ما علاقة الشيخوخة بالتوتر؟
يبدو أن الأحداث السيئة التي تسببها الظروف المناخية الشديدة تترك بصماتها على جهاز المناعة. مستعمرة القرود التي نجت من إعصار ماريا، الذي دمر بورتوريكو في 2017، أظهرت علامات شيخوخة مبكرة، وفقا لدراسة حديثة. يضيف هذا الاكتشاف إلى مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تشير إلى أن التوتر والصدمات من أي نوع، بما في ذلك تلك الناجمة عن الظواهر الجوية شديدة الخطورة، قد تقصر الأعمار.
أكثر من ألف من قردة مكاك ريسوسي تجوب جزيرة كايو سانتياجو، قبالة سواحل بورتوريكو. تدير هذا المكان سلاسة من القرود المنحدرة من تلك التي تم شحنها من الهند في 1938، والمكان محظور على البشر باستثناء الباحثين. من خلال إدارة جامعة بورتوريكو بشكل أساس، يتم سحب عينات الدم من القردة بانتظام.
تمكن باحثون من مقارنة العينات المأخوذة قبل الإعصار وبعده. كان نمط التعبير الجيني في الخلايا المناعية ذا أهمية خاصة، فهو يتغير مع تقدم العمر، ويرتبط بظهور الأمراض المرتبطة بالعمر مثل مرض ألزهايمر. مثلا، تظهر الجينات المرتبطة بالالتهاب نشاطا متزايدا. أظهرت الحيوانات التي ضربها الإعصار، في المتوسط، أنماطا نموذجية لأنماط ما قبل العاصفة التي كانت أكبر بعامين.
بعبارة أخرى، يبدو أن العاصفة "تقدم عمر" الناجين لمدة عامين، أي ما يعادل تقريبا سبعة إلى ثمانية أعوام بشرية. وجدت الدراسة، التي قامت بها مارينا وارتويت في جامعة واشنطن، أن تقدم عمر بعض القرود في العمر أسرع من غيرها، يخطط العلماء الآن للبحث فيما إذا كانت الروابط الاجتماعية قد أثرت في المرونة المناعية.
تقول البروفيسورة جانيت لورد، من معهد الالتهابات والشيخوخة في جامعة برمنجهام، إنه من المعقول استنتاج أن الظواهر الجوية شديدة الخطورة قد تؤثر سلبا في الناس أيضا. قالت، "نحن نعلم أن الإجهاد البدني والعاطفي يجعل الناس يشيخون، ليس فقط من الناحية المناعية لكن من الناحية البيولوجية ككل".
تعد دراسة كيفية تأثير التوتر في الشيخوخة والصحة والعمر مجالا جديدا نسبيا، لكن الأدلة الناشئة تبدو متسقة، حسبما تقول لورد. الأشخاص الذين يعانون أحداثا أرهقتهم للغاية، مثل حوادث المرور أو الهجمات الإرهابية، قد تكون أعمارهم أقصر ويستسلمون مبكرا نسبيا للأمراض المرتبطة بالعمر. درست لورد بالغين أكبر سنا يعانون كسورا في الورك، بعد ستة أشهر من الإصابة، كما تقول، يظهر كثير منهم شيخوخة قابلة للقياس في أجهزتهم المناعية.
هناك نوعان من الدوافع الرئيسة، الالتهاب وهرمونات التوتر. الإصابات تثير الالتهاب، وهو عامل معروف في الشيخوخة، ويمكن أن يستمر لفترة طويلة. الصدمة النفسية يمكن أن تسبب ارتفاع هرمونات التوتر مثل الكورتيزول لفترات طويلة، وهي خاصية أخرى مرتبطة بالشيخوخة.
المرضى الأكبر سنا هم الأكثر تضررا في كلا السيناريوهين، أولا، هم أكثر ميلا إلى المعاناة من الالتهاب بعد الإصابة من المرضى الأصغر سنا. ثانيا، هم أقل قدرة على إنتاج هرمونات مقاومة للتوتر، وبشكل أساس "ديهيدرو إيبي أندروستيرون"، لموازنة الكورتيزول. توضح لورد، "نحن نستمر في إفراز الكورتيزول لكننا نفرز هرمون ديهيدرو إيبي أندروستيرون بشكل أقل عندما نصبح في عمر30 عاما تقريبا". أضافت، "هذا هو السبب في أننا نصبح أقل كفاءة في التعامل مع التوتر مع تقدمنا في السن".
مثلما تمر النساء بسن اليأس، يواجه جميع البشر " انخفاضا في إفراز أندروجينات الغدة الكظرية مثل ديهيدرو إيبي أندروستيرون". مثلما يمكن للعلاج بالهرمونات البديلة أن يصلح النقص في هرمون الإستروجين، تخطط لورد لاختبار ما إذا كان إعطاء مكملات هرمون ديهيدرو إيبي آندروستيرون لكبار السن بعد إصابة شديدة يمكن أن يوقف التدهور المرتبط بالتوتر. تجري حاليا دراسة جرعات الأولية.
الرسالة الرئيسة هي أن التوتر ضار بصحة الإنسان، خاصة بالنسبة إلى الذين لم يعودوا في مرحلة الشباب المرنة. تعتقد لورد أنه يجب على المجتمعات أن تحاول بفاعلية تقليل مستويات التوتر، ليس فقط من خلال بذل قصارى جهدها لمنع الأزمات الشديدة مثل الأعاصير والحروب بل أيضا من خلال معالجة المخاوف اليومية التي يشعر بها الذين يعيشون في ظروف صعبة.