اتجاها مختلفا”. “ففكرة وجود طرق مختلفة لتفسير أي مجموعة من المعلومات، بدلا من وجود طريقة واحدة صحيحة، مهمة للغاية”.
لقد صنع أندرسون اسمه من خلال القيام برهانات صبورة على الشركات التي يقودها مؤسسها التي ستحقق مكاسب هائلة تشكل المستقبل. في البداية نظر إلى وادي السيليكون. في الآونة الأخيرة وجه كل إمكاناته نحو الصين. سيتقاعد في وقت لاحق من هذا الشهر بسجل حافل وممتاز، ما جعله شخصية مرموقة بين مستثمري التجزئة.
إلى جانب توم سلاتر، يشارك أندرسون في إدارة صندوق الاستثمار العقاري الاسكتلندي البالغة قيمته 16.7 مليار جنيه استرليني، الذي تم تشكيله في 1909 لتمويل مزارع المطاط وهو الآن أحد مكونات مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في حد ذاته. قاد حركة رائدة منذ نحو عقد في استثمارات رأس المال المغامر، الأمر الذي أتاح للمستثمرين العاديين وصولا رخيصا إلى الشركات الواعدة مثل” بايت دانس” و”نورث فولت” و”سترايب” و”سبيس إكس” قبل أن تصل إلى الأسواق العامة - وهو أحد الأشياء التي يقول إنه يفخر بفعلها. فيما يزيد قليلا على عقدين من إدارته لها، سجلت شركة سكوتيش مورجيج عائدا 1371 في المائة للمساهمين، مقارنة بـ343 في المائة لمقياس مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم العالم. لكن عمليات بيع أخيرة أدت إلى إزالة بعض بريق سكوتيش مورتجيج. إذ يتقاعد أندرسون وقيمتها منخفضة بنحو الخمس على مدار الـ12 شهرا الماضية، حيث أدت التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض أسهم التكنولوجيا. يتساءل المشككون عما إذا كانت بعض السمات التي جعلتها ناجحة للغاية قد نفدت منها الحماسة.
عندما تحدثت إلى أندرسون في تشرين الثاني (نوفمبر)، حث المستثمرين على عدم “التخلي عن الصين”، على الرغم من القمع الشامل من قبل الرئيس شي جين بينج. لكن حتى بعض المعجبين بأندرسون قلقون من أنه مسحور للغاية برجال الأعمال الذين يراهم في الصين - وقد استثمر الكثير في نجاحهم - لدرجة أنه يتجاهل المخاطر السياسية للاستثمار في البلد.
يقول: “أعترف بشكل كامل أن الأشهر القليلة الماضية لم تكن بالضرورة ما كنت أرغب فيه أو ما أتوقعه”.
في عهد أندرسون، تطورت شركة بيلي جيفورد من شراكة اسكتلندية قديمة الطراز إلى شركة استثمار تختلف اختلافا جذريا عن كل من شركات الإدارة النشطة الأخرى والشركات الفرعية العملاقة القابضة التي تتتبع أحد المؤشرات. يقول إن الأمر الحاسم هو أن المجموعة كانت منفتحة، وعمقت علاقاتها مع الشركات والأوساط الأكاديمية.
لدى أندرسون عدد لا يحصى من الحكايات عن لقاءات مع رجال الأعمال الجريئين. يتذكر مؤسس تطبيق توصيل الطعام الصيني “ميتوان”، الذي جاء إلى إدنبرة و”أراد أن يختبرني عن الاختلافات بين التنوير الاسكتلندي والإنجليزي”. وفي مرة أخرى، زار أندرسون مؤسس مجموعة وسائل التواصل الاجتماعي الصينية بايت دانس: “كان هناك هذا الرجل المحترم الصغير المتواضع وهو يغفو على هذا المكتب. كانت رؤيته للوجهة التي يمكن أن تتخذها (الشركة) مختلفة تماما”.
لم تكن هذه الأحاديث الخاصة سهلة دائما. يتذكر أندرسون “المحادثات الصعبة” مع ماسك في 2018، عندما اتهم رئيس شركة تسلا أحد المتطوعين المشاركين في عملية إنقاذ الكهف التايلاندي باستغلال الأطفال. “أعتقد أنه شعر بأنني كنت أقول إنه بحاجة إلى المساعدة أكثر مما كان يعتقد أنه بحاجة إلى المساعدة”. ويضيف: “إنني أعتقد أن ما فعله كان استثنائيا حقا”.
يصل الطبق الأول: طبق من اللحوم المقددة وثلاثي من مقبلات الخرشوف - سلطة الخرشوف الطازجة مع شرائح البارميزان، والخرشوف المطبوخ بالكامل وموس الخرشوف الدافئ مع الخرشوف المقلي المقرمش على الطريقة الرومانية.
سافر أندرسون أيضا لمحاولة فهم كيفية بناء الشركات العظيمة بشكل أفضل، وقضى فترات طويلة في الولايات المتحدة وأعواما في مدن مثل برلين وأمستردام. يشعر أندرسون بالأسف لأن الجائحة أفسدت خطته للذهاب إلى هانجتشو في الصين والعيش في باريس لمدة عام.
كان أندرسون يسلي نفسه بقراءة روايات إميل زولا. يقول إنه انجذب إلى “الطبيعة الاستثنائية لأدب الخيال الفرنسي مقارنة بالإنجليزي في القرن الـ19 - هناك انتصار مطلق وكارثة مطلقة في آن واحد. لا يوجد أناس يريدون الانضمام إلى الطبقة الوسطى. لا يمكن أن يكون بعيدا عن جين أوستن أو جورج إليوت. في زولا، إما أن تصبح أغنى شخص في فرنسا وتصبح جزءا من الطبقة الأرستقراطية أو تموت. أجد هذا الأدب أكثر جاذبية. فتنوع الحياة فيه أكبر بكثير”.
بينما نستمتع بالمقبلات، يتطرق أندرسون إلى بعض التأثيرات الأكاديمية الكبيرة على شركة بيلي جيفورد. هناك هندريك بسمبايندر، أستاذ في جامعة ولاية أريزونا، وجد أنه على مدى عقود عديدة، تأتي الأغلبية العظمى من عوائد سوق الأسهم من نسبة ضئيلة من الأعمال. هناك عمل آخر قام به معهد سانتا في نيو مكسيكو، أظهر أن الشركات القائمة على المعرفة اليوم تميل إلى إظهار عوائد قياسية متزايدة: أي أن عوائد الرابحين أصبحت أسية وليست خطية.
يقول إن كل هذا شجع بيلي جيفورد على محاولة تحديد أكبر عدد ممكن من الشركات “الخارجة عن المألوف” - وهي مختلفة تماما عن معظم شركات إدارة الصناديق التي لديها محفظة متنوعة من الرهانات. لكن إذا كنت تراهن على رهانات كبيرة على عدد قليل فقط من الشركات، فمن الأفضل أن تتأكد من أنك تثق بنفسك لتحديد الشركات الصحيحة، فأنا أغامر. يجيب أندرسون: “كنت سأتقبل تماما أنه عليك القيام بأمر شجاع وجذري وربما مفرط في التفاؤل في بعض الأحيان بشأن قدرة المرء على القيام بذلك”. إن سمعته في كونه حازما جدا ولا يتسامح مع من يعدهم حمقى قد تسبب في الإزعاج للبعض داخليا، لكن ذلك بلا شك ساعده على تحقيق هذه الرؤية. في الأعوام الأخيرة، أصبح الاستثمار في النمو - الذي يميل إلى التركيز على الشركات حديثة العهد وذات الإمكانات الكبيرة في المستقبل - أكثر رواجا، حيث دفع سخاء البنك المركزي أسهم التكنولوجيا غير المربحة نحو تقييمات مذهلة وحاولت صناديق التحوط والأسهم الخاصة الخوض في هذه الأحداث. كان رد أندرسون هو التساؤل عما إذا كان مستثمرو النمو الآخرون “يتمتعون بالمرونة للاستمرار في القيام بذلك في بعض الأوقات كالآن”.
أما رسالته التي يوجهها للمستثمرين فهي تجاوز التقلبات والتركيز على المدى الطويل. حيث يقول: “آخر شيء أريد أن أشير إليه هو أنه لن تكون هناك فترات من الألم”. حيث لا يشبه البيع المكثف الحالي لأسهم التقنية أي شيء آخر شهده في حياته المهنية. سواء كان ذلك انهيار الشركات التجارية على الإنترنت أو الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، إذ يقول أندرسون إنه لم يشهد أبدا وقتا تتحرك فيه جميع الأسهم بشكل متقارب مع بعضها بعضا، بغض النظر عن إمكاناتها المستقبلية، “حيث إن أي شيء وبكل صراحة سيوجد هذه القيم المختلفة على المدى الطويل قد تم تجاهله”.
بحلول هذا الوقت قمنا بتنحية أطباق المقبلات إلى أحد أطراف الطاولة وسألت أندرسون عن الكيفية التي يعتقد بها أن الحرب الروسية - الأوكرانية ستغير المشهد بالنسبة إلى المستثمرين. توقف أندرسون لوهلة قبل الإجابة عن السؤال.
ثم قال: “لا أعتقد أن سجل “الخبراء” في إصدار الأحكام حول هذا الأمر يعد جيدا جدا”. وتابع قائلا: “وأنا محرج للغاية من الطريقة التي تعتقد بها صناعة إدارة الأموال أنها تعرف الإجابات عن كل هذه المسائل. أعتقد أنه ظرف صعب للغاية (...) حيث يمكنك أن تتوقع حدوث أي شيء من كارثة نووية إلى انهيار روسيا”.
يحاول أندرسون عدم القلق بشأن تحركات السوق على المدى القصير أو عدم التكهن بالجغرافيا السياسية لأن هذا ينتقص من اتخاذ قرارات استثمارية جيدة على المدى الطويل. “ربما أكون أكثر تشككا في قدرتي على إصدار أحكام مناسبة على مثل هذه الأمور أكثر من شكوكي بشأن اختيار الشركات والمؤسسين الذين سأقدم لهم الدعم”.
مع تنحية أطباق المقبلات، تحولت المحادثة إلى ما يجعل رائد الأعمال عظيما.
يقول أندرسون: “لطالما أحببت هذه الجملة في أحد كتب السير جون كاي (الاقتصادي البريطاني وعضو مجلس إدارة الرهن العقاري الإسكتلندي السابق) حول كيف أن الشركات هي على العكس من آنا كارنينا: فالشركات العظيمة متميزة بينما جميع الشركات العادية يشبه بعضها بعضا”.
يقول: “في الواقع أعتقد من نواح مختلفة أن أفضل مستثمر، وليس فقط رجل أعمال، شهدته الـ30 عاما الماضية هو جيف بيزوس”.
يرجع أندرسون بذاكرته عندما حضر مأدبة عشاء صغيرة في مؤتمر صن فالي في أيداهو في 2013، وحينها أوضح مؤسس أمازون كيف أن المكونات الرئيسة للشركة، مثل قوة المعالجة وعرض النطاق الترددي ومساحة القرص المستخدمة في الحواسيب، تصبح أرخص مرتين كل 12 إلى 18 شهرا – وهو مثال على قانون مور. “ثم توقف بيزوس عن الكلام لحظة وأضاف بعدها: لا أعلم إلى أين سيأخذنا هذا، لكنني أعلم أنه سيكون مثيرا”.
نظرت بيلي جيفورد أولا إلى وادي السيليكون ومنذ ذلك الحين غامرت إلى أماكن أبعد من ذلك، ولا سيما في الصين. يقول أندرسون: “أجد بعض رواد الأعمال في الصين متشابهين جدا بهذا الخصوص”.
أضاف: “نحن جميعا في الوقت الحالي منشغلون جدا في البحث عن الاختلافات بين الصين وأنفسنا، لكنني أعتقد أن الشخصيات المعنية بهذا والدوافع من ورائها هي نفسها”.
لكن سياسة “الرخاء المشترك” التي ينتهجها الرئيس الصيني شي زادت من مخاطر تدخل الحكومة في القطاع الخاص، ومن غير الواضح ما الذي سينتج عنها. في العام الماضي، كانت بيلي جيفورد من بين المستثمرين الأجانب الذين أصيبوا بالصدمة عندما أعلنت السلطات الصينية الأمور التي ترقى إلى درجة الحظر المفروض على قطاع التعليم الربحي. فيما تمتلك الحكومة الصينية الآن حصة في واحدة من استثماراتها، وهي بايت دانس، الشركة المالكة لتطبيق “تيك توك”.
يعترف أندرسون بخطئه في تقدير الحملة القمعية على قطاع التعليم – حيث كان ينبغي عليهم توقع حدوث ذلك. لكنه يضيف: “ربما أشعر بالقلق إزاء تداعيات انفصال الغرب، خاصة أمريكا، عن الصين أكثر من قلقي بشأن سياسة “الرخاء المشترك”.
يحضر النادل أطباقنا الرئيسة. أمام أندرسون كومة ضخمة من الحبار المقلي وفوقه وضع قريدس عملاق. “إن الطبق لا يشبه أبدا السباجيتي بولونيز”، يقول ذلك ضاحكا وهو يشير إلى طبق معكرونة التاجلياتيلي خاصتي. بينما أتناول المعكرونة بإتقان، تطرقنا إلى سؤال آخر كان يثير قلقه على مر الأعوام: لماذا لم تنشأ في المملكة المتحدة أي من شركات التكنولوجيا العملاقة؟
تراوح إجابة أندرسون من مكانة سوق الأسهم البريطانية كآلة لإعادة تدوير رأس المال من خلال إعادة شراء الأسهم وإغداق الأرباح الزائدة بدلا من إنشاء الشركات، وثقافة ريادة الأعمال التي لا تحلم بالقدر الكافي والافتقار إلى قدوة محلية من أمثال السويدي دانيال إيك أو الفرنسي كزافييه نيل. مع ذلك، “أعتقد أن غياب إقامة العلاقات والمعارف هو ما أذهلني كثيرا بالفعل، مقارنة بالساحل الغربي لأمريكا تحديدا”.
ينتقد أندرسون الطبيعة “الإلزامية” التي تتصف بها الأطر البيئية والاجتماعية والحوكمة، التي تجعل من الصعب على الشركات “بناء تميزها”، لتجذب المستثمرين، مجادلا بأن صناعة إدارة الأموال في المملكة المتحدة تفضل تلقي أرباحا للدخل بدلا من إعادة استثمارها من أجل النمو. يعني هيكل الرسوم الخاص بها أنه “يمكنك أن تكون عند مستوى متوسط تماما، لكنك تكسب كثيرا من المال على الرغم من ذلك (...)، وبالتالي فإن الحافز هو الحفاظ على وظيفتك بدلا من القيام بما قد تنطوي عليه المغامرة”. بالطبع، هذا موجود في أمريكا أيضا، يقول وهو يتابع حديثه، ولكن بسبب الحجم الهائل للسوق، “لديك ما يكفي من القيم المتطرفة”. إلى هنا كنا قد تحدثنا لمدة ساعتين وذلك عندما طلبنا قهوة الإسبريسو. ثم تحولت المحادثة لتصبح عن الحياة بعد الحديث عن شركة بيلي جيفورد. فقد أصبح أندرسون رئيسا لشركة الاستثمار السويدية “كينيفيك”، وفي العام الماضي انضم إلى مجلس إدارة نادي “هارت أوف ميدلوثيان” لكرة القدم. كان أندرسون من كبار المستفيدين من كرة القدم الاسكتلندية بسبب إيمانه بالأهمية الاجتماعية للعبة.
قال إن كرة القدم تتخطى الانقسامات الطبقية الناجمة عن الثروة، وتحاول إقامة روابط متميزة للتواصل عبر المجتمع، من أجل تغذية المشاعر والأمور والأعمال الحقيقية”.
ثم انتقلنا للحديث عن احتمالية حصول اسكتلندا على استقلالها، يقول أندرسون - الذي نشأ في إنجلترا ولكنه أقام في إدنبرة على مدار العقود الأربعة الماضية - إنه “لا يتعاطف كثيرا مع الحكومة الحالية في ويستمينستر”. في حين أنه “عاطفيا يؤيد (الاستقلال) إلى حد ما”، إلا أن الانفصال عن الاتحاد “سيكون دراماتيكيا للغاية” و”سيجعل الآفاق الاقتصادية قاتمة جدا”. مع ذلك، “في عالم خيالي حيث تكون في السلطة حكومة عمالية ليبرالية، ويمكن لاسكتلندا أيضا أن تنضم إلى أوروبا، عندها أعتقد أن الاستقلال سيكون مفيدا”.
الآن نحن آخر من تبقى في المطعم من الزبائن.
قمت بدفع الفاتورة وذهبنا لنتجول تحت أشعة الشمس. حين افترقنا، بدأت أفكر كيف أن التوقيت هو أهم شيء في إدارة الصندوق. لو كان أندرسون قد تقاعد العام الماضي، لكان قد تنحى قبل أن يتصدر سوق التكنولوجيا. أما الآن فيبدو توقيت رحيله أكثر غموضا.
قبل عام، عندما كان أداء شركة سوكتيش مورجيج يحلق عاليا، وحين سئل أندرسون عن ذلك لم يكن راضيا، واسترجع بذاكرته رده حينها قائلا: “نحن لا نفكر في الأمر حقا بتلك الطريقة، الأمر يتعلق بالبت في الاستثمار التالي”. وتابع بالقول: “بعد الإدراك المتأخر، كان يجب أن أضيف، أنه سيأتي موعد لتسوية الديون دائما (...) لكن أعتقد أنه إذا كان بإمكانك تحمل ذلك، وإذا كان لديك عملاء ومدخرون فيمكنهم تحمل ذلك أيضا، فإن محاولة العثور على الأفضل من بين الشركات الرابحة هي أفضل طريقة للاستثمار”.

الأكثر قراءة